الجميع مُعرّض للإخفاق، مهنياً أو أكاديمياً أو حتى عاطفياً، لكن طريقة التعامل مع الفشل تختلف من شخص لآخر. هناك نوعان من الناس بحسب الطريقة التي يتناولون بها تجاربهم الفاشلة:
النوع الأول لا يُحسن التعامل مع الإخفاق ويتعاطى معه بطرق غير صحية ينتج عنها إخفاقات أكبر وخيبات أكثر. ومن الأنماط غير الصحية للتعامل مع الفشل:
– الإنكار وعدم الاعتراف بالإخفاق والإصرار على الخطأ: وهذا ينبع عادةً من الاستكبار عن الإقرار به، فينمو الفشل ويستفحل ويفرِّخ بؤراً أكثر من الفساد والتغضّن ويورِث في النفس العنجهية.
– الاستسلام وفقدان الروح المعنوية: فمع أول هبّة لريح الفشل تنطفئ نار الحماسة وتغرق النفس في ظلام الخورِ والإحباط.
– الحساسية المفرطة تجاه الفشل وجلد الذات بسياط الندم والحسرة: وهذا النمط شائع لدى الأشخاص الذين يعانون من هوس الكمال، فهم يعتبرون الفشل زلزالاً مدمراً لا يقوون على تحمّله، وعند تعرضهم لتجربة فاشلة تهتزُّ ثقتهم بأنفسهم وتنكسر إرادتهم ويجتاحهم تسونامي القلق والاكتئاب.
النوع الثاني: يتعامل مع الفشل بطريقةٍ صحية، يعترف بإخفاقاته ويخرج منها بأقل الأضرار بل ويحوِّلها لصالحه مستفيداً من دروسها ومتتلمذاً من عِبرها وعَبَراتها. هذه 9 نصائح للتعامل مع الفشل بنجاح:
أعط لنفسك الحق بأن تفشل
لا يمكن لأي إنسان أن يزعمَ أنه لم يُخفق بشيء في حياته، وأنت لست استثناءً. دعك من هوس الكمال، أنت لم ولن تكون كاملاً. حتى أكثر الأشخاص نجاحاً لا ينكرون أنهم فشلوا، بل وفشلوا أكثر من غيرهم لأنَّ فقط من يجرؤ على الفشل بقوة يستطيع أن ينجح بقوة. بل إن عدم الفشل مؤشرٌ سلبي يدل على انعدام التجربة والسلبية والتقوقع بخمولٍ داخل نطاق الارتياح (comfort zone).
اعترف بالفشل عند حدوثه
وذلك يستدعي أن تكون صادقاً مع نفسك وأن تعترف بفشلك. لا تعلّق فشلك على شماعة الآخرين أو تختلق الأعذار لأنك ستجد الكثير منها، كن نزيهاً؛ لأن "النزاهة أول فصلٍ في كتاب الحكمة". لن تتعلّم من أخطائك ما لم تعترف بها.
اسمح لنفسك أن تحزن عند شعورك بالخسارة
بالتأكيد هناك ما يستحق الحزن عند الإخفاق، فالآمال التي بنيتها انهارت، والجهد والمال والوقت الذي بذلته ذهب أدراج الرياح، لذا دع أنهار الحزن تتدفق بداخلك ولا تبنِ بطريقها السدود فتتراكم وتغرق وجدانك بالمشاعر الآجنة، إذا شعرت برغبة في البكاء فلا تقاومها، لا تكابر ولا تخجل من ضعفك، استدعِ من تثق به من عائلتك أو أصدقائك وأخبرهم بأن الحزن يملأ صدرك وأن الألم يعتصر قلبك، وإن وجدت منهم كتفاً حانياً أو حضناً دافئاً فلا تتردّد بالارتماء به والبكاء! هكذا ستنحسر أنهار الحزن سريعاً عن ضفاف قلبك لتشرق الشمس على السهول الخصبة فتمتلأ بالزهور مجدداً.
استغل الغضب
من السهل أن يتولّد الغضب والسخط ويتعاظم عند شعورك بالفشل، لا تدعه ينفجر بداخلك ويهشم ثقتك بنفسك ويخنقك بالمشاعر السلبية، بل دعه يفجّر فيك نيران التحدي واجعل منه توربيناً يدفعك نحو الأعلى، وخذ من جذوته ناراً تحرق الأعشاب الضارة التي نمت بداخلك وحجبت شمس النجاح عن بذورك. وجّه فأسه نحو عاداتك السيئة لتجتثّها من جذورها.
ذكّر نفسك بنجاحاتك
عندما نفشل بجزئية من حياتنا، نميل لتذكر التجارب الفاشلة الأخرى، ونتناسى كل نجاحاتنا وإنجازاتنا، فتبدأ دوامةٌ الأفكار بسحب الروح المعنوية إلى الأسفل لترتطم أخيراً بقيعان الاكتئاب. ولتكسِرَ هذه الدارة البائسة المُفرَغة عليك باستذكار نجاحاتك واستحضار إنجازاتك. عند شعورك بالإحباط قم مثلاً بكتابة لائحة بصفاتك وإنجازاتك التي تعتز بها. ذلك كفيلٌ بأن يذكّرك بأن فشلك بمشروعٍ لا يعني أنك شخصٌ فاشل.
انظر للفشل على أنه تجربة تثريك
في الجانب المشرق من المعادلة، فإن كمية الدروس التي نتعلمها من الفشل أعظم وأكثر ثباتاً من الدروس التي يعلّمنا إياها النجاح، لذلك يُقال إن النجاح معلّمٌ فاشلٌ والفشل معلّمٌ ناجحٌ! فعندما تخفق تعرف أكثر نقاط ضعفك وقوتك، وتعرف حقيقة من حولك، والأهم أنك تعرف نفسك أكثر. أحياناً بخسارتك معركةً تتعلم ما يجعلك تفوزُ بالحرب. تذكر أن الطفل يسقط عشرات المرات قبل أن يمشي، لكن كل عثرة يعثرها تقرّبه من خطوته الأولى، وأنت وإن لم تعد طفلا إلا أنك لست سوى امتدادٍ زمني لذاك الطفل.
لذلك عند خوض تجربة فاشلة، لا تدفنها في مقبرة النسيان قبل أن تُشرِّح أسباب فشلها وتطور منها لقاحات تكسبك مناعة أكثر تحصنّك في تجاربك القادمة. ابحث عن أسباب المشكلة وجذورها. اسأل نفسك الأسئلة التالية:
– ما الأسباب التي أدت إلى هذا الإخفاق؟
– ما الصفات السلبية التي ولّدت هذه الأسباب؟
– ما الجذور النفسية التي ولّدت هذه الصفات السلبية؟
ستكتشف سلسلةً من الأخطاء المتصلة والمتشابكة. قم بتفكيكها ومعالجتها، هكذا ستتمكن من إيجاد مكامن الضعف وتحويلها إلى عناصر قوة. وسيصبح الفشل أداة لتطوير الذات.
دشّن بداية جديدة وقوية
يُعرِّف وينستون تشرشل النجاح بأنه المضيُّ من فشلٍ لآخر دون أن تفقد عزيمتك. الحياة لم تنتهِ بذاك الفشل، بل بدأت لتوّها بدايةً أنقى بعد أن تخلّصت من نقاط ضعفك، وحشوت حقيبتك بالدروس. ستكون أكثر تحدّياً وتصميماً على النجاح وأكثر معرفة بنفسك.
خالط الأشخاص الناجحين
فهم يزخرون بالتجارب والخبرات، تعلم منهم كيف يعالجون مشاكلهم، وكيف يتعاملون مع إخفاقاتهم. كما أن الأشخاص الناجحين يعرفون أن الفشل حتميٌّ، لذلك فهم لا يحكمون عليك عند إخفاقك بل يمدون لك يد العون ويلهمونك الحلول الناجحة.
ابتعد عن الأشخاص السلبيين
فهم يثبطون من عزيمتك ويضاعفون شعورك بالخسارة. لذلك من الأفضل تجنبهم لأن لهم تأثيراً سُمّياً على الروح والجسد على السواء.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.