جهل المتعلمين.. الخطر الأكبر الذي يهدد المجتمعات العربية!

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/09 الساعة 09:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/09 الساعة 09:34 بتوقيت غرينتش
Illustration and Painting

يقول الدكتور علي الوردي في كتابه مهزلة العقل البشري "المرأة في الواقع هي المدرسة الأولى التي تتكون فيها شخصية الإنسان، والمجتمع الذي يترك أطفاله في أحضان امرأة جاهلة لا يمكنه أن ينتظر من أفراده خدمة صحيحة أو نظراً سديداً."

يصنف دارسو علم الاجتماع الجهل إلى نوعين الجهل الأصغر والجهل الأكبر، أما الجهل الأصغر فهو جهل الأُميين، وأما الجهل الأكبر فهو جهل المتعلمين.

يمكننا القول أن الإنسان الأُمي وغير المتعلم لا حرج عليهِ في جهله فهو جاهلٌ باعترافٍ منهُ بسبب عوامل البيئية التي نشأ بها والحالة الاقتصادية وغيرها من الأسباب، هؤلاء دورنا تجاههم هو المطالبة مراراً وتكراراً بتوفير التعليم لهم لكي لا تكون بيئة معينة في بلد ما بسبب حالات اقتصادية واجتماعية سبباً في حرمان إنسان من حق التعليم في العالم، ثم تنشأ أمم وشعوب تحت تأثير الجهل الذي يؤدي بدوره إلى تكوين مجتمعات فقيرة، بسبب عدم تمكين أبنائها وإيصالهم لمستوى من التعليم الذي يضمن للفرد في أسوأ الأحوال واقعاً معيشياً أفضل من غير المتعلم.

 

أما بالنسبة للجهل الأكبر فهو يخص فئة المتعلمين والمثقفين، فإن عدم معرفتهم لأبسط الأمور وجهلهم بها يشكل حرجاً كبيراً بالنسبةِ لهم، وخطراً على المجتمع بأكمله، أن تجهل أبسط حقوقك أن تتعلم لتحمل مسمى خريج جامعي، أن تعمل في وظيفة تكون فيها الزاوية الأضعف مما يؤثر سلباً على حركة التقدم والتنمية والإنتاج في عملك مهما كانت المهام الموكلة إليك بسيطة، هنا نحن أمام كارثة تحصل وفي تزايد مستمر يوماً بعد يوم.

 

تلك الأمانة التي يحملها المرء منذ ساعة ولادته حتى آخر نفس لهُ في الحياة ذات معنى وجوهر كبير يجعلان لحياة الإنسان قيمة ذاتية قبل كل شيء.

المتعلمون والمثقفون وطالبو العلم بحق هم الذين يساهمون بتقدم مجتمعاتهم ورقيها، أما أنصاف المتعلمين ومن يدعون أنهم يعلمون ويفهمون ويوجهون الناس ويقدمون النصح والموعظة لهم، ذلك الجهل الذي يرتدي أقنعة الإلمام وإحاطة المعرفة المطلقة بكل قوانين الحياة وأسسها وحيثياتها، والتي تصب أحياناً كثيرة في مَواطن الخطأ وتساهم في الرفع من شأن السيئ وتجعل منهُ ذا قيمة وتتجاوز كل ما هو ذو عمق وعِلم وفائدة حقيقية لها أثر، هؤلاء الذي يتحدثون بما يجهلون ويناقشون دون أدلة أو براهين أو خلفيات وجذور الموضوع وأبعاده، يحاولون بيان أخطاء الآخرين وإيجاد حجج وبراهين خيالية للمحافظة على كونهم دائماً وأبداً على حق وصواب.

 

من منطلق الجهل الذي يسيطر على مستوى الأفكار والأفعال التي يطلقونها ويتحدثون فيها ويعملون على نشرها بالمطلق والحتمي على حد سواء، فالأفكار هي إيعازات قابلة للتطبيق والتنفيذ مازالت هنالك بيئة حاضنة لها وقدرة على تنفيذها.

إنهم يسترسلون بكل ما تمليه عليهم ألسنتهم دون إدراك وفهم منطقي حقيقي لما يقولون، يتهجمون، ويهاجمون من يخالفهم ويختلف معهم في رأي فقط لأن رؤيتهم للأمور تضيق شيئاً فشيئاً.

هؤلاء وغيرهم ما هم إلا وقود الجهل الأكبر لأن أوطانهم توسمت فيهم أن يكونوا أدوات للتنوير، لكنهم تحولوا بسبب ضعف مستوياتهم إلى أدوات هدم..!

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تمارة عماد
صحفية وكاتبة عراقية
تحميل المزيد