اعتماد منهاج التربية الجنسية في المدارس الكندية من الصف الأول الابتدائي.. والهدف توعوي!

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/31 الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/31 الساعة 10:19 بتوقيت غرينتش
Special education. Boy holding blackboard

تم اعتماد منهج التربية الجنسية للطلاب في كندا من صف الأول الابتدائي، وذلك لتخفيف عدد حالات الحمل في أواسط المراهقين.. الهدف من المنهج التوعية وتقليل الأضرار.. ويُحقق مطلب تقليل الأضرار بتعليم الطلاب الاستعمال السليم للأَوقية التي تحمي من انتشار الإيدز وحمل المراهقات.. ويتضمن المنهج منذ المرحلة الابتدائية تعريفاً لمعنى حق الابن أن يختار أن يكون ولداً أو بنتاً، وله حق أن يختار أن يلبس فستاناً مثلاً لو أراد أن يكون ولداً، وبعد مرحلة اختيار جنسه هو، يعلمونه أن له الحق باختيار ميله، فلو كان ولداً مثلاً وقرر أنه ولد حقاً، هل يميل للذكور (هوموسيكشوال) أم للإناث (هيتروسيكشوال) أم للذكور والإناث (بايسكشوال) أم أنه يريد تغيير جنسه، أم أنه يميل للجنسين مع تفضيله جنساً معيناً، أم لا يميل لشيء..

تم اعتماد سياسة التشذيذ في كندا، الأعلام في كل مكان، حتى عند إشارة المرور في الجامعة، وتم تبنّي مناهج التشذيذ في الجامعات.. ومن يعارضها قد يتهم بأنه هوموفوب، تماماً كما يتم اتهام من يعارض ممارسات الاحتلال مثلاً، بأنه من أعداء السامية.

لو أردنا تعبئة استبيانات الجامعة، يسألوننا عن الجنس بوضع أكثر من خمس خيارات، هل أنت: ذكر، أنثى، مخنث (الاثنان متساويان)، ذكر مع شوية أنثى، أنثى مع شوية ذكر، وأحيانا تكون الخيارات أكثر.

ثم الميل الجنسي بذات الطريقة، وتصل أحياناً الخيارات لأكثر من سبعة..

في جامعتي، بكليّة التعليم، تم تخصيص مجموعة محاضرات عن أهمية التشذيذ (كويرينج)، والتشذيذ هو العمل على جعل الشذوذ عادياً، باستخدام مصطلحات جديدة لنعت الموضوع، وبالبدء بتحطيم الفكرة منذ نشأتها مجتمعياً، مثلاً: من قال للطفل إنه ولد؟ هل للأهل الحق أن يقرروا جنسه؟ ويبدأوا بنسف التربية المجتمعية منذ البداية.. لم يكن حضور تلك المحاضرة سهلاً عليّ أبداً، خصوصاً مع إجباري على قراءة المواد العلمية والتفاعل معها، ومعارضة الطلبة لي في حال تكلمت. كان ذلك حتى قالت إحدى طالبات الماجستير التي تعمل أيضاً كمعلمة في روضة: قمتُ بقراءة كتاب لطلابي في الروضة اسمه "الولد الأميرة" وجاء أحد الآباء المسيحيين المتدينين صارخاً بوجهي متهماً إياي بتجاوز الحدود، فضحكت الفتاة على ذلك الأب وضحك بقية الطلاب.

حينها لم أستطِع ألا أتكلم فقلت: عفواً، لكن من سمح لكِ أن تغيري دين الابن! الدين والجنس خط أحمر، وليس لكِ حق تعليم ابنه ما يخالف عقيدته. قاموا بإسكاتي جميعاً وقالوا لي: كما يتم السماح لكِ بالحجاب دون أن نتدخل، يجب أن تسمحي بالشذوذ دون أن تتدخلي.. ورغم احتقاني الشديد لربطهم الحجاب بالشذوذ، ورغبتي في قول إن السترة فضيلة بشرية لا تقارن بما تحاولون فعله.. قلت: أنتم تسمحون بالحجاب، لكنكم لا تعلّمون بناتكم أن لهن الحق بتجربته أو اختياره منذ الطفولة، وكذلك لو وافقتم على الشذوذ، ليس لكم الحق بتعليمه للأطفال وأن تعرضوا عليهم اختياره منذ الطفولة.. وأمسكتُ علم الشذوذ الذي كان موزعاً على طاولاتنا، وأكملت: لو أردتم السماح للفعل، فهذا الترويج له.. مرفوض.

لا أظنهم فهموا ما قلت، وأخذوا يتوجسون من احتمالية أنني هوموفوب، أي أنني مجرمة قد أؤذي من أختلف معهم، وأخذوا يسألون، لو كنتِ معلمة وبصفك ولد شاذ تعرض للمضايقة، هل ستساعدينه؟ قلت لهم: لا أحد يجب أن يتعرض لأي مضايقة، ولن أعرف أصلاً أنه شاذ؛ لأنني لا أدري بما يجري خلف الحيطان، أنا أتحدث عن الفكرة، الفكرة مرفوضة والترويج لها مرفوض. كما أن الزنا مرفوض، وأعلم أن كثيرين منكم يقومون به، لا دخلي بذلك، وأحترم الجميع.. لكني ضد الترويج له.

المعلمة صرخت بشدة وغضبت منّي وأنهت الحوار؛ لأنها حسب قولها: لم تفهم معنى (مرفوض)، وخافت أن أخلط الفعل بالحكم على الناس أو إيذائهم.. فناقشتها فيما بعد وقلت: أولاً أعتذر أنني رفعت صوتي، فالنبي لوط -عليه السلام- كان قد واجه قومه بهذا الأمر، لم يرفع صوته، دعاهم برفق، وكانت النتيجة أنهم أخرجوه هو وقالوا: "أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون". أريد فقط أن أقول إننا نخاف على أبنائنا جداً، وإننا لا نريد لأحد أن يغير دينهم أو جنسهم، أو يتهمنا بالتعدي إن لم نقبل بذلك..

لي حق القبول أو الرفض، لي حق أن اختار لابني ما يتعلم، لكم حق السماح لي أن أكون مسلمة دون أن تعلموا أبناءكم الإسلام وتطلبوا منهم أن يختاروا دينهم.. من الظلم أن تتهموني بالإجرام او تنعتوني بصفة هوموفوب إن رفضتُ فكرة.. هل لاحظتِ أن من كانوا يتحدثون هم البيض فقط؟ وأن الصينيين والعرب كانوا صامتين مقموعين؟ هل هذه هي المساواة التي تعلّمونها؟ أم أنكم تقومون بهيمنة ثقافية وتصغّرون الرأي المعارض باتهامه؟

كانت متفهمة مندهشة وصلتها الفكرة، وأخذت تنصت باهتمام كبير وتطرح أسئلة.. وأخبرتني هي حينها أنني صوت قوي للمرأة المسلمة. شعرتُ بالفخر وكان نقاشاً رائعاً، وكانت من أكبر الداعمين بعدها لي ولصوتي كلما أردتُ التعبير رغم أن تخصصها تشذيذ (كويرينج).. وإلى جانب حوارات المثقفين، يبقى الأطفال في المدارس وحدهم تعصف بهم المناهج، مع تشجيع المعلمين للخطأ، وإنكار زملاء الصف فكرة العفة أو عدم فهمها.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
هدى سامر
عربية مقيمة في كندا
تحميل المزيد