ما الكارثة التي قد تحدث بالأردن بعد قطع ترمب المساعدات عن الفلسطينيين؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/04 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/05 الساعة 10:02 بتوقيت غرينتش

إذا تأكَّدت التقارير عن خطة أميركية لزيادة اللبس بشأن عدد اللاجئين الفلسطينيين -بما ينطوي على تخفيض عدد اللاجئين المُعتَرَف بهم إلى نصف مليون مقارنةً بأكثر من 5 ملايين مُعترَف بهم من الأمم المتحدة اليوم- فإنَّ الأردن قد يكون أكبر الخاسرين.

تدعم العديد من المؤشرات تلك التقارير الإعلامية، بما في ذلك القرار الذي اتخذته واشنطن بإيقاف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إضافة إلى النشاط الدبلوماسي غير المعتاد للأردن في الأيام الأخيرة؛ إذ أمضى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عطلة عيد الأضحى في محادثاتٍ مع نظيره الأميركي مايك بومبيو، لكن دون نتائج واضحة.

ثُمَّ أتى قرار الولايات المتحدة بتعليق مساعدات مالية بقيمة 200 مليون دولار مخصصة للضفة الغربية وغزة. ويشير هذا إلى أنَّ البيت الأبيض يمارس ضغوطاً مالية لتحقيق أهدافه السياسية، وأنَّه يريد تصفية القضية الفلسطينية عن طريق تقليص خدماتها ومؤسساتها، ما يُسهِّل تمرير خطة خفض اللاجئين في المستقبل.

الخدمات الإنسانية

في ظل هذه الظروف يواجه الأردن أزمة اقتصادية وسياسية محتملة. إذ تمثل الأونروا دعامةً مهمةً للاقتصاد الأردني ومصدراً مهماً للعملة الأجنبية. فهي تخفف بصورة جوهرية العبء الذي تتحمله الحكومة المتمثل في استضافة أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم.

إنَّ كبح نشاط الأونروا، أو تقليص المساعدات المالية، أو تحديث عدد اللاجئين المُعتَرَف بهم كلها خطوات تزيد العبء على الحكومة الأردنية لتوفير الخدمات الإنسانية لملايين البشر.

وهناك أكثر من 2.1 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن يستفيدون من خدمات الأونروا، لاسيما الرعاية الصحية والتعليم. يُشكِّل هؤلاء اللاجئون خُمس سكان الأردن.

وتُشغِّل الأونروا 171 مدرسة في الأردن، تخدم أكثر من 121 ألف طالب. ولدى الوكالة 25 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، تتعامل مع أكثر من 1.5 مليون زيارة من المرضى سنوياً. وتوجد 10 مخيمات للاجئين مُعتَرَف بها في مختلف أنحاء الأردن، تأوي نحو 370 ألف شخص.

إعادة التوطين والهوية

إذا مضت الولايات المتحدة قدماً في الخطة المُعلَنة لتخفيض عدد اللاجئين المُعتَرَف بهم بشكل كبير، سيجد الأردن نفسه في تعاني مع عشرات آلاف من الطلاب المحتاجين إلى التعليم ومئات الآلاف المحتاجين إلى الرعاية الطبية. كذلك يتعين عليه تولي مسؤولية تقديم الخدمات إلى المخيمات العشرة في البلاد، بما في ذلك مخيم البقعة الكبير الذي هو في الواقع مدينة سكنية كبيرة متكاملة بالقرب من العاصمة عمَّان.

وتتولى الأونروا مسؤولية تقديم تلك الخدمات عن طريق تحويل التمويلات إلى الأردن من الخارج، وهي التمويلات التي تُعَد أحد أشكال الدعم المالي الرئيسية للاقتصاد الأردني.

في غضون ذلك، ترتبط الأزمة التي تنتظر الأردن بالوضع القانوني لأكثر من مليوني لاجئ فلسطيني على الأرجح لن تكترث لأمرهم الولايات المتحدة. وُلِد معظم هؤلاء في الأردن ويحملون الجنسية الأردنية، باستثناء حوالي 140 ألف قدموا مباشرةً من قطاع غزة.

وإذا ما سحبت واشنطن اعترافها بهؤلاء النازحين الفلسطينيين باعتبارهم لاجئين، سيشتعل الجدل من جديد حول مفاهيم إعادة التوطين والهُوية، الأمر الذي يؤدي إلى مواجهة بين عمَّان وواشنطن. وينظر الأردن إلى فكرة إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها تهديداً للهوية الوطنية للبلاد وخريطتها الديمغرافية.

مدعاة للقلق

لكنَّ الرسالة التي تلقاها الأردن من واشنطن كانت واضحة. فبعد فترة وجيزة من لقاء الصفدي مع بومبيو هذا الشهر أغسطس/آب، أعلنت الولايات المتحدة تعليق 200 مليون دولار من المساعدات الفلسطينية.

وتمثل المساعدات الأميركية نسبة كبيرة من الميزانية السنوية للأردن، ويتوقع الأردن هذا العام الحصول على 1.5 مليار دولار من المساعدات من واشنطن.

ولدى الأردن ما يبرر قلقه من الأزمة التي تواجهها الأونروا والتقارير عن الخطة الأميركية الجديدة لخفض عدد اللاجئين، التي تستند تماماً إلى أجندة إسرائيلية دون الاكتراث للشعب الفلسطيني. لكن على الرغم من اختلاف عمَّان مع الولايات المتحدة بشأن قضيتي القدس واللاجئين، فإنَّها تبدو عاجزة عن التعامل مع تلك المشروعات الإسرائيلية-الأميركية في ظل غياب دعم أوسع من العالم العربي.

– هذا الموضوع مترجم عن موقع Middle East Eye البريطاني.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
محمد عايش
صحفي عربي مقيم في لندن
تحميل المزيد