قدمت استقالتي من التدريس.. وتحولت حياتي.. هذا ما حدث معي

عدد القراءات
2,199
عربي بوست
تم النشر: 2018/08/30 الساعة 13:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/30 الساعة 13:43 بتوقيت غرينتش
Shot of colleagues celebrating during a meeting in a modern office

منذ صغري وأنا أردد دوماً عبارة "إنما الذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان"، وأهديها دائماً إلى من أُحب.

 

كم كتبتها بين أوراقي وعلى كتبي المدرسية.. لم أكن أعلم سر تعلقي بهذه العبارة تحديداً، وعندما كبرت وعاصرت الحياة وعايشت العديد من الخيبات التي كانت الدافع الدائم لي للاستمرار، استحضرت عبارتي مجدداً، وأيقنت بأن عليَّ ألا أكترث للعقبات حولي، وأن أواصل مسيري حتى أجعلها في يوم من الأيام ذكرى لا أكثر.

 

بدأت قصتي عندما أنهيت مرحلة الثانوية العامة وجاء وقت اختيار تخصصي الجامعي. هواجس الحيرة شغلت تفكيري، فأنا بين قرارين؛ إما أن أختار تخصصاً لطالما حلمت به وهو هندسة ديكور، وإما أن أختار تخصص اللغة الإنكليزية بناء على رأي والدي.

 

ذهبت للجامعة مع والدي، ولمحت بريقاً من الأمل في عينيه، وقُلت بنفسي: سألبِّي رغبته، ولن أتردد في التخصص الذي سيختاره هو لي.. ووقع الاختيار على تخصص معلم صف لغة إنكليزية .

وبدأ المشوار.. اجتهدت وثابرت، وكان همي فقط أن أُدخل السرور على قلب والدي، وكنت أردد في نفسي: "طالما تعب والدي وضَّحى من أجلنا، ألا يستحق مني أن ألبي رغبته".

ولكن المفارقة العجيبة التي حدثت بعد اجتيازي ثلاثة فصول هي إلغاء التخصص!

 

عادت الحيرة لي من جديد، فأنا بين خيارين لا ثالث لهما لأخرج بأقل الخسائر؛ إما أن أختار تخصص معلم صف، وإما أن اختار لغة إنكليزية ترجمة.

 

ولكن، عزمت على اختيار تخصص الترجمة تلبيةً لرغبة والدي، وكان الاختيار بمثابة أهم تحدٍّ لي في حياتي.. عانيت الكثير، كانت الصعوبات التي واجهتها أكثر بكثير مما كنت أتوقع، ولكن إرادتي ورغبتي في النجاح كانتا أكبر من كل الصعوبات.. وبحمد الله تخرجت في الجامعة وبتقدير "جيد جداً". إضافة إلى ذلك، حصلت على توصية من عميد كلية الترجمة لتكون داعماً لي في رحلة بحثي عن وظيفة.

 

عملت في مجال التدريس عامين، ولكن كنت دائماً أشعر بأن مكاني ليس هنا، لا أرغب في الاستمرار أكثر، وقررت حينها أن أقدم استقالتي، وأن أُنهي هذا المجال من حياتي.

لم أتوقف قَط، واصلت مسيري بحثاً عن نفسي، لعلي ألتمس نوراً يبدد لي ظلمتي.. التحقت بعدة دورات تدريبية، وفي كل مرة ينتابني الشعور ذاته بأن مكاني ليس هنا.

 

واصلت مسيري؛ حتى لا أسمح لليأس بأن يتسلل إلى قلبي. وفي ذات يوم، وصلت لي رسالة من مركزٍ سبق أن التحقت بورشة لديه، بأن هناك فرصة للتدريب في صحيفة إلكترونية .

لم أتردد برهة في خوض غمار تجربة جديدة، لعلها تفتح لي أبواباً كنت أظنها موصدة.

 

بدأت التدريب في الصحيفة، ومرت الأيام.. حتى جاء الوقت لكتابة أول تقرير، اعتبرت ذلك بمثابة تحدٍّ لي.

وبعد إعدادي التقرير، جاء الوقت لعرضه على رئيس التحرير. وهنا اختلطت المشاعر لديَّ، شعرت بالقلق والارتباك.

بدأت الأسئلة تجول في خاطري.. هل سأجد نفسي هنا أم سأبقى حائرةً في دوامة الحياة؟

 

كان رد فعل رئيس التحرير بمثابة المكافأة لي.. لم أنسَ حينها دهشته وإعجابه وقوله: "أنا بشوف فيكِ صحافية ناجحة في يوم ما".

هنا سكنت نفسي كطفل أضاع والديه في متاهة، وعناية الله جمعته بهم فارتمى باكياً بين أيديهم من شدة فرحه برؤيتهم.

 

إنني أخيراً وجدت شغفي الضائع.. من هنا كانت الانطلاقة في عملي بمجال الصحافة، ولن أتوقف أو أتوانى لحظة عن تحقيق طموحي بدراسة ماجستير صحافة وإعلام.

 

والآن ناقوس الذكرى أعاد لي مجدداً أحلى الذكريات، التي كنت أظن في حينها أنها عقبات ستنال مني، لكن طالما نتنفس فلن يتوقف الإصرار فينا، لنصل يوماً ما ونحقق أهدافنا.

لا تتخلَّ عن طموحك وشغفك، ثق بنفسك وبقدراتك، وتوقَّع الأفضل دائماً كما لو أن من المستحيل أن تفشل.

 

 

 

 

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نانسي شروف
صحافية ومُعدة برامج