هكذا استطاع مصطفى عزت توحيد ١٦ دولة عربية وإفريقية وآسيوية

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/06 الساعة 11:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/06 الساعة 16:03 بتوقيت غرينتش
Alexandria, Egypt - December 17, 2017: Some quarters of Souq at Tork are occupied with stationery market, also here locate numerous printing houses and book stores, on December 17 in Alexandria.

تعتبر الكتابة فعل استسقاء لعطش الأبجدية، من نوء المحابر، وعدّ الأقلام بقوس قزح الحرية، وسفرٌ من أرض كتابٍ لأخرى، خلف غيمة حبلى بمطر النبوءات الإبداعية، فعل فرداني يمارسه المرء، فيخرج للنور حاملاً أثر صاحبه من ورائه ليخلّده، كذرّية من ورق، تحمل اسمه وجه الزمان وذاريات النسيان، أو يظل حبيس كراريس الكاتب، حتى حين.

الكتابة فكرة قبل أن تكون حرفاً، حرفاً ذا كينونة بعد مرورها من كافِ ونونِ الأمر "كن".

 وهكذا حول الكاتب المصري "مصطفى عزت" حلماً راوده عن نفسه في نشوة الوسن، إلى حقيقة مسافرة بكل عنفوان الكتابة، طول خارطة الوطن العربي، وعرض كُتابه، مواجهة لُجج التحديات، نحو برِّ الوصولِ، ساعي بريدٍ إبداعي الرسائل، يحمل في طياتها صوتَ كلِّ صاحبِ فكرَةٍ في يد، وفِي الأخرى مجهراً يُنقِّب عن المواهب الحقيقية، المبدعة في مغازلة الكتابة، لتقديمها نحو قرّاء، في مجتمع بات يتراجع منسوبُ القرّاء فيه، تاركاً المساحة فارغةً للجمهور الذي بات يستأسد على جثة الأدب.

جاء بـ "حلم الوصول" قدر يسبح عكس التيار، قدر يناشد في الأدب حاجته لرتق جرح أمة ظلَّت السياسات العفنة، والجغرافيا الضيقة كحذاء صبي تفتقه حتى تقيَّح واتَّسع، من المحيط إلى الخليج، لتخرج الفكرة من تجاويف الحلم إلى رحابة الواقع، صارخة بوجودها، يُردِّد صداها الوطن المجروح من أقصاه إلى أقصاه، كأنه يردد ملء فِيه: "نعم، تحقَّق الحلم، حين صحَّ العزمُ".

مصر، السودان، فلسطين، المغرب، اليمن، موريتانيا، تشاد، الأردن، العراق والجزائر… إنها ليست أسماء منتخبات مشاركة في عرس كروي، بل هي بعض الدول التي لبَّت أقلامُها نداءَ "مصطفى عزت"، وهبَّت لترسُمَ معه، لنا ولهم، موناليزا نص جذوره في إفريقيا، وشماريخه تنثر ظلها على العالم العربي، نص يكفيه أنه يحمل جينات أوديسة، ليخلدَ إلياذة شبابية تستنكف حياة القطيع.

يقول "مصطفى عزت" مفجِّر الفكرة، المصري، وململم الجسد الحبري الشبابي العربي: إن "المبادرة انطلقت في فبراير/شباط من العام 2017 للتشجيع على القراءة والكتابة وإظهار المواهب، وهي مبادرة شخصية وليست تابعة لأي منظمات أو مؤسسات، ولا يدعمها أحد إلا أعضاؤها، فهي تطوعية، وقد كانت البداية من وجهة نظري أنْ أحدث تغيراً في المجتمع الثقافي المصري، ولكن كما أقول لكل يوم حلم جديد، فبعدما بدأت المبادرة في تحقيق الأهداف المرجوة منها داخل مصر، أصبحت هناك فرصة ليصبح الحلم أكبر، دولة، فدولة، ثم دولة، لتصبح مبادرة دولية".

"أما الغاية فهي عودة الحياة الثقافية والأدبية إلى عزّها، وتحريك مياهها الراكدة، وكما أخبرت: الغاية أصبحت تكبر، وأصبح الهدف منها هو بناء رابط مودة، وتجمع بين الشعوب، فالثقافة قادرة على أن تجمع الشعوب. وهذا ما وجدناه، أن الشعوب متعطشة لتجتمع على الخير، أما حلم الوصول فهو بعيد، إذ ما زال أمامنا الكثير حتى نصل إليه"، يضيف عزت.

وعمّا إذا كانت هذه المبادرة قادرة على بناء صرح ثقافي عربي مشترك متين، يقول الكاتب مؤسس المبادرة: إنها أصبحت بالفعل "صرحاً فريداً من نوعه، ولأول مرة تكون هناك مبادرة ثقافية أدبية شخصية، استطاعت أن توحّد وتجمع أكثر من ست عشرة دولة عربية وإفريقية وآسيوية، في عمل مشترك فريد من نوعه، فريد لأنه لا أحد فيه أفضل من أحد، الكل يحاول إيصال رسالة، وليس هناك كبير أو صغير؛ لأنهم عائلة تسمى "عائلة حلم الوصول".

 وأيضاً هي مبادرة فريدة من نوعها؛ لأنها أول من أطلقت سلسلة أدبية مشتركة، تم إخراج ثلاثة كتب منها، والكتاب الثالث هو الفريد من نوعه، الذي شارك فيه أدباء إحدى عشرة دولة، وهي الآن بصدد إصدار الكتاب الرابع، الذي حظي هو أيضاً بمشاركة ست عشرة دولة.

مقبولة عبدالحميد، شاعرة فلسطينية، مشاركة في المبادرة، ترى من زاويتها "أنه رغم تفرقة السياسات والاحتلال، والبعد الجغرافي والعقائدي، ستجمعنا؛ بل جمعتنا اللغة والكلمة والحرف". وتضيف بنت الجليل بحُرقة ملتاعة: "إن المبدعين دوماً يلتقون هناك، حيث تتوحد أمنياتهم وتحلق في سماء واحدة، والغاية من المبادرة هي لمّ شمل كل من وجد بالكلمة متنفسه ورسالته وكينونته، والحلم كما أراه أن تغرد طيورنا فوق كل الروابي، من المحيط إلى الخليج، بأنشودة واحدة، ولحن واحد، وقلوب متحابّة، كل من مكانه يشارك ببنات روحه؛ لنُسمع العالم أننا كنا بناة الحضارات وما زلنا.

 والمبادرة من المؤكد سوف تلمّ الشمل، ولن توقفها حدود ولا سدود، وسيصل الصوت إلى أبعد حدود الدنيا لنقول: إننا هنا على الخريطة قوة عربية لم تغب، ولن تغيب".

من جهته يرى الشاعر الحِمصِيُّ "عبيدة بوكور"، وهو أحد شباب المبادرة الثقافية، من سوريا، يرى أنه "رغم فشلنا في توحيد صفوفنا كعرب، لا في السياسة أو الحدود أو أي شيء، ورغم المحن التي تمر بها أمتنا العربية، فإنه علينا أن نسعى لخلق شيء يجمعنا مهما كان، وكانت مبادرة حلم الوصول الدولية عملاً فريداً من نوعه، وسباقاً لخلق جو عربي واحد دون أي تفريق، بين أي أحد من أعضائه".

 كما يعلق عبيدة أملاً كبيراً على هذه المبادرة، التي يصفها بالرائعة،  والتي حققت الكثير من النجاح: "ولولا ذلك لما رأيناها مستمرة حتى اللحظة، وهي التي ستطلق عملها الرابع قريباً" يضيف الشاعر السوري.

المدوِّنة "السالكة الغزاري" في رأيها حول المبادرة، تعتبر أنه من الخسارة أن نتوقف عن الحلم: "من الأحلام ما يبقينا على قيد الحياة، تلامس أرواحنا كنسيم الصباح، كزهرة جورية يفوح عبيرها لتنعش القلوب المرهقة، يرونها أضغاث أحلام، ونراها حياة، نرعاها قليلاً، وتحيينا طويلاً، وكثيراً ما تسعدنا الأحلام وإن لم تتحقق؛ لكن الخسارة هي أن نتوقف عن الحلم".

 وتضيف "الغزاري"، وهي إحدى المشاركات من المغرب:  "تأتي رياح القدر على حين غفلة وتأخذ الأحلام بعيداً، وقد ترحل بها صوب طريق نكون قد رتّبنا حقائبنا للمضي صوبها. وها هو الكاتب المصري مصطفى عزت يلملم هذه الأحلام في كتاب رابع لمبادرة حلم الوصول؛ لتتدفَّق وتكبر معها الأماني".

وهكذا إذن في توليفة قزحية الألوان، تصرخ المبادرة-الحلم، ترنو الإصغاء لحفيف ورقها، دمدمة أقلامها، تناغي من يأخذ بيدها نحو ما وراء تحقيق حلمها، بعيداً عن كَنَف حساسيات السياسة الضيقة، ويقينيات الجغرافيا الموبوءة، علّها ترفع اليراع علماً موحداً، لعالم يمشي حثيث الخطى نحو حتفه.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سعيد المرابط
صحفي مغربي
تحميل المزيد