أم كلثوم ماتت بسرطان الحنجرة وعمر بن الخطاب مات شهيداً في صلاة الفجر.. أنت من تختار طريقة موتك

عدد القراءات
2,037
عربي بوست
تم النشر: 2018/08/06 الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/12 الساعة 08:29 بتوقيت غرينتش

(أم كلثوم ماتت بسرطان الحنجرة، أنور وجدي مات بسرطان المعدة، إسماعيل ياسين مات فقيراً معدماً، قاسم أمين مات بين أحضان فتاتين رومانيتين.. بينما عمر بن الخطاب مات شهيداً في صلاة الفجر، وابن تيمية مات وهو يتلو القرآن الكريم.. أنت تختار طريقك فأحسن رسمه، من عاش على شيء مات عليه، اللهم أحسن خاتمتنا).

كان هذا مقطعاً قصيراً من رسالة طويلة متداولة بكثرة على الوتساب، هي نموذج لرسائل غير متناهية يكتبها -كما يبدو- متدينون لا نشك في نياتهم أو غاياتهم، ويظنون أنهم يحسنون صنعاً، لمَ لا وهم يتحدثون عن حُسن الخاتمة، وأن الإنسان يُبعث على ما مات عليه.

والواقع أن الأمر غير ذلك، فهم يسيئون لأنفسهم، ويرتكبون مخالفات شرعية بالغة دون أن يعلموا؛ فالغيبة من كبائر الذنوب، والحكم على أحد بالجنة أو النار تألٍّ على الله، والسرائر لا يعلمها غيره سبحانه، ونشر الإساءة غير جائز شرعاً، وليس من هدي الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) الشماتة في الموت والموتى، وقد عرف عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قام لجنازة رجل من يهود المدينة.

هذه قواعد عامة وأصول مشهورة، وأضيف أن قاسم أمين مات في بيته، وأم كلثوم وأنور وجدي ماتا بسبب التهاب الكلى، وكل ما تحتاجه لمعرفة هذه المعلومة أن "تجوجلها" أو "تويكيبدها" إن صح التعبير!

أما إسماعيل ياسين فقد مات فقيراً وهذا لا يعد مثلمة في حقه كحال أغلب الصحابة والكثير من الصالحين الذين ماتوا فقراء معدمين.

سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) مات ورأسه الشريف في حجر زوجته عائشة (رضي الله عنها)، وليس في جهاد أو في صلاة أو أثناء تلاوة قرآن كريم.

فيلسوف الحضارة الكبير مالك بن نبي مات بسرطان الدماغ، والشيخ سعيد حوى توفي بجلطة دماغية بعد صراع مع المرض، والقارئ الكبير محمد رفعت توفي بسرطان الحنجرة، رحمهم الله جميعاً، فهل ما أصيبوا به من أمراض خطيرة ومؤلمة ويمكن ربطها بمسيرة حياتهم أمر مسيء لهم أو يدل على انحرافهم مثلاً؟!

لا يمكن ذلك بالطبع، ومن المعروف أن المرض كفارة للمسلم، وربما اعتبر حسن خاتمة، وقد كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يستعيذ من موت الفجأة. استخدمت في تعليقي هذا نفس أدوات ومنهجية من كتبوا الرسالة، ومن أعجبوا بها، وكتبتها عن قناعة وليس استهزاءً بالمناسبة.

ولو أن الرسالة المتداولة تحدثت عن ممارسات أو منهجيات أو أفكار لأمكن مناقشتها، فنحن ربما اختلفنا مع بعض المنتجات الفنية لأي فنان، ولكن هذا لا يعني رفض الفن بالمجمل والتعامل مع أهله على أنهم منحرفون ضالون كما دأب العديد من الدعاة كما في "العفن الفني".

الفن والجمال وجهان لعملة واحدة، وجعل الهدف من الفن إنتاج عمل يتسم بالجمال، ولا يمكن تصور الخير منفصلاً عن الجمال، بل اعتبر مالك بن نبي (رحمه الله) أن الجمال هو الإطار الذي تتكون فيه أي حضارة.

لا شك أن هناك إشكالية في العديد من أفكار التدين أو العقل الجمعي الذي لا يملك منهجية محددة واضحة في عملياته المنطقية والمعرفية وهو مولع بالمقارنات والمفاصلات الحدية.

وأظن أن منهجيات التفكير المنطقية والتفكير الناقد فرض عين على الإسلاميين والمتدينين أكثر من غيرهم، بدلاً من تلك المناهج المهترئة التي يضيعون بها عقول وأوقات مؤيديهم ومريديهم.

وأن تشعل الظلام خير من أن تلعن الشمعة ألف مرة، أو العكس!

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
فالح الرويلي
كاتب ومدون بحريني
كاتب ومدون بحريني
تحميل المزيد