هذه أفضل الطرق التي يمكنها القضاء على التوتر والاكتئاب.. دراسة علمية تؤكد ذلك

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/22 الساعة 07:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/23 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
Sad and depressed girl sitting on the floor. Creative vector illustration.

لقد بدأنا قبل ست سنوات بحديقة متواضعة. هاجم إعصار منزلنا وفناءنا الخلفي في تكساس، منتزعاً أشجار البلوط ذات الخمسين عاماً والتي كانت تظلل الفناء، وقذفها جانباً مثل عيدان الأسنان. أفسحت الأشجار المقطوعة المجال لضوء الشمس، وبدا أن الحديقة هي الطريقة المثالية لإحياء ذكرى ما فقدناه والتذكير بالبدايات الجديدة.

بدأت حديقتنا كحديقة صغيرة من كروم القرع، وعدد قليل من نباتات الطماطم والبامية، واستمرت بالنمو كل عام، وازدادت معها شهية أطفالنا الأربعة، والآن فهي توفر لنا الطعام بسخاء.

نقوم بالزراعة على مدار السنة: السبانخ والبصل والخضراوات والفجل عندما يكون الطقس معتدلاً يميل للبرودة. وفي الأشهر الأكثر دفئاً، نزرع الطماطم والخيار والذرة والفاصوليا الخضراء والكوسا والباذنجان والبطيخ والشمام والخضراوات المحلية بمنطقة البنجاب في باكستان، نحتفل بميراثنا العرقي على الرغم من أن الوقت والمسافة قد أفقداه بريقه.

تعد البستنة نشاطاً عائلياً إلزامياً في منزلنا. صفية وإيمان، ابنتاي البالغتان من العمر 13 و11 عاماً، تتذمران عندما يتم تجنيدهما للتخلص من الأعشاب الضارة. ولكن  تتضاءل الشكوى بمجرد سحب الطماطم من الكرمة أو التوت البري من الشجيرات ووضعها مباشرة في أفواههم.

ولا يزال زيد ورانية، ابني وابنتي البالغان من العمر 9 و7 سنوات، صغيرين بما يكفي لأن يشعرا ببهجة غامرة عندما تنمو بذور عباد الشمس التي زرعاها لتصبح أطول منهما بعد بضعة أشهر فقط.

يعتبر الاهتمام بالحديقة نشاطاً يومياً. في أرلينغتون، حيث يكون الشتاء معتدلاً ويكون الصيف حاراً، هناك دائماً موسم لنمو شيء ما. وعلى الرغم من أن مقدار الوقت الذي نقضيه في العمل يختلف باختلاف الموسم والحصاد، فإن الجميع مطالبون بالحضور. نحن نعمل كخط تجميع، حيث نقسم الحديقة إلى أقسام للزراعة أو نزع الحشائش، ونستمر حتى ننتهي.

وعندما يحين وقت الحصاد، هناك عملية أخرى. لكي نحصل على حصاد قوي من 400 بصلة، يقوم الطفلان الأصغر سناً بقطع رؤوس البصل وينقلانها إلى الداخل، أما الطفلان الكبيران فهما يزيلان القشور ويقطعانها إلى أرباع. ونقوم أنا وزوجي بإدخال البصل في آلة التقطيع ونضعه في أكياس التجميد، ونحفظه لما تبقى من السنة.

في مرحلة ما، سيصبح هذا البصل جزءاً من الكاري أو البرياني أو ربما طبق عدس بسيط.

يتم تطبيق نفس الاستراتيجية على جميع محاصيلنا، على الرغم من أن أساليب التخزين تتغير بحسب المنتج.

من الزراعة وإزالة الأعشاب الضارة والري إلى الحصاد والتخزين، يعمل أطفالي بالحديقة بقدر ما نعمل بها أنا وزوجي. إن مساهمتهم وعلاقتهم بالأرض وبما يزرعونه ويعتنون به، ثم يحصدونه ويستهلكونه، هي علاقة مباشرة وصريحة. نعم، هناك أيضاً أوقات يتم فيها قطع صف من بذور الذرة المزروعة مؤخراً أو قطع حصاد البروكلي وتذوقه قبل الأوان، مما يتسبب في توقف النبات بأكمله عن النمو.

يجلب كل موسم الأذواق المتنوعة الخاصة به ومجموعته المختلفة من المحاصيل، ولكن حديقة الخضراوات لن تزدهر بدون تربة صحية وأشعة الشمس. ومع ذلك، تغزوها الأعشاب وكأن ذلك هو هدفها الوحيد. حيث تخنق الشتلات المزروعة بعناية، وتستولي على مغذيات التربة وتسيطر عليها.

وهذا يذكرنا بأن الصحة – سواء المهنية أو الجسدية أو الروحية أو العقلية – ليست وجهة سهلة. فهي تتطلب الاهتمام المستمر والوعي للحفاظ عليها. وهذا يعني التخلص باستمرار من العادات السيئة والعلاقات السامة ودوائر التفكير السلبي والإجهاد.

ووفقاً لدراسة أجرتها جمعية علم النفس الأميركية عام 2016، فإن هناك زيادة في عدد الأميركيين الذين يعانون من زيادة في الضغط النفسي الذي يؤثر على صحتهم البدنية. وذكر الكثيرون أنهم لم يتخذوا إجراءات فعالة كافية للتصدي لآثار الإجهاد في حياتهم اليومية.

أشعر بضغوط يومية بسبب طبيعة عملي المهني، ويشعر الكثير من الأميركيين بالإرهاق الذي أشعر به. وفقاً لاستطلاع حديث أجرته شركة Paychex، أفاد أكثر من نصف العاملين في البلاد أنهم يشعرون بالإجهاد في وظائفهم لمدة ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع. وقد أظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة Pew Research أن ما يقرب من سبعة من بين كل 10 أميركيين يشعرون بالإرهاق بسبب النشرات الإخبارية اليومية.

نُشرت دراسة عام 2010 في مجلة الصحة النفسية تؤكد ما أشعر به بشكل غريزي: العمل بالحديقة يقلل من الإجهاد. وهناك دراسة منفصلة في جامعة هارفارد تدعم ذلك؛ حيث وجدت أن النساء اللاتي يعشن بالقرب من غطاء نباتي يعشن لفترة أطول، كما أن لديهن مستويات منخفضة من الاكتئاب.

عندما قام فريق من علماء الأعصاب في جامعة بريستول وكلية لندن الجامعية بحقن الفئران ببكتيريا تعيش في التربة اسمها العلمي Mycobacterium vaccae، تم تنشيط الخلايا العصبية المنتجة للسيروتونين في أدمغة الفئران. وإذا كانت الأبحاث على الفئران لها علاقة متبادلة مع البشر، فقد تستمر آثار استنشاق أو لمس أو ابتلاع البكتيريا لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع.

نعتني بحديقتنا على أمل الأفضل، فلا توجد ضمانات. إذا حدث تجمد أو جفاف فسوف يعاني الحصاد. هذا العام، أثرت الحرارة ونقص المطر بشكل كبير على المحصول. ولكن حتى عندما يبدو أن كل شيء لا يسير على ما يرام، فإن الحصاد ما زال وفيراً.

وينطبق الشيء ذاته على التجربة الإنسانية. هناك مراحل من الحياة ينحرف فيها مسار كل شيء، على الرغم من الجهود التي نبذلها. ثم هناك أوقات أخرى حيث تصبح الأمور في مكانها الصحيح، حتى في غياب أي مجهود.

كانت هناك أوقات في حياتي عندما شعرت بثقل وضغط عملي وكأنه عبء ساحق. ومع ذلك، فإن العمل بالحديقة في عطلة نهاية الأسبوع – البحث عن كنوز البطاطس تحت التربة أو شن حرب على الأعشاب الضارة – يذكرني بأن كل ما أحتاج إليه هو أن أبذل قصارى جهدي.

 

تحميل المزيد