نجا من الموت 4 مرات ودرس الطب في الجامعة ليحقق حلم الطفولة رغم المرض!

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/08 الساعة 13:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/08 الساعة 13:10 بتوقيت غرينتش
Mid adult Hispanic medical professional smiles while attending a medical seminar. He is wearing blue scrubs and a stethoscope. People are sitting in the background.

 

لا تكاد تخلو حياة كلّ منا من العقبات والتحديات نعيش بين ألم وأمل.. أبواب كنا نظنها موصدة للأبد.

عجيبة هي الأقدار، تجري بنا الحياة حيث لا ندري كم مرة كنا نظن أنها النهاية ولكن عناية الله كانت تحول دون ذلك.

كم شعرنا بأن الحياة توقفت بنا ونالت منا وفي كل مرة نستفيق من جديد تتبدد الظلمات ونرى بصيص نور يُحيي فينا الروح من جديد.

ذات يوم كنت أبحث عن قصة نجاح ملهمة؛ كوني معدة برامج لتبث الأمل في الشباب، فالنفوس ضاقت وملّت من كثرة المعوقات والصعوبات.

بحثت طويلاً وكنت أردد في نفسي: لن أبرح حتى أبلغ. وأنا اعتدت في حياتي ألا أهزم، وبطبعي لا أقبل إلا بالتميز.

أخيراً وقعت عيني على قصة نجاح شاب كان قد كتبها منذ ثلاث سنوات، وهي أشبه بضرب من الخيال، وأبيت إلا أن أصل له ليكون مثالاً لكل مَن ظن أنه غارق في وحل مُوحش وحياته مظلمة وكئيبة ولا سبيل أمامه.

عاش الشاب ليث حسين طفولة قاسية كان حلم حياته أن يصبح طبيباً.. دائماً ما يلفت نظره الأدوات الطبية ولم يكن يعي أنه سيعاين ذلك بنفسه .

تعرض لحادث مؤلم هشّم وجهه وأدى لشرخ بالجمجمة..غيبوبة وعناية حثيثة لكن لم تثنهِ العذابات والمعاناة عن التمسك بحلم طفولته.

بدأت الحكاية منذ طفولة ليث، كان يعتبر زيارته للمستشفى عند مرضه بمثابة زيارة ترفيه يكتشف فيها الأدوات الطبية وذلك لشغفه بالطب، وعرف عنه منذ صغره أنه الدكتور ليث.

تشبث بحلمه وكان موقناً بأن الأحلام لن تترك له رفاهية الاختيار فهو على يقين بأنه سيصبح طبيباً في يوم ما لا محالة.

عندما كان في الصف الخامس تعرّض حينها لحادث مؤلم أفقده الوعي وغيّر ملامح وجهه الطفولية، لم يكن يعلم أن زيارته هذه المرة للمستشفى ستكون مغايرة وقد يلاقي حتفه فيما تمناه.

لم يكن يعِي هذا الطفل الحالم أن للقدر حسابات أخرى وقد يتغير كل شيء في ثانية!

امتدت رحلة معاناته لأكثر من 5 سنوات وفي نهاية المطاف تعرّض لمرض السحايا ثلاث مرات، ومن المعروف أن السحايا مرض بكتيري أو فيروسي يصيب الطبقات المغلفة للدماغ، يصاحبه ارتفاع في درجات الحرارة ونوبات تشنج وقد يؤدي إلى فقدان الوعي والإغماء.

وإذا كانت نسبة المرض في الدماغ مرتفعة قد تؤدي إلى فقدان السمع أو البصر وكذلك النطق، وقد يصحب ذلك اختلالات عقلية وصعوبة في التعلم وفي نهاية المطاف قد تؤدي إلى الموت.

كان وقع إصابته بالسحايا للمرة الثالثة وهو في الصف العاشر كالصاعقة، توقف الدماغ عن العمل الحزن عمّ المكان الدموع لم تفارق والديه من هول الصدمة وتمنيا أن ينفي لهما الطبيب صحة ذلك.

حالة من الصمت عمّت المكان ولسان حال والديه يحاكي الطفل الذي في ثنايا جعبته آلاف القصص.. هل سيصبح حلمه مجرد سراب ويرحل معه!

فيما يشبه المعجزة أفاق ليث من غيبوبته ما شكّل صدمة للأطباء وعائلته، استحضر حينها شريط حياته بحلوها ومرّها وتوقف عند محطات أهمها آلامه ومعاناته وأحلامه كأشبه بيقظة الموت.

بقي عدة أيام تحت المراقبة.. فحوص مستمرة صور أشعة ورنين كشفت أخيراً عن وجود شرخ في جمجمته، وهو السبب في تعرضه لمرض السحايا عدة مرات.

قرر الأطباء إجراء عملية له في أسرع وقت حفاظاً على حياته كون أنه إذا أصيب بالسحايا للمرة الرابعة ستكون نهايته حتماً.

وبحمد الله نجحت العملية الجراحية التي انتهت بعشرين غرزة في الجمجمة إضافة إلى قصّ جزء منها وإعادة تركيبه.

القدر أخيراً ابتسم له وسيخفف عنه أعباء جساماً كانت تثقل كاهله.

وها هو الآن طبيب سنة رابعة في الجامعة الهاشمية، شاء له القدر أن يحقق حلم طفولته متناسياً الألم والعذاب الذي تجرعه طيلة فترة مرضه.

لم يثنه مرضه عن تحقيق حلمه ولم يقف طموحه عند مأساة طفولته، بل زاد شغفه بتحقيقه بعدما تجرّع مرارة الابتلاء ليصبح يوماً طبيباً يخفف عن الكثير آلامهم ويكون سبيلاً لعلاج المرضى.

وكانت نصيحته للشباب: "مهما يكون حلمك هو ألمك خليك مستمر عليه ورح توصل".

وعلى كل شخص أنهكته الحياة أن يكون على يقين بأن هناك شيئاً ينتظره بعد الصبر لينسيه مرارة الألم .

الحياة لا تكافئ أحداً بسهولة، فالسمة المشتركة بين جميع الناجحين أن لديهم حلماً متمسكون به ويسعون لتحقيقه، متحدين ظروفهم الصعبة وإخفاقاتهم المتكررة ويجتازون بالفعل خطوات إلى الأمام بهذا الاتجاه.

فأجمل ما في تحقيق الحلم هو الطريق إليه بكل ما فيه من ألم وأمل، بل قد يكون أجمل من لحظة الوصول نفسها.

وكما قال إبراهيم الفقي، رحمه الله: أحياناً يغلق الله سبحانه وتعالى أمامنا باباً لكي يفتح لنا باباً آخر أفضل منه، ولكن معظم الناس يضيع تركيزه ووقته وطاقته في النظر إلى الباب الذي أغلق بدلاً من باب الأمل الذي انفتح أمامه على مصراعيه.

وأختم بالقول: بين حنايا كل ألم هناك أمل.. لا تيأس مهما حصل لك في هذه الحياة ربما أجمل أيام حياتك لم تأت بعد.

دع روحك تتنفس الأمل.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
نانسي شروف
صحافية ومُعدة برامج
تحميل المزيد