ما الذي تعنيه لك كلمة "رجولة"؟ هل تعني في نظرك مفاهيم معينة وصفات لا بد أن تتمتع بها؟ هل ترى أنها ميزات طبيعية أم مكتسبة؟ هل تعتقد أنك وُلدت رجلاً أم أنك تحتاج الكثير لتصبح رجلاً؟
لقد تربيت على مفاهيم وعادات للرجولة توارثتها عائلتك والمحيطون بك جيلاً بعد جيل، وغالباً ما يحب الرجال في عالمنا الشرقي أخذ نصائحهم وتجاربهم ونظرتهم للحياة من أقرانهم من الرجال، تلك هي الرؤية الأساسية التي تشكل وجهات نظرهم وطريقة تعاملهم مع مَن حولهم، ولكن هل جربت يوماً أن تنظر إلى نفسك بعيون المرأة؟ هل سألت نفسك كيف تراك؟ كيف تبدو في نظرها؟ هل قوتك هي المعيار؟ قد تكون قدرتك على الإنفاق وتحمّل الأعباء المادية؟ أو لعل السبب كونك "الذكر"، ما يفرض نوعاً من الاستعلاء الطبيعي أو الفوقية، هل اعتبرت نفسك يوماً ما رجلاً ضعيفاً؟
لماذا تعتقد المرأة أنك، وإن كنت تحمل تلك الصفات، فأنت "رجل ضعيف"؟ لماذا لا تشعر برجولتك رغم وجود المؤهلات الطبيعية لذلك؟
حتى لا تكون رجلاً ضعيفاً لا تتحول إلى بنك أو محفظة، تعلم أن الماديات جزء من الحياة وليست الحياة كلها. ستفرح امرأتك بهدية غالية الثمن لكنها لن تعوضها عن حضنك واحتوائك، لا تكن بخيلاً في مشاعرك، لا تتخذ الإنفاق وسيلة للهروب تتخلص بها من عبء العطاء العاطفي، كن قواماً كما قال رب العالمين: "الرجال قوَّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"، فضَّلك الله بقوتك وقدرتك على الإنفاق العاطفي والحب واحتواء تلك التي خلقت منك ثم بالإنفاق المادي.
حتى لا تكون رجلاً ضعيفاً، لا تلجأ للقوة لإثبات رجولتك، هي لم تختَرك لأنك هركليز أو عنترة بن شداد، بل اختارت رجلاً قوياً يحميها لا ليمارس عليها القهر والعنف، لا تلجأ إلى العنف الجسدي فتجرحها وتكسرها، حينها فقط ستسقط من نظرها ولن يجدي الإصلاح ما استطعت، كسرت السيدة عائشة إناء طعام أمام أصحاب النبي غيرةً من السيدة حفصة فلم يزِد النبي عن قول: "غارت أمكم"، ولم يعنّفها ولم يتخذ رد فعل قاسياً رغم أنها فعلت ذلك أمام أصحابه.
حتى لا تكون رجلاً ضعيفاً لا تنظر لها على أنها أداة لمتعتك فقط، أو لعبة جميلة تنتهي بانتهاء شهوتك، عاملها كإنسانة، احترم مشاعرها وأنوثتها، لا تعاقبها لأنها خُلقت لك ولإرضاء رغباتك، دلّلها وحاول إرضاءها والتماس ما تهواه ستكون لك أكثر مما تتمنى. قبلها، المس يديها، وخذها في حضنك، لا تناديها إلا بالاسم الذي تحب والكلمات التي تعشقها، تلك هي الحياة بالنسبة لأية امرأة.
حتى لا تكون رجلاً ضعيفاً، تعلم فنّ أن تشاركها الحياة، ابحث عما يسعدها، أهدِها باقة من الورود التي تفضلها أو أرسل لها رسالة حب على المحمول أو الفيسبوك، جرب أن تعد الطعام بدلاً منها، جرب أن تشاركها في أعمال المطبخ والتنظيف، تحمل عبء الأطفال ومشكلاتهم، كن داعماً لها في عملها، احتفل بنجاحاتها المهنية، وشاركها التخطيط للمستقبل.
حتى لا تكون رجلاً ضعيفاً، لا تفرض عليها اختياراتك الشخصية في الحياة، اترك لها مساحة لتعبر عن نفسها، لا تجبرها على اتباع نمط أو أسلوب ترفضه، احترم استقلاليتها وقدرتها على اتخاذ قراراتها بلا ضغوط، لا تلعب دور الوصي بدعوى الحب أو الخوف، بل كُن داعماً لحريتها واختياراتها الذاتية.
هل أدركت الآن لِمَ تعتبر المرأة رجلاً ما ضعيفاً في نظرها؟
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.