إليسا ثم مريام فارس، ويبدو أن هناك آخرين.. حكاية اسمها السرطان

عدد القراءات
1,900
عربي بوست
تم النشر: 2018/08/10 الساعة 17:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/10 الساعة 17:26 بتوقيت غرينتش

"السرطان بوجع بس ما بموت".. جملة سطرتها فتاة شجاعة نجت من السرطان عبر حسابها "الفيسبوكي"، جعلتني أستبشر أملاً بشفاء 5 أشخاص وصل لي نبأ إصابتهم بالسرطان خلال الفترة الماضية.

يلتقم السرطان هناء ملايين البيوت وبهجتهم سنوياً، تمور الجدران وتفيض الزوايا بالكدر فور معرفة نبأ إصابة أحد ساكنيها بالسرطان. يستنطق هذا المرض مرضاه بالصبر والدعاء، ويسرف على عائلاتهم وجع قلة الحيلة في أثناء مراقبتهم أحبَّتهم وهم يواجهون أعسر معارك حيواتهم، ينتصب المقاتلون في هذه المعركة بأفكارهم وبعزائمهم وبأحلامهم أمام هذا الوصب الغريم الذي يربطهم بين جسرين؛ جسر حياة تزهو وتولد بعد الشفاء، وجسر رحيل سينقلهم إلى عالم شفيف أرحب يجود على أهله بنعيم سرمدي وبالرحمة والنور.

يصيب مرض السرطان 12 مليون شخص سنوياً، ومعظم المرضى يختارون العلاج التقليدي المتمثل بالجراحة والعلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي، لكن بعض المرضى يدعمون علاجهم التقليدي بالطب التكميلي، وفي حال اختير هذا العلاج المشترك فيجب أن يتم تحت إشراف الطبيب.

لكن بعض المرضى ينأون بأنفسهم عن العلاج التقليدي؛ لإيمانهم بأن العلاج الكيماوي يدمر الجهاز المناعي ويحطم الخلايا السليمة، فيختارون مدارس علاجية مختلفة كنظام المايكروبيوتك مثلاً، الذي يرى مُنظِّروه أن علاج السرطان يكمن بالغذاء وبتغيير أسلوب الحياة، ويرى الباحثون في هذا العلاج أن السرطان ما هو إلا تراكمات للأكل الفائض السيئ كالألبان والسكر، حيث تتحول هذه التراكمات إلى كتلة تتعرض لطفيليات أو لفطريات فيطلق عليها مصطلح ورم سرطاني، وهذا التفسير قريب جداً لما أعلنه الطبيب الإيطالي توليو سيمونسيني، الذي أوضح أن السرطان ليس سوى مرض فطري سببه فطريات (خمائر) الكانديدا الموجودة في أجسامنا بكميات قليلة، لكن لعدة أسباب -أهمها تناول السكر الأبيض والمضادات الحيوية التي تقتل البكتيريا النافعة ومشتقات الألبان المصنَّعة وتلوث البيئة المحيطة- يفقد جهاز المناعة السيطرة عليها فتتكاثر وتبث سمومها، فتسبب عدة أمراض؛ منها: التعب، والوزن الزائد، والحساسية، ورائحة النفس الكريهة، وآلام المفاصل، وضعف الجهاز المناعي، والسرطان.

هذا وقد ظهرت بعض الدراسات غير المعتمدة التي ذكرت أن السرطان ليس سوى نقص لفيتامين (B17)، وأن شركات الأدوية والقوى المهيمنة على المؤسسات والمختبرات الطبية في العالم ترفض إنتاج العلاج، وتحاول التعتيم على هذه الدراسات؛ بسبب المليارات التي يدرها العلاج الكيماوي، وذكرت العديد من المواقع الطبية أن العلماء والأطباء يقومون بمزيد من الأبحاث حول علاج السرطان بالخلايا الجذعية لاعتمادها مستقبلاً باعتبارها علاجاً فعالاً، وأكدت بعض الأبحاث أن العلاج بالخلايا الشجرية أثبت فاعليته في شفاء العديد من الحالات المتقدمة من مرض السرطان كما حصل مع ممثل مصري يدعى يوسف منصور، الذي ظهر في مقابلات تلفزيونية، ادعى من خلالها أنه عولج من السرطان عن طريق الخلايا الشجرية.

وتزخر الشبكة العنكبوتية بمئات الوصفات العلاجية والأسباب لمرض السرطان، البعض يدرج هذه الوصفات والأسباب تحت خانة "الواتسابيات" والخرافات، خصوصاً أن معظمها غير مثبت علميّاً، وآخرون يرون أنها صحيحة، لكنها بحاجة للأبحاث والتجارب لتوثيقها، ومن هذه الوصفات ما يتم تداوله بأن العسل يعالج السرطان، إضافة إلى عشبة العلندة والفِطر الهندي وعشبة القطف وعشبة الشيح والجرافيولا أو نبتة القشطة وبيكربونات الصوديوم وعصير الجزر وبراعم القمح وعشبة الأرقطيون، ويُتداول عبر المنصات الإلكترونية أن من أهم أسباب الإصابة بالسرطان سائل الجلي الذي يبقى عالقاً على الأطباق على الرغم من غسلها بالماء، حيث يعلق السائل بالطعام الساخن عند استخدام الأطباق فيتناوله الإنسان ويسبب المرض مع مرور الوقت. أيضاً من الأسباب المتداولة لسرطان الثدي استخدام مزيل العرق الذي يكون معنوناً بمضاد التعرق (antiperspirant)، حيث يحتوي على أملاح الألومنيوم التي تحبس العَرق داخل الجسم. ومن الأفكار التقليدية المنتشرة منذ سنوات طويلة والتي نفى صحتها العديد من الأطباء، أن غسل الشعر في أثناء الدورة الشهرية يسبب سرطان المبيض والثدي. ومن الأسباب المتداولة أيضاً، مادة جلوتومات أحادي الصوديوم (MSG) التي تحمل الرمز الغذائي (E621) والموجودة في العديد من المنتجات كمكعبات المرق أو مكعبات الموت كما يطلق عليها، وبعض رقائق البطاطس والوجبات السريعة.

معظم المرضى الذين نجحوا وقهروا مرض السرطان أكدوا أن الحالة النفسية للمريض تعتبر نصف العلاج؛ لذلك على المريض أن يحسن اختيار الأشخاص المحيطين به خلال فترة علاجه، فالعديد من أفراد المجتمع يفتقرون إلى ميزة المنح الإيجابي ولأسلوب التعامل المحفز والداعم للمرضى، ويبثون طاقتهم السلبية من خلال أحاديثهم، أذكر أني قرأت قبل مدةٍ عدة تعليقات لمجموعة من المرضى الذين تم سؤالهم عن أكثر الأمور والتصرفات التي تضايقهم، معظمهم ذكروا نظرة الشفقة التي تعتلي وجوه أصدقائهم وعائلاتهم، إضافة إلى الأسئلة والتعليقات التي وُصفت بـ"الغبية"، ومنها "الكيماوي بوجع؟"، "منيح وجهك مو أصفر اليوم"، "معلش معلش تكفير ذنوب"، وهنا أستذكر قصة أخبرتني بها إحداهن عن سيدة اكتشفت إصابتها بالمرض في مراحله المتأخرة، حيث أخبرها الطبيب بأن أمامها عدة أشهر لتبقى على قيد الحياة، فقررت تلك السيدة، بدعم من زوجها، أن تغير أسلوب حياتها بشكل جذري، فانتقلا إلى منزل بعيد عن المدينة، والتزمت بنظام غذائي صحي صارم ومدروس، وقطعت علاقتها بمعظم أصدقائها وأقربائها، والتزمت بالمشي والتأمل وبعلاج الطبيب، فشفيت من السرطان تماماً.

هل فكرت يوماً في أن تقرأ مكونات حلوى أطفالك المفضلة؟ هل تعلم أن العديد من الوفيات المرتبطة بأكثر من 10 أنواع من السرطان مرتبطة بعادة التدخين السيئة؟ هل تعلم أن مريضاً من بين كل 5 أو 6 مرضى في العالم تكون إصابته بسبب الفيروسات والبكتيريا؟ هل تدرك أن 100 مليار دولار هي قيمة ما يتم جَنيه سنوياً من تجارة السرطان، وأنه لو أعلن عن التوصل إلى علاج يقضي على المرض، فإن مافيا الأدوية ستخسر كل هذه العوائد، على حد تعبير المناهضين للعلاج التقليدي؟ هل تعلم أن السرطان يعشق السكر ويكره البيئة الوافرة بالأكسجين؛ لذلك عليك أن تمارس المشي، وأن تتدرب على طريقة التنفس الصحيحة لإيصال الأكسجين إلى جميع خلايا الجسم. هل تستطيع أن تستوعب أنه في يومنا هذا يوجد أشخاص يعتقدون أن السرطان من الأمراض المعدية؛ لذلك يتجنبون التعامل مع أشخاص مصابين بالمرض؟ هل تعلم أن بعض الأشخاص اكتشفوا بعد تشخيص إصابتهم بمرض السرطان وبعد أن ذاقوا عذابات العلاج، أن أجسادهم خالية من المرض وأن التشخيص كان خاطئاً؟! السرطان ليس إلا حكاية من حكايات الحياة التي أُجبرنا على عيشها.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
غدير حاتم
مترجمة فورية من الأردن
تحميل المزيد