التجنيد الإجباري في المغرب.. عذرية الدولة على المحك

عدد القراءات
624
تم النشر: 2018/09/02 الساعة 13:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/02 الساعة 13:06 بتوقيت غرينتش

ليس صحياً أن يبدأ النقاش والجدل حول فحص عذرية الفتيات أثناء اختبارات الولوج للتجنيد من باب "خوف" هذه الفئة، وإنما إن كان كذلك صحيحاً هذا الفحص، فإنه سيجلب على الدولة المغربية الويلات وعلاقته بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تبطل التميز والعدائية، ويُعتبر هذا النوع من الفحوصات من "الانتهاكات الجسيمة لحق من حقوق الإنسان" وبتالي يجب أن يتحوّل الخوف، إلى شجاعة تناهض هذه "العدائية القائمة على التمييز" إن عزم أحدٌ عليها.

 

لستُ هنا للجزم، بأن المغرب قرر فحص عذرية المجندات في الجيش، فلا معلومة نتوفر عليها متعلقة بهذا الموضوع، والمؤسسات الرسمية والعسكرية ضاربة الصمت بعرض الحائط، وحقنا في الوصول للمعلومة كصحافيين وصحافيات متوقف في المغرب منذ الأزل. وما هو متعارف عليه حتى الآن فإن معظم الجيوش ومنها المغربي تقوم بفحص شامل لجسد المجند من الذكور، شاملاً أعضاءه التناسلية، ولكن تظل مسألة العذرية شيئاً آخر.. يفتح تأويلات عديدة في ظل الفراغ القانوني والتنظيمي المتعلق بهذا الجانب.

 

غير أنه في عام 2015، شهدت دولة إندونيسيا جدلاً واسعاً بسبب ما ارتكبه الجيش الإندونيسي من "حماقة"، حينما قرر فحص عذرية الفتيات للراغبات بالالتحاق بالمؤسسة العسكرية، ودعا المجتمع المدني في إندونيسيا إلى وقف هذه الفحوص بحجة أنها "عدائية وقائمة على التمييز"، فيما يؤكد الجيش على مواصلة هذا الفحص باعتباره دليلاً على اللياقة العقلية!! ( وشوف إنتَ هاذ الهبال).

 

والمثير للسخرية في قضية "فحص العذرية" ما قاله المتحدث باسم الجيش الإندونيسي فؤاد باسيا لصحيفة الغارديان البريطانية "علينا أن نفحص اللياقة العقلية للمتقدمات للالتحاق بالجيش، كما علينا أن نفحص ما إذا كن عذراوات أو سيئات السلوك، فإذا كان سلوكهن سيئاً فهذا يعني أن حالتهن العقلية سيئة". فالجيش الإندونيسي يعتبر فاقدات العذرية سيئات السلوك، وهو ما يعني "تمييزاً وعدائية في حق هذه الفئة) مقارنتها بالذكر.

 

ومن المفارقات الفظيعة، انتقلت مسألة فحص العذرية حتى إلى الثانويات حيث أجبرت إحدى المقاطعات في جزيرة جاوة الإندونيسية على وضع خطط فحص العذرية في المدارس الثانوية للبنات، بحيث لن تحصل الفتاة على الشهادة الثانوية إذا لم تكن عذراء، الأمر الذي أثار احتجاجات شعبية واسعة.

 

ومن جهة أخرى، حتى وإن كانت مصر دولة عربية تلزم المجتمع بالتجنيد الإجباري، فإنها تنظمه بقواعد جد مضبوطة كقانون المحكمة الإدارية في ديسمبر 2011، الذي يحظر "الفحص العذرية"، ويقدم التعويضات الملائمة للضحايا "إن تعرضن لها، حيث كذلك ظلت تحذر منظمة العفو الدولية الجيش المصري باحتكامه للقانون فيما يتعلق بفحص العذرية".

 

ما جلبه وسيجلبه موضوع التجنيد الإجباري من تصدعات،  الدولة والمجتمع في غنى عنهم حقيقة، فالبلاد تحتاج إلى سواعدها لتنميتها، والدولة في حاجة إلى التوقف عن "ممارسة الأخطاء" وعن تقديم البرامج العشوائية والقوانين التي تخدم برامج التقويم الهيكلي، ومن ثم إصلاح التعليم والنهوض بالشباب، عوض الحفر من أجله وإيقاعه والدخول في اصطدامات مع المجتمع برمته. وإلا فإن كان من هناك في صالحه أن يقع هذا الاصطدام..

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
صلاح الدين خرواعي
صحافي مغربي ومخرج أفلام وثائقية قصيرة
تحميل المزيد