كلما اقترب الطلاق واهتز الزواج.. قاموا بتثبيته بمزيد من الأطفال!

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/22 الساعة 07:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/22 الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش
Family of three with child having conflict

بعض الأزواج العرب يعتقدون بأن الأطفال عبارة عن مسامير حائطية ستقوم بتثبيت زواجهم إن هو حدث واهتز بهم. يسكتون جوع الطلاق بتقديم قربان على شكل طفل أو أكثر ليثبتوا لعقلهم الباطن وللمجتمع أن الزواج يسير "كالسمن على العسل".

العديد من الأزواج الذين تعودوا الوقوف مرارا وسط قاعات المحاكم لرفع قضايا طلاق، هم أنفسهم من يفاجئونا بحمل جديد بعد شهر يتيم في السنة من الود والوفاق، ظنا منهم بأن المولود الجديد سيضفي جوا من الحب الذي لم ينجح أخوته من قبله في خلقه لهم وهما العاجزان عن الحب والاحترام. على عكس الشعوب المتحضرة التي تعتمد التخطيط لحياتها وتجتهد لأن تكون ممارساتها مجدية، بقي مجتمعنا منذ القدم وما زال يمتاز بالعفوية وبالتلقائية وترك الأمور تسير على هواها دون إعمال العقل، ومن المشاكل التي تمخضت عنها هذه العفوية كثرة الإنجاب وما يسببه من ضعف خلق أسرة ناجحة.. إلا في بعض الحالات.

أحد النساء التي عاينت نمط حياتها في فترة من الفترات، صدّعت رؤوسنا بقصص المشاحنات التي تعيشها مع زوجها، لا يمر يوم إلا وأخبرتنا فيه بأنها ستتركه في أي لحظة من اللحظات، وعند معاينتنا لحالتها العائلية معه على مدار عشر سنوات، إلا ووجدناها تحمل طفلين توأمين بين يديها وثلاث بنات يلعبن في الفناء، إضافة لأربعة صبية قد فروا من المنزل بعد أن قسم الجوع العاطفي والمادي ما يسد رمقهم في هذه الحياة. وإن حدث ونصحناها بضرورة تحديد النسل، أخبرتنا أن لا حول ولا قوة لها في مجيئهم لهذه الحياة، فاللّه وحده من يتحكم بتلك الأشياء! في حالات كتلك، عندما يغيب العقل والعلم تماما من مبدأ الأمهات والآباء، لابد من تدخل المنظمات التي تنعى بحقوق الطفل وقاضي الأسرة لفرض نظام صارم على أزواج قد أثبتوا لأطفالهم وللمجتمع أنهم غير مهيئين أصلا للإنجاب.

إن الحيلولة دون اللجوء إلى إنجاب مزيد من الأطفال في ظل علاقة زوجية مهددة بالزوال، تتمخضض عن وعي الزوجين بأهمية التفكير مليا في متتبعات ذلك الحمل قبل أن تقع الواقعة ويضيفوا اسما آخر في دفتر العائلة لا في دفتر قلبيهما. هنالك نسبة غير قليلة من الأطفال الموجودين في عالمنا العربي ما هم إلا نتاج أخطاء بيولوجية بسبب جهل الأزواج بالعلاقة الجنسية، أو إنهم أُقحموا في هذه الدنيا "كبراغي" لسد خلل عاطفي لن يسد بإتباع تلك الأخطاء، وإلا لما شاهدنا ذلك الكم الهائل من الأطفال المشردين في الشوارع أو المشردين في منازل آبائهم على حد سواء. تلك الدرجة استرخصوا أرواح أطفالهم الذين "الله اعلم" بهم إن كانوا سيعيشون في راحة أم إنهم سيتشاركون وآباءهم فقرات الهم والعذاب؟!

في حالات كتلك، وعند أول قضية طلاق ترفع من قبل الأزواج، أو بعد ملاحظة سلسلة شجارات عنيفية قتلت نمط الحياة في العائلة، أرى من وجهة نظري إنه لا بد من إصدار حكم قضائي بوضع الزوجين تحت المراقبة لحثهم على عدم الإنجاب لفترة معينة إلى أن يجدوا حلا لفض تلك النزاعات إما بالتفاهم أو بالطلاق، لكن أن تستحيل الحياة بينهما في جميع بقية الأشياء ولا تستحيل وقت سد جوع غرائزي سيدفع ثمنه طفل لبقية الحياة، فذلك جهل لا يسكت عنه لمجرد أنهما لازالا على قيد علاقة تحت مسمى "الحلال"، وذلك أيضا لا يعطيهم الحق أبدا بأن يستخدموا ارتباطهم لإغراق المجتمع في كثرة الإنجاب البيولوجي دون الوعي بمتتبعات حياة أولئك الأطفال.

الجنين ليس بدمية نجلبها للدنيا كلما شعرنا، إننا لا نملك من عمل مفيد نقوم به غير إكثار الأطفال. أعلم جيدا أن الأمومة والأبوة حلم يتهاتف له جميع الأزواج، لكن أن نحمي طفل واحد من آثار الدمار أسهل بكثير من انتشال فريق منهم ونحن لا نملك أصلا يدا تصلح للانتشال.. أولئك الأطفال سيكبرون وسط بركان ثائر يقذف حممه في وجه سعادتهم دون إعارة أي انتباه لبراءتهم الضائعة والتي ستتحول لاحقا إن لم يتم إدماجهم وسط بيئة سليمة مجموعة من المكتئبين والعاطلين عن الحياة.

مدونات الجزيرة

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
ريحان غضباني
رسّامة تونسية
رسّامة تونسية
تحميل المزيد