«بلوك لأن الأسود يليق بكِ»! هل تحتاج النساء العربيات أمثال رضوى الشربيني وأحلام مستغانمي في حياتهن؟

عدد القراءات
1,345
عربي بوست
تم النشر: 2018/09/10 الساعة 09:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/11 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش

هل تحتاج الأنثى لكاتبة ما أو مذيعة أو ناشطة فيسبوكية أو صحفية ليعلمنها كيف تحفظ كرامتها!؟ أو كيف تحفظ كبرياءها داخل علاقة عاطفية مع الجنس الآخر!؟ هل فعلاً تحتاج بعض نساء العالم العربي من يصعقهن بحبل كهربائي ليستيقظن من الأسى العاطفي الذي يعشنه داخل بيوت الزوجية! هل كلنا كنساء مجبرات على تعلم فنون التعامل بكل عزة نفس وكرامة مهما بلغ العشق منا مبلغاً!

هناك من يحتجن ذلك فعلاً وبشكل استعجالي، يحتجن لرضوى الشربيني ومثيلاتها، يحتجنهن لأنهن يعتقدن بمسلمة "يضربني وما يخلي لي يضربني". يحتجن لمن تخبرهن أن الذل ليس مرادفاً للعلاقة العاطفية، وأن التنازلات عن الأحلام والطموح والحياة كلها من أجل ظل راجل ليست قرآناً منزلاً يجب الرضوخ له. هناك من يحتجن لصعقة كهربائية تبعثهن من الموت الذي يسمونه زيجة يحكمها القمع والضرب والرفس والركل ليستوعبن أن الزواج ميثاق يحترم كل طرف فيه الطرف الآخر وليس حلبة مصارعة مقرر الفائز فيها مسبقاً بإجماع الأمة.. هؤلاء النسوة اللواتي كبرن وهن لا يرين سوى أب متسلط وأم صابرة في وجه المهانة، فاقتنعن أن الفطرة هي زوج يعربد ليل نهار وزوجة تحمد الله على عربدته لأنه مصدر الرزق.

وهناك من لا يحتجن لا لكلام رضوى ولا لحكم ديبفوار ولا لثورة أحلام الوردية في "نسيانكم"، هناك من تعلمن ذلك في بيوت آبائهن ورضعنه في حليب أمهاتهن، رأينه في أبوين يحترمان بعضهما، وفي أم لا تقبل المهانة والذل لتربي أطفالها، من يجدن في كلام النسويات عن المساواة والعدالة أمراً مسلماً لا يحتاج لكثير صراخ، بل هو العادي والطبيعي رأينه عندما كان يعاملهن والدهن بنفس الطريقة هن وإخوانهن الذكور.

من نشأن يتعلمن الحفاظ على كرامتهن قبل الحفاظ على أدواتهن المدرسية. يكون أقرب إلى المستحيل تقبلهن للإهانة من زوج أو زميل أو جار أو مدرس. فكيف يمكن ذلك وكل واحدة ترى في نفسها سيدة محترمة عزيزة لها أنفة وعزة واحترام، بغض النظر إن كانت غنية أو معدمة، فكم من امرأة فقيرة تقاتل من أجل عزة نفسها في حين أن منعمة تسبح داخل عطور "شانيل" وأساور "كارتيي" لا تجد غضاضة في أن يدوس حبيبها على كرامتها مليون مرة في اليوم.

كل امرأة هي معادلة مختلفة عن الآخرى، هناك من يكون مجهولها واحداً تبحث عنه بتركيز تام لتجده بكل سهولة. وهناك من تكثر مجاهيلهن، فيكون الحل صعباً عسيراً ملغماً كولادة قيصرية استعصت على طبيب محنك.

نحن النساء لا نشبه بعضنا البعض أبداً، حتى وإن اعتقد الرجال ذلك، كل واحدة منا لها نظرة مختلفة وأولويات مختلفة. فيمكن أن نكون نساء ظاهرياً في حين أن كل واحدة منا تحمل تفكيراً بجنس مختلف. فعادي جداً أن تجد امرأة يدل جسمها وصوتها وشكلها على ذلك، لكنها تحمل فكراً ذكورياً أبوياً سلطوياً تعادي به نفسها وبنات جنسها. وهناك من تقبل أن تهان ليل نهار فقط لتسمع كلمة "أحبك" وهناك من هي مستعدة للتضحية بكل شيء؛ أهلها أصدقائها دراستها وظيفتها فقط لتركب "العمارية" ويقال نجت من العزوبية. وهناك من ترى في الرجل عدواً يجب دهسه عند أول فرصة والتخلص منه لأنه يهدد أنوثتها. وهناك من لا يهمها لا هذا ولا ذاك، يهمها فقط أن يكون لها مصدر مالي محترم تقدم له نفسها في حلة زوجة مناسبة، هي تأكل وتشرب وتلبس وتسافر وتشتري من المحلات وترتدي الجواهر وهو يجد امرأة تنتظره في آخر الليل يعاشرها دون معصية الخالق.

موضوع العلاقات العاطفية وكيف تراها النساء موضوع شائك وغريب، والقصص فيه مختلفة باختلاف الأجناس على وجه الأرض، وكل من حاولت أن تتحدث وتقدم نصيحة حول الأمر وتبدي رأيها لا بد أن تجد أمامها جيشاً من "المشلغمين" يحذرون النساء منها "عنداكم غاتخرج عليكم".. "ديوها فهضرتها حتى تبقاو بايرات هي راها قضات الغرض" وكأنها عندما تطلب من النساء الاحتفاظ بحريتهن وملك زمام أمورهن والحفاظ على شخصيتهن فلا يتحللن كسائل فاسد داخل علاقتهن بالرجال، فإنها تحرضهن لقلب نظام الكون، والذي هو بالأساس زواج يكون الرجل فيه فرعوناً كبيراً أمام نملة تحاول إرضاءه بكل الوسائل. وكأن الله كتب علينا الزواج ليبتلينا ويعذبنا ويطهرنا من ذنوبنا حتى نلقاه كملائكة بررة.

وكما يوجد هذا الفرعون الصغير الذي يفرح كثيراً بشعور السيطرة والتحكم وينتعش لوجود أمة تحت إمرته، هناك الرجال، من يعلمون هم الكرامة لنسائهم وبناتهم، من يمتلكون من الشهامة والنبل الكثير الذي يمنعهم من إهانة أي شخص كيفما كان ناهيك عن إهانة زوجاتهم وحافظات سرهم وأمهات أبنائهم.. رزقكن الله النوع الثاني وباعد ما بينكن والأول كما باعد بين المشرق والمغرب.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
جهاد بريكي
طبيبة مغربية
تحميل المزيد