هل سيتمكن الاقتصاد التركي من مواجهة العقوبات الاقتصادية الأميركية؟

تم النشر: 2018/09/02 الساعة 08:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/02 الساعة 08:35 بتوقيت غرينتش
Turkish banknotes

أظهر الاقتصاد التركي سرعة وفاعلية في القرارات الاقتصادية على خلفية فرض العقوبات الأميركية المتمثلة في رفع التعريفة الجمركية على الألمنيوم والصلب بسبب احتجاز القس الأميركي الذي ترغب الولايات المتحدة بالإفراج عنه وتعارضها تركيا مما ساهم في انخفاض قيمة العملة التركية تجاوز الـ20%.

حيث أن قرارات المركزي التركي بتوفير سيولة للبنوك بالعملة المحلية والدولار بالإضافة إلى تصريحات الرئيس التركي بأن تركيا تبحث عن حلفاء جدد كالصين وروسيا والهند والمكسيك بالإضافة إلى الرد بالمثل على مضاعفة الجمارك الأميركية برفع التعريفة الجمركية على بعض السلع الأميركية كالمشروبات الكحولية والتبغ الخام والسيارات ومقاطعة المنتجات التكنولوجية الأميركية واستبدالها بمثيلتها من الدول الأخرى، ساهم ذلك في انتعاش الليرة التركية واستعادتها لجزء من قيمتها.

لكن الرئيس ترمب صرح بأنه سوف يكون هناك عقوبات اقتصادية أخرى على تركيا في حال استمرارها في احتجاز القس بالإضافة إلى سياسات أخرى لا ترضى بها الولايات المتحدة فهل سيتمكن الاقتصاد التركي من مواجهة هذه العقوبات المستقبلية دون أن يصاب بالكساد والتضخم وتتأثر وتيرة النمو الاقتصادي التركي.

فالمؤشرات التركية التالية توضح حالة الاقتصاد التركي الحالية فقد تفاقمت المديونيات التركية بنسبة 53.2% من الناتج الإجمالي وهي ليست بالنسبة الكبيرة مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى ولكن الخطورة تكمن في أن 57% من هذه القروض والمديونيات على شركات والتي يهدد انهيار الليرة انهيار مراكزها المالية وتعرضها للإفلاس خصوصاً وأن 70 % منها بالدولار الأميركي. بالإضافة إلى عجز الميزان التجاري الذي وصل إلى 85 مليار دولار  ومعدل البطالة 15.8% ومعدل التضخم الذي وصل إلى 9.6 % بالإضافة إلى هبوط الليرة التركية أمام الدولار بمعدل 49% .

فهذه المؤشرات ليست بالجيدة على الاقتصاد التركي وتوضح أنه يعاني من مشكلة كبيرة حتى قبل فرض العقوبات الأميركية عليها وعلى ذلك فإن الاقتصاد التركي عليه تقليل الواردات الكمالية لتخفيض عجز الميزان التجاري وزيادة الامتيازات والحوافز للصناعات المحلية كتحفيض الضرائب على بعض الصناعات مثلاً.

و إعادة هيكلة الديون للشركات المتعثرة و إن كانت الإدارة التركية فعلا بدأت في خطة استهدفت تخفيف عبء أزمة العملة على الشركات الصناعية عن طريق تأجيل سداد قروض الشركات الصغيرة والمتوسطة حتى 2019 بالإضافة لحزمة جديدة من القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة لتحسين النشاط الاقتصادي.

وتشكيل تحالفات مع الدول الأوروبية الكبرى كألمانيا وإنكلترا وفرنسا للعمل كورقة ضغط على القرارات الأميركية  على اعتبار أن الأسواق الأوروبية ستتأثر بانهيار الاقتصاد التركي حالة حدوثه، والتحول من التعويم الكامل للعملة التركية إلى التعويم المدار عن طريق تثبيت البنك المركزي للعملة سعراً يتحرك في إطار 2% أعلاه و أسفله وذلك لتجنب التقلبات الحادة لليرة التركية وتأثيراتها على الأسواق والشركات.

كان بإمكان الإدارة التركية رفع الفائدة و الاستعانة بصندوق النقد الدولي في هيكلة الديون لكنها اختارت طريقاً مختلفاً آملة بزيادة في معدل النمو الاقتصادي ودخول المنتجات التركية أسواقاً جديدة والتخلص من السيطرة الأميركية على اقتصادها وقرارها وفي حالة نجاح هذه الإجراءات التي اتخذتها والأخرى التي هي بصدد تنفيذها ستكون خطوة جديدة لإنعاش الاقتصاد التركي ولكنها ستظل محفوفة بالمخاطر.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
ياسمين حسام الدين
باحثة اقتصادية
تحميل المزيد