تسممنا بمياهكم الملوثة فتظاهرنا.. لماذا تقتلوننا في البصرة يا حكومة العراق؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/05 الساعة 12:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/05 الساعة 14:52 بتوقيت غرينتش

مدينة البصرة جُمعت بها خيرات الأرض كلها، من النفط إلى الموانئ، بالإضافة إلى خيرات الأرض التي لا تنضب ولا تنتهي، إلا أنَّ هذه المدينة تعيش اليوم خراباً مدبراً مقصوداً، بسبب مطالبة أبنائها بحقوقهم لا أكثر.

بداية الأزمة كانت مطالبات شعبية بمظاهرات عفوية، بحثاً عن خدمات أساسية لحياة الإنسان في القرن الحادي والعشرين، مثل الوظائف والماء والكهرباء والصحة والخدمات الأخرى، إلا أن ردَّ الحكومة المحلية والمركزية كان مشرفاً، بالماء الحار والرصاص المطاطي، وبعض الأحيان الرصاص الحي. الأكثر إيلاماً كان تصريحات المسؤولين والقادة الناهبين لخيرات المدينة، تنوّعت بين المندسين، والمخربين، وصولاً إلى كونهم بعثيين.. بعثيين!! عجيب أمرهم لا يخجلون من هذا الكلام، فقد وضعوا البعث كشمّاعة يعلِّقون عليها أخطاءهم، ويظهرون بمظهر الملائكة المنزلين، أضِفْ إلى ذلك نظرتهم إلى مَن ينادي بالوطنية وحب الوطن، فيُتَّهم بأنه بعثي أيضاً.

 إذا كنا نحن الشعب بعثيين ومندسين، ونعمل لجهات خارجية، ومدعومين منها، من تكونون أنتم؟! سارقو البلاد والعباد، كل مرة تهتز كراسيكم أو مصالحكم تعودون للعب على قضايا ضيقة طائفية، تعكس ما بداخلكم من مخلّفات اجتماعية مريضة، كونكم لا توالون العراق ولا أهله، أنتم هنا على خارطة العراق كأحجار الشطرنج، تراعون مصالح المستعمر وأعوانه، لا تجمعكم أي صلة بالوطن إلا الولادة.

بصرتنا بصرة الخير، وأهلها يبقون محبين للحياة، ولا تنفع منكم هذه المحاولات لإسكات أبنائها، هذه حقوقهم، ويجب أن يأخذوها عَنْوة منكم، ألا تخجلون من استيراد عمالة صينية من المسجونين، وأصحاب الماضي السيئ للعمل، وابن المدينة الشاب الواعي الدارس صاحب الشهادة والثقافة والوعي يبحث عن عمل أشبه بالعبودية، بأجر لا يكفيه لقوت يومه، وحينما يخرج محتجاً فهو بعثي أو مندس، شكراً للزمن الأغبر الذي سلَّطكم على هذه الأرض.

القضية الأخرى هي قضية إنسانية بحتة، شعارها الماء، سيأتي عمَّا قريب موسم الحزن في محرم، ويصعد الخطباء ليذكِّرونا بعطش الحسين وآل بيته، عليهم السلام أجمعين، وعدد جنده الـ(73) رجلاً الذين قتلوا في كربلاء، وكيف منع الماء عنه بنو أمية، وانتصر الحسين على أبد الدهر، وآل أمية لهم الخزي والعار، بصرتنا اليوم هي كربلاء أخرى، وأنتم يا من تحسبون أنفسَكم موالين لآل البيت في الواقع أنتم بنو أمية، وأهلنا في البصرة هم المظلومون، وسوف ينتصرون عاجلاً أم آجلاً.

 وإن حالات التسمم بسبب تلوث المياه ما هي إلا إنجاز آخر لمجموعة من السرَّاق، جاؤوا قبل خمس عشرة سنة، وضَعَهم المحتلُّ في المناصب، وبدأوا بقتل الشعب من أيام الطائفية والحرب الأهلية، وصولاً إلى داعش، واليوم مشكلة الماء، دون أن نذكر طبعاً الفساد المالي والإداري للأحزاب التي تدَّعِي الإسلام.

الكلام هنا للعراقيين، إخواني، أصدقائي، أحبائي في كل مكان من هذه الأرض، أرجوكم وأترجَّاكم، البصرة بصرتنا جميعاً، وخيرُها للجميع، وهي لم تبخل على أحد أبداً، والدليل أن 90%‎ من ميزانية البلد من هذه الواردات بهذه المدينة، عليكم أن تعرفوا أن الذي يحدث اليوم في البصرة سيحدث غداً في بقية المحافظات، والحكومة لا تعمل إلا على تخدير المواطنين بالوعود الكاذبة، وأن مدينة البصرة تشكر جهودكم العفوية لإيصال الماء الصالح للشرب من كل نقطة في العراق، وهذا دليل على أننا أبناء وطن واحد، ولم يستطع حفنة من السُّرَّاق تفريقَنا.

 إلا أن ما أود أن أقوله هو فلتصبح جميع مدننا بصرة أخرى؛ كي نُسقط الشرعية عن الحكومة اللاشرعية، التي تتحكم في مصيرنا، وأخذت المناصبَ بتزوير الانتخابات، ولا يهم أزلامَها سوى المناصب، والدليل أمس، حينما تصافح المتخاصمان، اللذان قُتل ملايين من العراقيين بسببهما، من أجل الكتلة الأكبر، ونسوا أن بصرتنا تعيش الكارثة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
عبدالله عطية
كاتب صحفي عراقي
تحميل المزيد