منذ أن ألقت الأزمة الاقتصادية بظلالها على العالم لم تتأثر الحياة المادية والعملية فقط، بل تأثر الحب أيضاً. المجتمعات العربية تتعامل مع الزواج كأنه صفقة يفوز بها من يدفع أكثر. وبرغم اختلاف عادات وتقاليد الزواج في البلدان العربية فإنهم يتفقون على مبدأ واحد.. الزواج لمن يدفع أكثر!
فمثلاً في بعض دول الخليج نجد المهور شديدة الارتفاع، وتزداد ارتفاعاً كلما كانت الفتاة من عائلة ذات مكانة اجتماعية عالية. وفي مصر مثلاً نجد المغالاة في المهر وطلبات الزواج من بين طقوس الزواج، وطبعاً العديد من الطلبات غير المنطقية. من ذلك الإصرار على شراء "النيش" وهو دولاب يوضع في حجرة السفرة وتوضع فيه الأطقم الصينية والكاسات وما شابه من أدوات التقديم، يشترط أن تكون غالية جداً! ولا تُستعمل بالمرّة، بل توضع للزينة بهدف التباهي. أما الأقارب والمعارف فحدّث ولا حرج! فنجد أقل الأسر دخلاً يمكن أن تنفق آلاف الجنيهات على "النيش"، وحدث أمامي أن اختلفت أسرة العروس مع العريس بسبب أنه لم يكن يريد شراء نيش.
أساسيات لا أساس لها
تعتبر حجرة الأطفال من أهم أركان المنزل. لا بد من تأسيس حجرة كاملة للطفل بمستلزماتها، وبعض الأسر تشترط شراء غسّالة للطفل مخصصة لملابس الطفل فقط، والذي بطبيعة الحال لم يُولد بعد!
كذلك المفروشات ولوازم الطفل يتم شراؤها بالكمية. فمثلاً في الريف يجب شراء 24 قطعة من كل شيء مثل الملايات والفوط وما شابه.
بسبب هذه التقاليد البالية، تموت أغلب قصص الحب. وزاد الطين بلة بعد الأزمة الاقتصادية وسياسة التقشف التي اتبعتها العديد من الشركات والمؤسسات بالتخلي عن بعض موظفيها. فالعديد من قصص الحب تبدأ بين شابين من نفس المرحلة العمرية، وتنتهي حين يدرك الشاب أنه لن يستطيع أن يوفي بطلبات أهل حبيبته.
وعن تجربة شخصية لا أخفي عليكم حقيقة أنه قد تم رفضي من قبل والد محبوبتى السابقة بعد عقد مقارنة بين راتبي وقت تقدمي لخطبتها 1000 ج وبين عامل الثلاجة بالسوبر ماركت الذي يملكه والدها. وكانت المقارنة تصب في صالح عامل الثلاجة وقتها، وعلى الرغم من تأكيدي مراراً وتكراراً حول مستقبلي المشرق، وطموحي البالغ، وأنني حاصل على درجة علمية لا يمكن مقارنتها بعامل الثلاجة ولكن لا حياة لمن تنادى.
ملحوظة: فتاتي السابقة الآن في خطبة رجل يكبرها بـ10 سنوات، ومرتبي حالياً يصل إلى 3000 آلاف جنيه.
أصبح الزواج بطريقة العرض والطلب، حيث يذهب الشاري (العريس) إلى منزل السلعة (العروس) فيعرض ثمنها على مالكها (ولي أمرها)، ويتم التفاوض على سعر البيع (الزواج) من مهر وشبكة ومنزل وخلافه، وفي النهاية يصبح الزواج عملية بيع مادية بحتة لا قيمة للمشاعر فيها. وبعد التطور التكنولوجي العالمي، وانفتاح العالم في مجال الاتصالات، تتوافر العديد من أساليب الاتصال، ما يجعل الخيانة الزوجية من أسهل ما يمكن. فنجد بيتاً مؤسساً على أسس مادية، وكل من الطرفين يبحث عن شريك روحه العاطفي للأسف خارج المنزل عبر الإنترنت والهاتف. فتتعدد قصص الخيانة وتزداد نسبة الطلاق لأن الزواج لم يقم على أساس اختيار لشريك حياة، بل هو قائم على أساس مادي بحت. فبعض الفتيات يبحثن عن عائل ثري كي يهربن من حياة فقيرة، وأغلب العائلات تبحث عن زوج ثري لابنتهنّ وكأنّ المال هو السبب الأكبر للسعادة.
هل الأساس المادي مُهم في الزواج؟ ما رأيك بمطالب الزواج والمهر هذه الأيام؟
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.