كل رجل يزرع شجرة وينكد على زوجته وترويها بدموعها ثم يأكل الرجال من الثمار ..عن أساطير البيت المصري القديم

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/16 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/16 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
Young sad afraid woman and her violent screaming man

"كل رجلٍ عليه أن يغرس نبتة أمام منزله، وينكَّد على زوجته مثلما تنكّد عليه، حتى تبكي بالقدر الكافي لريّ النبتة.. فإذا التزمنا جميعاً بهذه المشروع العظيم، فسوف تمتلئ القرية بعد سنوات قليلة بالأشجار، فيأكل الجميعُ من الثمار".. جملة رائعة في قصة قصيرة نشرها مولانا يوسف زيدان بعنوان "عِنين بكسر العين".

ترمز القصة إلى رجل قرر أن يلقي بذنب عجزه وضعفه على امرأته التي لم يصارحها منذ البداية بعجزه عن أداء واجباته الزوجية، الأمر الذي تُرجم في مخيلتي إلى معنى أوسع بات سائداً منذ زمن في كل بيت مصري، وهو "خراب البيت أو عماره من الست!".

ما زال الكثير من الرجال يؤمنون بتلك المقولة البلهاء، يحملون المرأة أكثر ما تحتمل، ويعتبرونها المسؤول الأول والأخير عن فساد البيت أو صلاحه، هي الأم والزوجة والخليلة والمدرسة والطباخة… إلخ! أما الرجل فهو مجرد طفل تستطيع بذكائها وخبرتها أن تقوده كيفما تشاء وتحرك بداخله ما تريد.

بالنسبة لي هذا منطق عاجز لا يختلف كثيراً عن العجز المشار إليه سابقاً، فإذا كان الرجل يعتبر نفسه على هذه الصورة الهزيلة فمن أين يكتسب قوامته؟ هل قوامته تعبر عنها قدرته على الإنفاق؟ أم أنها رجولته التي توحي له بأن أهم ما يمكن أن يشغله أو يؤرقه هو زي زوجته أو ظهور أجزاء من جسدها أو ارتفاع صوتها؟

الرجل هنا يختزل صورته في الجانب الذكوري فقط، يتناسى مسؤولياته كرب أسرة ورجل ملتزم تجاه زوجته وأبنائه بكل ما تحتاجه المسؤولية من واجبات، لا يدرك أن القوامة والرجولة جزء كبير منها القدرة على تحمّل مشاق الحياة جنباً إلى جنب مع امرأته، وليس أن يلقي بالحمل كله عليها؛ لاقتناعه التام بأنها صاحبة المسؤولية الأولى في ذلك.

بناء الحياة الزوجية أو هدمها ليست مسؤولية طرف دون طرف، ولكنها مشاركة بنسبة 100%، كل طرف يتحمل فيها المسؤولية بالقدر نفسه، لا ميزة ولا تفضيل لطرف على آخر، ليس الرجل هو ذاك الطفل الذي يحتاج إلى من يقود خطواته ويهديه الطريق، وليست المرأة هي تلك المخلوق الخارق الذي يحرك العالم بعدة أصابع!

تخلي الرجل عن مسؤوليته بهذه الطريقة هو نوع من الهروب وراءه خوف كامن من مواجهة الحياة، ورغبة في التخفف من الأعباء التي قد لا يستطيع استيعابها والقيام بها في وقت ما؛ لذلك فهو يلقي بالمسؤولية على الطرف الأقرب والأسهل لتحمل اللوم والتقصير والفشل!

وإذا سلمنا بأن الرجل مجرد طفل تحركه المرأة كيفما تشاء، إذاً فمن حق المرأة أن تقود الحياة بنسبة 100% دون اعتبار لوجوده طالما أنها أساس الهدم وأساس البناء، والرجل حينها لا يعدو إلا أن يكون "خيال ظل" تابعاً للهوى منفذاً لطلبات الطرف الآخر، فهل ستسمح بأن تكون هذا الرجل كما أردت؟

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
جهاد منسي
كاتبة مصرية
تحميل المزيد