منذ حوالي ثلاث سنوات كنت أزن 118 كيلوغراماً، وكنت أعاني من ارتفاع في ضغط الدم، ودوالي في الساقين، وألم في إحدى ركبتيّ، واضطرابات في الجهاز الهضمي، وحساسية في الجلد، وصداع، ومشاكل أخرى صحية أخرى.
ليس ذلك هو حالي اليوم -بفضل الله- فقد خففت وزني حوالي 35 كيلوغراماً لأصل لـ83 كيلوغراماً، وهو نفس وزني عندما كنت في الـ21 من عمري، أي منذ 16 عاماً، وتخلصت من كل تلك المشاكل الصحية.
سأخبركم عما فعلته بعد أن نستعرض مشكلة عمرو، الذي يعيش تقريباً في كل بيت عربي.
وقف عمرو حائراً أمام المرآة قابضاً على كرشه، نظر عن يمينه، فلاحت له كبسولات تخفيف الوزن، التي أصابته باضطرابات الجهاز الهضمي، وقرأ في آثارها الجانبية أنها قد تصيبه بأمراض، منها التهاب الكبد، والاكتئاب، ونظر عن يساره فاصطدمت عيناه بخلطة الأعشاب، التي قالوا له إن نتائجها مضمونة خلال أسبوع، ودفع فيها ربع مرتبه الشهري، لكنها لم تجدِ نفعاً، ثم عادت عيناه للمرآة، يحدق في جسده.
ما الحل إذاً؟ قال لنفسه: لو استطعت أن أقطعها بالسكين لفعلت، ثم تذكّر عملية شفط الدهون التي أخبره طبيبه بأنها خيار مُتاح، وحدثته نفسه بالإقدام عليها، لكنه تراجع سريعاً بعد أن تذكر زميله الذي أجراها منذ سنة ثم عادت إليه الدهون بعد فترة قصيرة.
كلم نفسه قائلاً: "يجب أن أغلق فمي ولا آكل إلا القليل، لكني لا أستطيع، إذاً فلأقصّ معدتي. نعم.. هي معدتي التي فعلت بي كل هذا، لو ضيقتها بعملية تكميم المعدة لاسترحت"، لكنه تذكر زميله الآخر الذي أجرى عملية تكميم المعدة، وأصيب بعدوى بعد العملية كادت تقضي على حياته، وظل بعدها في المستشفى لأيام عديدة.. وليته نجح.
لقد بدأ يستعيد الوزن الذي فقده وأخبره طبيبه بأن الجزء المُتبقى من المعدة يتمدد ليعود لحجم المعدة الكامل الطبيعي مرة أخرى إن لم يلتزم بحمية.
يومها رأى صديقه نادماً وقال له: بعد أن تحملت كل هذه المعاناة يجب أن أتبع حمية، لماذا إذاً كل ما كان من تعب؟ ولماذا معاناة الغثيان والارتجاع وعسر الهضم طيلة حياتي؟!
نظر مرة أخرى للمرآة وهو يصيح: إن كانت الحمية لم تكن حلاً، والدواء لم يكن حلاً، والخلطات لم تؤتِ نتيجة، والعمليات بها ما بها من معاناة ثم يعود الوزن مرة أخرى.. فما الحل إذاً؟
سأذكر لكم حلاً -من وجهة نظري- لمشكلة عمرو باعتباري مدرباً صحياً وصيدلياً، والأهم باعتباري مريضاً سابقاً بالسمنة المفرطة التي تخلصت منها ومن مشاكل صحية أخرى، كما ذكرت، بعد أن جربت الكثير من الحميات وطرق تخفيف الوزن التي باء جميعها بالفشل.
قرأت مئات الكتب والمقالات والأبحاث العلمية، درست التغذية، ووجدت الحل الذي سأخبركم به بعد قليل.
كل مَن يخرج علينا بحمية غذائية يصوّر لنا أنها هي الحل، ولكن لو كانت الحمية حلاً لكانت هناك حمية غذائية واحدة توصلت إليها البشرية بعد تجريب كل الحميات، وهذا ليس هو الواقع.
لقد خدعوك فقالوا إنك لا بد أن تأكل في أوقات معينة؛ لتزيد معدل الحرق للجسم، وبالتالي يخف وزنك، وخدعوك فقالوا إنه يجب عليك أن تعد كل السعرات الحرارية التي تأكلها والتي تنفقها في الرياضة، وتصبح أسيراً لميزان الأكل أو الجهاز الذي يعد خطواتك، وهو ما مستحيل أن يفعله إنسان طوال حياته.
وخدعوك فقالوا لك إن معدتك هي السبب، وينبغي عليك قصّها حتى تستريح! خدعوك فقالوا إنك ضعيف الإرادة، وإنك تحتاج ذلك الدواء وتلك العشبة، وهذا المسحوق، وتلك العملية الجراحية بالضرورة؛ لتخفف وزنك، وتحمي نفسك من الأمراض.
خدعوك فقالوا إن جسدك هو المشكلة، والحقيقة أن المشكلة ليست في جسدك يا من تعاني من زيادة الوزن أو السمنة، المشكلة في ابتعادك وابتعاد الناس عن الفطرة التي فطر الله الناسَ عليها فيما يخص نظام الأكل والحركة.
كان الإنسان في العصور القديمة يسير بضعة كيلومترات بحثاً عن الطعام الذي هو إما ما تنبته الأرض أو يصيده من لحوم حيوانات، أو يبذل مجهوداً قريباً من ذلك ليأكل مما يزرعه أو يربيه من حيوانات أليفة، كان الطعام طبيعياً وقليلاً، وكانت حركة الإنسان متكررة ومطلوبة كي يعيش.
أما الآن فأنت تذهب إلى العمل جالساً في سيارتك، وتمضي ساعات عملك جالساً على مكتبك، ثم تعود لتجلس في البيت أمام التلفاز أو الإنترنت، حيث يمكنك طلب أكلك بالتليفون أو تسخين الأكل المطهي والمصنع مسبقاً في دقائق معدودة، وليته كان طعاماً طبيعياً، بل إنه قد تحول عن طبيعته وأصبح جزء كبير منه مواد كيميائية شبيهة بالأكل، ما بين مواد حافظة ومواد ملونة ونكهات ونباتات معدلة وراثياً وألبان لأبقار تم حقنها بالهرمونات.
لقد أنفقت شركات الصناعات الغذائية الكثير ليصلوا إلى ذلك الطعم الذي يجعلك تتعلق بأكلهم وتدمنه، ملأوه بالسكر والملح والدهون المتحولة التي تجلب لك الأمراض؛ ليروق لك الطعم، أتلفوا براعم تذوق لسانك، فأصبحت لا تستسيغ الخضراوات والفواكه، وإن أكلت طبقاً من السلَطة فلا بد أن تخلطها بالصوص والرانش، وما إلى ذلك من منتجات مصنعة حتى تستسيغها.
الحل باختصار وهو ما فعلته أنا لأقلل وزني وما شجعت غيري من الناس لفعله ونجحوا بالفعل في تخفيف وزنهم، هو العودة إلى الفطرة فيما أسميه أنا نظام الفطرة في تخفيف الوزن.
لا يرجع الفضل لى في هذا النظام؛ لأنني أخذته من الطبيعة ومن عادات أجدادنا في الأكل الذين لم يعانوا من زيادة الوزن كما نعاني نحن.
وهو نظام حياة وليس حمية غذائية أبتعد فيه عن كل الأكل المصنع، آكل ما خلقه الله لنا من نباتات ومنتجات حيوانية في حالتها الطبيعية قبل تصنيعها طازجة أو بعد طهيها بنفسي.
أبتعد فيها عن كل أكل لم يعرفه جد جدي، أبتعد فيها عن أي شيء تم تعليبه وتصنيعه شاملاً السكر والدقيق والعصائر واللحوم المصنعة والألبان المصنعة.
أغلب ما آكله خضراوات وفواكه وبقوليات، آكل حين أجوع، أمضغ كل لقمة 20 مرة على الأقل، وأترك الأكل قبل الشبع أو حين الشبع دون أن أملأ معدتي.
نظام الفطرة هو نظام شامل لحياة الإنسان لا يقتصر على تغيير الأكل فقط، بل يتعدى ذلك إلى الحركة التي تكون لمدة نصف ساعة إلى ساعة على الأقل يومياً، ويتم التبادل فيه بين الجلوس والوقوف والمشي؛ حيث لا أجلس ساعة كاملة متواصلة دون أن أقف أو أمشي، ويشمل أيضاً النوم الذي يكون من سبع إلى تسع ساعات.
وجدت الحل في هذا النظام الذي يعود بنا إلى الفطرة، يعود بنا إلى حياة الإنسان الطبيعية التي أفسدتها الثورة الصناعية وغيّرتها وسائل التكنولوجيا الحديثة التي سهلت حياة الإنسان بلا شك، ولكن إدمان السهولة جعل تلك الوسائل نقمة على الإنسان.
وجدت في هذا النظام حلاً لمشاكلي فانتهت معاناتي مع السمنة والمشاكل الصحية الأخرى التي ذكرت، وتغيرت حياتي إلى الأفضل ليس صحياً فقط، بل أيضاً من حيث الطاقة والتركيز والسعادة.
أنت أيضاً يمكنك أن تخفّف وزنك وتحسّن صحتك!
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.