قبل فترة طويلة من سماعي عن الاتجاه للصيام الآخذ في الانتشار، وخاصة في صناعة التقنية العالية في وادي السيليكون، كنت قد بدأت ممارستي الخاصة للصوم.
صمت لمدة خمس سنوات، كل يوم من لحظة استيقاظي (من لحظة ذهابي إلى الفراش، الذي نادراً ما يكون بعد منتصف الليل) وحتى الساعة السادسة مساءً. لا أكل أو شرب أي شيء على الإطلاق حتى ينطلق صوت المنبه على هاتفي في الساعة الـ6 مساءً.
جاءتني الفكرة في صيف عام 2012 مع انتهاء شهر رمضان، كنت أصوم رمضان (الشهر التاسع من التقويم القمري الإسلامي، والذي يتقدم 11 يوماً كل عام على التقويم الغريغوري) منذ كنت صبياً، لأني مسلم، قبل رمضان عام 2012 بدأت أشعر بالثقل والانتفاخ لذلك قررت، رمضان هذا، أن أصوم كما أؤمن أن الصيام يجب أن يكون، وليس كما يفعل معظم المسلمين الذين أعلمهم.
دعوني أشرح لكم، معظم المسلمين يصومون خلال شهر رمضان، يمتنعون عن الطعام والشراب من الفجر وحتى غروب الشمس. ومع ذلك فإن الكثيرين -أستطيع أن أقول معظمهم- وكنت من ضمنهم، يأكلون خلال شهر صيامهم أكثر مما يفعلونه خلال أي شهر آخر من السنة.
بعد غروب الشمس، يبدو أننا ننتقم من ساعات الصيام في المواد الغذائية كماً وكيفاً، من الدهون والسكر وغيره.
عام 2012، قررت أنني حين أكسر صيامي سوف آكل فقط ما يكفيني ولن أنغمس في الطعام بين غروب الشمس والفجر كما كنت أفعل عادةً في السنوات الماضية.
خلال بضعة أيام قصيرة، شعرت بحال أفضل كثيراً، وأصبحت أخف وزناً وأكثر نشاطاً. أصبح ذهني أكثر نقاءً وكان التركيز أسهل. كما بدأت أيضاً في فقدان الوزن الزائد، دون بذل الكثير من الجهد.
عندما وصل الشهر إلى نهايته، قررت أنني سوف أستمر في الصيام، ليس كممارسة دينية، بل كنمط حياة منضبطة، وضعت قواعدي الخاصة بينما مرت الأيام. سوف أمتنع عن الطعام والشراب من اللحظة التي أستيقظ فيها حتى الساعة السادسة مساءً، وأسمح لنفسي فقط بتناول الطعام والشراب بشكل معتدل من الساعة الـ6 مساءً حتى وقت ذهابي إلى السرير.
في المساء، آكل وجبة رئيسية واحدة، ويمكن أن أتناول وجبة خفيفة ولكن باعتدال، كما قررت أيضاً الامتناع عن أي شيء يحتوي على الكافيين أو ما يشبهه.
بعد بضعة أشهر في حياتي الجديدة أبلغت طبيبي وطلبت منه أداء فحوصات أكثر من الفحوصات والاختبارات الاعتيادية للتأكد من أن صحتي لا تتأثر سلباً، فعلت ذلك ووجدت أن كل شيء ما زال على ما يرام.
وبينما كان وزني يقل، أصبحت أيضاً أكثر نشاطاً، سرت وركبت الدراجات أكثر بكثير مما كنت أفعل قبل 2012، أستطيع أن أقول إن ذلك كان ولا يزال، تجربة إيجابية جداً، وما زاد التجربة جمالاً أن الطعام أصبح ممتعاً أكثر بكثير في الـ6 مساءً، بغض النظر عما آكله. لم أكسر صيامي أكثر من بضعة أيام على مدى الأيام الـ1800 الماضية، وجميعها كانت لأسباب طبية (ومعظمها بسبب موعد تناول المضادات الحيوية).
هناك سؤال يتم توجيهه لي كثيراً عندما أقول للناس عن الطريقة التي أعيشها الآن: "هل تعتقد أن هذا يمكن أن ينجح مع الجميع؟"، وأنا حقاً لا أعرف.
ما أعرفه دائماً عن نفسي هو أنني أشرب سوائل أقل بكثير من معظم الناس الذين أعرفهم؛ لذا لم يكن الشرب بالتحدي الكبير بالنسبة لي، لقد كنت دائماً منضبطاً ومرحباً بالتحدي، وربما ساعدني هذا أيضاً.
العامل الآخر هو أنني أجد أنه من الأسهل ضبط نفسي بين الأبيض والأسود، بدلاً من الحلول الرمادية، وهذا يعني أنه من الأسهل لي عدم تناول الطعام لفترة طويلة عن تناول الطعام بشكل معتدل على مدار اليوم؛ لذا، عندما يتعلق الأمر بـ"الجميع"، فأعتقد أن كل شخص يجب أن يجد طريقته الخاصة، وأعتقد أن نمط الحياة بشكل عام يكون أكثر صحة إذا كان عن تجربة شخصية بدلاً من مجرد اتباع "اتجاهات اجتماعية".
قرأت واستمعت لمقابلات مع عاملين في وادي السيليكون الذين يصومون لمدة تبلغ 36 أو 60 ساعة في المرة الواحدة في الأسبوع، ويُرجعون صفاءهم الذهني وإنتاجيتهم العالية لساعات الصيام.
أتفق وأؤكد كلتا الملاحظتين، إذ إنهما ينطبقان على صيامي البالغ 18 ساعة في المتوسط يومياً.
هم يصومون الإثنين والثلاثاء، أو الإثنين والثلاثاء والأربعاء من كل أسبوع، ولكن قد تكون هناك تنويعات أخرى يجربها أشخاص مختلفون هنا وهناك.
أنا شخصياً أفضّل الصيام اليومي خلال الأسبوع، ولكني منفتح أيضاً لتجربة التنويعات الأخرى.
على سبيل المثال، عندما ذهبت إلى معبد بوذي، لم أكن آكل إلا بين الساعة السادسة مساء وظهراً.
يشبه هذا في الكثير من النواحي طريقة صيامي العادية، ولكن بالنسبة لي، قضاء ساعات اليوم في توقع وجبة جيدة أسهل من قضاء الكثير بعد تناول آخر واحدة.
لديَّ ملاحظة أخيرة، ولكن مهمة، بعد خمس سنوات من الصيام، هي أنني قضيت حياتي آكل أكثر بكثير مما كنت أحتاج إليه، وهو ما كان له آثار سلبية عليّ.
وأعتقد أن هذا ينطبق على الغالبية العظمى من الذين يعيشون في العالم الغربي أيضاً على حساب بقية البشر الذين لا يستطيعون إيجاد ما يكفي من الطعام.
لست متأكداً ما إذا كنت سأُكمل الصيام بنفس الطريقة باقي حياتي، ولكن أتمنى ألا أعود لاستهلاك طعام أكثر من احتياج جسدي، طوال حياتي.
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الكندية لـ "هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.