قمت بإعداد هذا المقال بعد أن حضرت محاضرة الأسبوع الماضي في مدينة إسطنبول ضمن فعاليات جمعية رجال الأعمال العرب والأتراك، حيث قامت الجمعية باستضافة أحد العاملين في وكالة تشجيع الاستثمار في تركيا، ومنها كتبت هذا التقرير الذي قمت بإثرائه بالمزيد من المعلومات من عدة مصادر.
القوى العاملة والسكان
التعداد السكاني في تركيا 78.7 مليون نسمة قرابة 50%، منهم تحت سن 31، وهذا يعني أنها مازالت أمة شابة مقارنة بجارتها من الدول الأوروبية التي أصبحت عجوزاً لعزوف شعبها عن الإنجاب، كما أن هناك زيادة سنوية بمقدار مليون رضيع تركي، مع التأكيد بأن هذا العدد لا يشمل مواليد المهاجرين واللاجئين إلى تركيا من دول الجوار ودول الربيع العربي.
القوى العاملة في تركيا تقدر بأكثر من 30 مليوناً من التعداد السكاني، بالإضافة إلى بضعة ملايين تعمل خارج تركيا وأكثرهم في ألمانيا، ما مقداره 8.6% من القوى العاملة في الداخل التركي تعمل في مجال الزراعة، و27.1% تعمل في مجال الصناعة والباقي وهو قرابة 64.3% تعمل في قطاع الخدمات.
متوسط صافي الدخل السنوي للفرد قرابة 8000 دولار بعد اقتطاع الضرائب، أي ما يقارب 666 دولار شهرياً للفرد، وذلك في آخر 5 سنوات، حيث كان المتوسط السنوي قرابة 2000 دولار فقط قبل ذلك.
وتصل نسبة البطالة قرابة 11.8% بناءً على آخر إحصاء أجري في أواخر عام 2016، وتسعى الدولة إلى تقليل نسب البطالة وذلك عبر فرض قوانين قد تعتبر غير مشجعة للمستثمرين كثيراً؛ حيث إنه مقابل كل موظف أجنبي –مواطن غير تركي– يجب أن يقابله عدد 5 موظفين أتراك، أي لو كنت مستثمراً وأردت أن تكون موظفاً كمدير في شركتك الخاصة فإنك مُجبر ضمن القانون التركي على توظيف عدد 5 أتراك مقابلك أنت فقط، وقِس على ذلك مقابل كل موظف غير تركي.
وفي المقابل وفرت تركيا ضمن قانون تشجيع الاستثمار الجديد لتجنيس المستثمرين، حيث إنها ستمنح الجنسية التركية لمن يقوم بتوظيف عدد 100 عامل تركي في شركته.
البنية التحتية والصناعة
يوجد في تركيا أكثر من 73 مليون مستخدم للهواتف النقالة، وأكثر من 50 مليون مستخدم للإنترنت، وأكثر من 50 مليون مستخدم لبطاقات الائتمان، وهذا أحد أسباب ازدهار التجارة الإلكترونية فيها.
أما الصناعة فإن تركيا تعد في المركز الأول عالمياً في صناعة التلفزيونات، وفي المركز السابع عشر في صناعة السيارات، وضمن المراكز المتقدمة عالمياً في الكثير من الصناعات، وقد قرأت في تقارير ما أن بين كل 3 أجهزة كهربائية تباع في أوروبا 1 منها صناعة تركية.
الموقع الجغرافي والسياحة
موقع تركيا الجغرافي مهم جداً في حركة البضائع والتجارة منذ القدم، إذ كانت ممراً لطريق تجارة الحرير بين الشرق والغرب في السابق وحتى يومنا هذا، فإن مركزها يجعلها تصل إلى ما مقداره 1.9 مليار نسمة في قُطر رحلات جوية تصل خلال 4 ساعات، ولا ننسى أنها البلد الوحيد الذي يقع على قارتين آسيا وأوروبا، ولديها المنفذ الوحيد للبحر الأسود عبر مضيق البوسفور الذي يعد مياهاً دولية ولا حق لتركيا فيه بناءً على اتفاقية لوزان عام 1922.
إذا أردت معرفة المزيد عن مدينة إسطنبول اضغط هنا لزيارة موقع دليل إسطنبول وتحميل تطبيق دليل إسطنبول للهواتف الذكية.
موقع تركيا الجغرافي جعلها مقراً إقليمياً للكثير من الشركات العالمية، بحيث تقوم بإدارة مجموعة دول من تلك المنطقة، وذلك لسهولة الحركة والتنقل، مثلاً شركة مايكروسوفت تملك مكتباً إقليمياً يدير 80 دولة، وشركة إنتل تدير من تركيا 68 دولة، كما أن شركة تويوتا تملك مصنعاً كبيراً للسيارات لها في تركيا من أجل التصدير إلى أوروبا.
وتعد شركة الخطوط التركية للطيران من أكبر الشركات العالمية التي حصدت الكثير من الجوائز وتصل لـ113 دولة حول العالم، بما مجموعه 280 محطة/ مطار.
وقد بلغ عدد السياح عام 2016 حوالي 30 مليون سائح، منهم أكثر من 850 ألف سائح من دول الخليج، وذلك بانخفاض بسيط عن عدد السياح الكلي مقارنة بالعام الذي قبله، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة لتركيا وأهمها محاولة الانقلاب الفاشل.
سهولة إجراءات العمل والاستثمار
بناءً على مقياس سهولة القيام بالأعمال عالمياً فإن تركيا تقع في المرتبة 69 – اضغط هنا؛ إذ يبلغ الوقت المستغرق لفتح شركة جديدة بمتوسط 7 أيام عمل، وهو يعد من الدول السريعة عالمياً في الوقت المستغرق لفتح شركة جديدة.
كما يمكنكم قراءة مقالي هنا للتعرف على سبب اختياري تركيا كنقطة انطلاق في حياتي العملية الجديدة، اضغط هنا.
في تركيا أكثر من 49 ألف شركة ذات رأس مال أجنبي ما ساهم في تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى تركيا منذ عام 2012 حتى 2016 بأكثر من 169 مليار دولار، ما أسهم في ارتفاع متوسط دخل المواطن.
حجم الدين الخارجي حوالي 410 مليارات دولار في نهاية 2016 مع ارتفاع الناتج المحلي 4.3% ليصل إلى 734 ملياراً، مقارنة بمتوسط نمو الناتج المحلي الأوروبي الذي يقدر بـ1.9%.
الوضع بعد الانقلاب الفاشل
بعد محاولة الانقلاب الفاشل تعرضت تركيا لعدة مطبات مثل التفجيرات الإرهابية وعدة محاولات لزعزعة اقتصادها، إلا أنه ومع كل ذلك وبعد 3 أشهر فقط من محاولة الانقلاب الفاشلة قامت ٢٠ شركة أجنبية جديدة باستثمار ما مقداره 3 مليارات دولار في تركيا، وصل إلى 11 مليار دولار حتى وقت كتابة المقالة.
الاستثمارات الخليجية في تركيا
عدد الشركات ذات رأس المال الخليجي في تركيا تخطى 10 آلاف شركة، وقد تخطت الاستثمارات الخليجية في السوق التركي حوالي 9.6 مليار دولار في عام 2016 فقط، وتخطى حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول الخليج في العام نفسه 16 مليار دولار، منها ١٠ مليارات صادرات تركية إلى دول الخليج، و٦ مليارات استيراد منها.
حزمة الإصلاحات لتشجيع الاستثمار
قامت تركيا بطرح حزمة إصلاحات جديدة بهدف تشجيع الاستثمار مثل:
– قانون المعاملة الوطنية كالشركات التركية و20% فقط للضريبة على الشركات.
– حرية الاستثمار والتملك العقاري للجميع بعد أن كان فقط مقصوراً على المعاملة بالمثل. اضغط هنا لقراءة مقالتي عن التملك العقاري في تركيا.
– الحماية ضد المصادرة أو التأميم.
– التحكيم الدولي.
– ضمان التحويلات المالية من وإلى تركيا.
قانون تجنيس المستثمرين الجديد
صدر قانون جديد في تركيا بهدف تنظيم منح الجنسية التركية للمستثمرين الأجانب ممن يحقق أحد هذه الشروط:
– توظيف 100 عامل تركي.
– من يقوم بشراء عقار بمبلغ مليون دولار على ألا يقوم ببيعه خلال 3 سنوات.
– من يقوم بإيداع 3 ملايين دولار في البنوك كوديعة.
– من يقوم بشراء سندات حكومية بمقدار 3 ملايين دولار.
– من يقوم باستثمار مليوني دولار استثمار ثابت.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.