بعد الجلسة الأولى والثانية نُكمل هذه الجلسة الأخيرة.
هي: لقد قمتُ بتنفيذ كل ما اتفقنا عليه، وتركت التأنيب والغضب الشديد عندما أراه يفعل ذلك، بل أصبحت أتجاهل الموقف تماماً وأكمل يومي، لا أنكر أنني ما زلت أعاني بعض الآلام من ذلك، ولكن ما يخفف حدتها هو أن أسترجع وصفك للحالة الجلسة السابقة.
وما أسعدني أنه عندما أخبرته بالحالة ووصفها، ذهب وقام بالبحث عن تلك المعلومات وتأكد من صحتها، وهو الآن أخبرني بأنه يريد أن أساعده في رحلة التعافي، وأني لا بد أن أكون بجانبه؛ لأنه حاول عدة مرات الإقلاع عن المشاهدة بمفرده ولكن دون جدوى، يعود مرة أخرى.
وما أثلج صدري أنه اعترف لي أن محاولاته لترك تلك المواقع عدة مرات كانت لأنه كان يتألم من حزني، رغم أنه كان لا يُظهر لي ذلك.
فأخبرته بأن الواجب أن يكون السبب الرئيسي في حرصه على التعافي هو الألم النفسي، الذي يشعر به نتيجة إدمانه تلك المواقع، هو الإصرار على التقدم في علاقتنا من أجل سعادتنا وسعادة أبنائنا، وبعد كل هذا سيذهب حزني.
أنا: أتفق معك تماماً في هذه الجزئية، وأشكرك كل الشكر على محاولات الخروج من مأزق الحزن الذي وضعك ووضع نفسه فيه، فاستمري فالرحلة ليست بالهينة عليكما، ولكن نتائجها مبهرة وكفاكِ مكسبكِ حتى الآن هو علاقة الصداقة التي نتجت من المشاركة بينكما، وخلق طريقة جديدة للحوار لم تكن موجودة من قبل.
هي: إذاً كيف أكون له مصدر الدعم على التعافي؟
أنا: ستكونين مصدر الدعم بالتشجيع، وإظهار فرحتك بأي تقدم يفعله حتى وإن كان لا يساوي بالنسبة لكِ شيئاً.
أما عن بداية طريق التعافي فستكون عن طريق طرح الأسئلة التالية على نفسه، وإجابته عليها بمنتهى الاقتناع والصدق، وكتابتها في دفتر ويجعل عنوانه: رحلتي إلى الحياة.
• ماذا يعجبني في تلك المواقع؟
• لماذا رغم المتعة التي أجدها منها أشعر بضيق شديد بعد ذلك؟
• هل المتعة التي أحصل عليها حقيقية، أم مجرد متعة لحظية؟
• وإن كانت حقيقية ما الفوائد التي عادت عليّ منها؟
• هل مداومتي على المشاهدة لتلك المواقع جعلت إنجازاتي في الحياة أفضل؟
• لو تخيلت نفسي توقفت عن مشاهدة تلك المواقع وعن سلوكي بعد المشاهدة، كيف ستصبح حياتي الاجتماعية والعملية؟
• في المرات التي عدت فيها مرة أخرى لتلك المواقع بعد تركها كان في الغالب بسبب تعرضي لشيء سبب لي حزناً أو ضغطاً هل بعد مشاهدتها شعرت بالارتياح والرضا وذهب الحزن والضغط؟
• رغم كل الأضرار التي عرفتها، ما العوائق التي تمنعني من التعافي من هذا البلاء؟
• طيب هل إخفاقاتي المتكررة في التعافي من العوائق؟ وما المسبب الحقيقي لتلك الإخفاقات؟
فأنا يا صديقتي لم أجد في خلال مسيرتي المهنية أفضل من توجيه الأسئلة لأنفسنا، والإجابة الصادقة عليها، لخلق التغيير لأي قناعات سلبية نتج عنها عادات سلبية؛ لأن تلك الإجابات الصادقة يتولد منها الإدراك لما يؤرق النفس، وتصبح فيما بعد جرس الإنذار عندما تلحّ علينا أي عادة قديمة أقلعنا عنها، حتى تصبح العادة الجديدة جزءاً من قناعاتنا.
وأخيراً في نهاية تلك الجلسات وددت التنويه فيها إلى شيئين:
أولاً: لا بد أن ندرك أنه ليس كل الحالات بين الأزواج يتم فيها مناقشة هذا الموضوع بهذه السهولة والهدوء، بل نسبة قليلة جداً منها، ولكن نريد من جميع المتضررين من ذلك الوباء أن يخلقوا هدفاً عاماً، وهو استخدام كل الطرق والحِيَل للوصول إلى تلك الحالة من النقاش البنّاء.
وأن يعملوا على خلق حالة الإدراك الإيجابية لدى الشخص المتردد على تلك المواقع، وأن يتحلى الزوجان بالصبر للوصول إلى الحل.
لأن الخيار الآخر هو العيش دون هذا الحوار وستُلغى من قاموسنا كلمة الصبر على أخطاء الآخر، وبهذا لن نصل أبداً إلى بر الأمان في أي علاقة زوجية يعكر صفوها تلك المشكلة، وإن لم يتم الطلاق الصريح بسبب ذلك، سيكون هناك بيت معتم يسكنه الحزن والشك والحرمان وفقدان الثقة بالنفس والغير لا محالة.
ثانياً: يجب على الشخص المدمن أخذ القرار في التعافي فوراً؛ كي يخرج من هذا النفق المظلم، ويعلم أنه لن يخرج منه دون إدراك للمشكلة وحجمها ومدى تأثيرها عليه، ومن ثَم قرار التخلص منها، ووضع خطة زمنية لتنفيذ قرار التعافي، ومن ثم التقييم، وكل هذا يزينه بالصبر، وأن يكون على وعي كامل بتلك الوساوس التي ستلحّ عليه خلال وبعد التعافي، والتي تدور حول (خطئي أنني انقطعت عن المشاهدة مرة واحدة، كان لا بد أن أمهد لنفسي)، (سأتوقف عن المشاهدة عندما أتزوج، أو من الغد سأتوقف عن المشاهدة)، (سأشاهد هذا المشهد فقط ولن أشاهد مرة أخرى)، (ليس لديّ الإرادة القوية لأترك المشاهدة)، (الموضوع بسيط لماذا أستمر بالضغط على نفسي وكل من حولي يقومون بذلك؟).
فتلك الوساوس بوابة للعودة مرة أخرى، فلا تستسلم لها فهي كذبه كبيرة، انتبه إليها وقاومها؛ لتتخلص من التشتت والفوضى التي عمّت حياتك مهما تخطط لأهدافك، ومن قبل كل شيء لكي يرضى الله عنك فيُرضيك فتعود لك الحياة.
واعلم أن كثيراً ممن رغبوا في الخروج من هذا النفق المظلم لم يستطيعوا، وذلك بسبب إخفاقهم المتكرر في الاستمرارية في البعد عن هذه المواقع، والحل الوحيد لهذا الأمر أن يكون الشخص على يقين بأن أي رحلة تغيير لا بد فيها من نجاحات وإخفاقات، ولكن الكيّس الفطن هو من يستغل طاقة النجاح للتغلب على شعور الاكتئاب الناتج عن الإخفاق بعد تذوق النجاح.
فعندما تستغل طاقة النجاح وتصبح قناعة الشخص أن الفشل خطوة أكبر في طريق النجاح، وقتها فقط لن يكون الإخفاق بوابة جديدة لفشل كبير، بل بوابة إلى تحقيق مزيد من الإنجازات.
ببساطة أوي
أتمنى أن تكون الجلسات دي نقطة تحول في حياة الكثير، وأشوفكم الأسبوع الجاي في مقال جديد، مقال يخلينا سند لبعض في دنيا مليانة بالأعباء.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.