ماذا لو لم تكن جنسية محمد صلاح مصرية؟!

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/29 الساعة 14:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/29 الساعة 14:35 بتوقيت غرينتش

تفاقمت أزمة اللاعب المصري العالمي محمد صلاح مع الاتحاد المصري لكرة القدم خلال الأيام الأخيرة، عقب تبادل رسائل بين وكيل اللاعب القانوني من جهة، وبين الاتحاد المصري لكرة القدم من جهة أخرى، تضمنت تبادل المطالب والاتهامات المباشرة وغير المباشرة والتلويح باتخاذ إجراءات إدارية وقانونية ذات علاقة.

وبالنظر إلى إشكاليات تلك الأزمة، إن صحَّت تسميتها كذلك، يلاحظ أن مطالب اللاعب المذكور تعد جزءاً من حقوق يتمتع بها اللاعبون المحترفون في الأندية الأوروبية، من حيث توفير سبل الراحة المناسبة له أثناء مشاركته في المباريات الخارجية مع المنتخب المصري، ومنع استخدام صوره من قِبَل الاتحاد المصري لأهداف ربحية قد تعود بالضرر عليه نتيجة لالتزاماته قِبَل الشركات الراعية التي تتمتع بحقوق قانونية حصرية بخصوص كل ما يتعلق بإستغلال صور اللاعب المذكور، إضافة إلى مطالب أخرى ذات علاقة.

وتعكس تلك الأزمة حجم التفاوت الكبير بين العقلية الاحترافية السائدة في أوروبا، وبين تلك العقلية السائدة في معظم دول الشرق عموماً، والعالم العربي خصوصاً. فبينما نجد أن اللاعب المحترف في دول أوروبا يتمتع بكافة وسائل الراحة التي تمكّنه من أداء المباريات بشكل مُرضٍ ومريح، نجد أن عقلية بعض القيمين على مقاليد الحياة الكروية في الشرق ليس لديهم -مع الاحترام- الخبرات الكافية التي تمكّنهم من فهم طبيعة العملية الاحترافية ومتطلباتها والتزاماتها، ما يعكس حجم الخلل الموجود في بعض اتحادات الكرة العربية من جانب، ويعكس كذلك عدم قدرتها على فهم ومراعاة الالتزامات المترتبة على عاتق اللاعبين المحترفين في الأندية الأوروبية من جانب آخر.

إضافة إلى الاستغلال التجاري، ثارت شكوك، غير مؤكدة على كل حال، أثناء مشاركة المنتخب المصري في نهائيات كأس العالم في الفيدرالية الروسية بقيام الاتحاد المصري لكرة القدم باستغلال اللاعب محمد صلاح لأغراض سياسية، خصوصاً بعد إقامة المنتخب المصري في العاصمة الشيشانية غروزني ولقائه بالرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، ما سبّب له بعض الانتقادات من قِبَل وسائل الإعلام البريطانية بسبب اتهامات سابقة موجّهة ضد قاديروف حول قيامه بانتهاك حقوق الإنسان في بلده. وهو ما دفع اللاعب صلاح إلى التلويح، وإن بطريقة غير مباشرة، بالرغبة في اعتزال اللعب الدولي مع المنتخب المصري.

خلاصة القول، لا بد من قيام الاتحادات الكروية العربية بمراجعة أساليب عملها وطرائق تفكير مَن يدير أمورها من أجل حماية اللاعبين العرب المحترفين في الأندية الأوروبية، ما يُسهم في تمثيلهم لبلدانهم وشعوبهم خير تمثيل، وحمايتهم من أية مؤثرات خارجية قد تنعكس سلباً على أدائهم أثناء المباريات، سواء مع أنديتهم أو مع المنتخبات الوطنية، خصوصاً بعدما أضحت كرة القدم بمثابة قوة مؤثرة على المستوى الدولي؛ نظراً لازدياد عدد متابعيها ومحبيها. وعمل ذلك ليس بالأمر الصعب لو توفرت النوايا الحسنة، والرغبة في إصلاح الخلل الإداري الموجود، بعيداً عن أية تعقيدات بيروقراطية قد تسبب ضرراً للاعبين العرب المحترفين في الأندية الأوروبية، وتهز صورتهم أمام مشجعيهم ومحبيهم، أسوة بما تقوم به اتحادات الكرة في الغرب مع لاعبيها المحترفين في دول أخرى.

وحقيقة الأمر لم أسمع مطلقاً قبل تلك الأزمة عن قيام اتحاد كرة قدم محلي بتبادل الاتهامات مع لاعب يمثله على المستوى الدولي خير تمثيل، كما حصل مع اللاعب صلاح، عوضاً عن رعايته وتوفير كافة متطلبات المحافظة على نجاحه، ما يبرز الحاجة المُلحَّة إلى ضرورة تغيير النهج القائم في بعض اتحادات الكرة العربية بأسرع وقت وأقرب فرصة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
إيهاب عمرو
أستاذ متخصص في القانون
أستاذ متخصص في القانون
تحميل المزيد