يعيش الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذه الأيام محنة شديدة، فما يواجه من عواصف وما يُوجه له من سهام فوق الاحتمال، فهناك ثمانية اتهامات تُوجه له يكاد يكون في مكمن رميها.. بعضها يتعلق بالتهرب الضريبي والآخر بالتزوير وأما الأهم والأخطر فهو ما يتعلق بالرشى الانتخابية واستخدام المال للتأثير في العملية الانتخابية.
تلك هي السهام التي ما إن تصبه -وكادت- حتى يجد ترمب نفسه في دوامة إجراءات العزل الرئاسي التي ستسبق محاكمته أما العواصف فتلك التي تسبب فيها كتاب ومقال.. الكتاب للصحافي الأميركي الأشهر بوب وود ورد واسمه الخوف، وهي تماماً تلك الكلمة التي عدها ترمب نفسه القوة العظمى في الحركة السياسية وفي هذا الكتاب عدد وود ورد فضائح ترمب السياسية وسوء التصرف وانعدام النزاهة المالية إلى جانب بعض خفايا غير أخلاقية تخص ساكن المكتب البيضاوي وأسرته، أما المقال فهو مقال مقطوع النسب نشرته الجريدة الأكثر انتشاراً في أميركا، نيويورك تايمز، دون أن تكشف عن اسم كاتبه، إلا أن الجريدة أقرت أن الكاتب من أعمدة القيادة الأميركية ومن أعلى موظفي البيت الأبيض تحت إمرة ترمب نفسه، وفي هذا المقال يتأكد القارئ من عدم أهلية وصلاحية ترمب للكرسي الرئاسي ولا ينقص المقال شهادات العاملين في البيت الأبيض أو رواة وقائع غير أخلاقية.
وهنا لا يكون السؤال المنطقي كيف لهذا الرجل أن يصل إلى هذا المكان بل كيف يمكن أن يستمر هذا الرجل بتلك المكانة
ووترغيت
فضيحة سياسية أطاحت بالرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في مطلع سبعينيات القرن الماضي. فقد أدين نيكسون في قضية تنصت على معارضيه مما جعله يستقيل مع بدء إجراءات عزله. وهناك للعجب أوجه تشابه كثيرة بين ووترغيت نيكسون وووترغيت ترمب، أوجه الشبه في أحداث تمت وبعضها اعتقد أنه سيتم متشابهاً.. كلاهما نيكسون وترمب جمهوري. نيكسون تخلت عنه الأغلبية الجمهورية في مجلسي الكونغرس وترمب يتوقع له البعض ذلك أن حاز الجمهوريون الأغلبية، كلاهما اقتربت منه الإدانة بشهادة تابع له.. نيكسون عندما وشى أحد المتهمين بالقضية في خطاب إلى القاضي أن هناك جهات عليا متورطة في حادثة التنصت على مكاتب الحزب الديمقراطي وترمب عندما شهد عليه محاميه بتورطه أملاً في تسوية تنجي المحامي من لائمة قانونية، كلا الفضيحتين كان فيهما الصحافي بوب وود ورد، مرة مع نيكسون بتحقيق تحدث فيه على لسان شاهد مجهول أطلق عليه ديب ثروت، وعاد أيام ترمب بمقال لاذع باسم الخوف.. وأخيراً كلا الرئيسين كان طوق النجاة الوحيد لهما هو أغلبية حزبه في مجلسي الكونغرس وإن تخلت عن ريتشارد ولم تحمه من الإدانة فماذا تفعل مع دونالد، ومما يذكر أن تلك الأغلبية عندما كانت ديمقراطية فإنها حمت كلينتون ورفضت عزله.
نوفمبر..
نوفمبر القادم، موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وأمل ترمب الوحيد هو أن تأتي أغلبية جمهورية توفر له حماية من العواصف والسهام، ولا يتوقع كثير من المحللين هذا، فالناخب الأميركي ليس راضياً عن حكم ترمب، بل يرى أن تخفيضات ترمب الضريبية ستخل عجزاً شديداً بالموازنة، ولم يقتنع الناخب الأميركي بقول ترمب أن هذه التخفيضات أنعشت الاقتصاد. أيضاً يرى الناخب الأميركي ترمب قد فشل في الحد من انتشار السلاح الشخصي، مما يقلق المجتمع الأميركي بشدة أيضاً انشغال ترمب بحروب اقتصادية مع العملاق الصيني لم يكن له مردود إيجابي على الناخب الأميركي.
إذن ففي توقع الكثير لن يكون نوفمبر شهراً أبيض لترمب..
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.