الأميرة ديانا، أو كما عُرفت ديانا أميرة ويلز، ومن منا لم يقرأ ويشاهد العديد من البرامج الوثائقية عن الأميرة ديانا الزوجة الأولى للأمير تشارلز الابن الأكبر للملكة إليزابيث (ملكة بريطانيا)، فقد تم زفافها إلى أمير ويلز في 29 يوليو/تموز 1981 في كاتدرائية القديس باول، وقد لاقى زفافهما إقبالاً جماهيرياً على التلفاز، حيث وصل عدد المشاهدين إلى 750 مليون مشاهد، وبإمكانك عزيزي القارئ مراجعة مقاطع الفيديوهات على اليوتيوب والتي توجّت زفاف هذين الأميرين بحضور الملايين من العامة، وهو مشهد عظيم يجعل أي فتاة تحلم بزفاف كهذا، وحتى أنا كنت كذلك، حتى شاهدت برنامجاً وثائقياً عن الأميرة ديانا فاجأني لدرجة أنني تمنيت ألا أكون مثلها في أي يوم من الأيام.
لربما يتبادر إلى ذهنك الآن أن الأميرة ديانا قد قامت بأفعال خاطئة خلال حياتها جعلتني أُبعدها عن مسمّى قدوة أو شخصية مؤثرة؛ لكنها حتماً بعيدة كل البعد عن ذلك، بل إنها من أجمل الأميرات ومن أكثر الأشخاص الذين قاموا بأعمال خيرية في ذلك الوقت، بالإضافة إلى إنسانيتها اللامحدودة التي جعلتها محبوبة بريطانيا بل العالم أجمع، إلا أنها وللأسف قامت بالكثير من الأخطاء بحق نفسها وتأخرت كثيراً بالتراجع عن أخطائها، فما أن بدأت حياتها الجديدة السعيدة كان الموت أسرع منها وتوفيت عقب حادث تصادم سيارة تلاه حزن شعبي شديد عن عمر يناهز السادسة والثلاثين عاماً.
"كنت هادئة جداً، إلى حدّ الموت. شعرت بأنني حمل على وشك أن يُذبَح. كنت أعلم ذلك ولكنني لم أتمكَّن من فعل شيء"، كان هذا ما ورد عن الأميرة ديانا في كتاب "ديانا.. قصتها الحقيقية"، وهي تصف شعورها في الطريق إلى الكاتدرائية لعقد قرانها على الأمير تشارلز، هذا الكتاب الذي كان قد صدر عن طريق وسيط لم يكشف عن اسمه، لكنه تم التأكد من أن الكتاب عبارة عن تسجيلات صوتية أرسلتها للكاتب عبر وسيط تروي فيها قصّتها، إلا أنها اشترطت السرية التامة، وأن لا يكشف عن تورّطها في ذلك الوقت.
كانت الأميرة ديانا تصف في الكتاب شعورها خلال الزفاف إلى أمير كان على علاقة مع امرأة تدعى كاميلا، وكانت الأميرة ديانا على يقين بأنها لن تحتل قلب الأمير في أيّ يوم من الأيام؛ هذا وبالإضافة إلى الواجبات التي فرضتها عليها العائلة المالكة بعد الزواج والتي كانت تقوم بها في جهد منقطع النظير كالحضور إلى الحفلات والمناسبات وزيارة المدن وما إلى ذلك من الواجبات الملكية، حتى حملت ديانا بطفلها الأول الأمير ويليام، وكان الحمل يسبب لها إعياءً شديداً وإرهاقاً، "ومع ذلك كنت أقوم بواجبي"، تقول في كتابها وتتابع: "مرة واحدة ألغيت زيارة خلال حملي بويليام، وقد حرص تشارلز على تحميلي الذنب في ذلك".
وكانت تروي أيضاً كيف تم استبعادها خلال جلسة تصوير الطفل الجديد "صور لا تنتهي لويليام مع الملكة وتشارلز، كنت مبعَدَة تماماً في ذلك اليوم، وقد شعرت باليأس، لقد كان كل شيء مجهّزاً ولم يسألوني حتى إذا كان التوقيت مناسباً للطفل".
وهنا نجد -عزيزي القارئ- أن الأميرة ديانا مع كل الامتيازات -في عين الإنسان العادي- التي منحتها إياها الحياة لم تكن سعيدة أبداً؛ بل كانت تعاني من التجاهل ومن الواجبات التي تفوق طاقتها، بل ومن اللوم الدائم من قبل الأمير تشارلز إلى درجة جعلته يتجاهل في إحدى المناسبات إغماءها بسبب الإرهاق؛ بل قام بتوبيخها قائلاً إنه كان بإمكانها أن يُغمى عليها بصمت في مكان آخر وراء الأبواب، لقد كان الأمر محرجاً جداً بالنسبة له!
بعد فترة وجيزة وعندما ضاقت الأميرة ديانا ذرعاً بحياتها البعيدة كل البعد عن السعادة وفي إحدى المناسبات التي حضرتها وبوجود الصحافة صرّحت بأنها قررت أن تقلص من واجباتها وتلتفت لأمور أكثر أهمية خاصة بها، وكانت قد أكملت إجراءات الطلاق كلياً في ذلك الوقت، وبعد قرابة سنة من طلاقها أصيبت الأميرة ديانا بإصابة قاتلة في حادث سيارة بنفق جسر ألما في باريس، الحادث الذي أسفر عن مقتل كل من دودي الفايد المُصاحب لديانا، وكذلك السائق هنري بول القائم بأعمال مدير الأمن بفندق الريتز بباريس.
مقولات عديدة يمكن أن يجدها المرء في كتاب الأميرة ديانا وكان أهم ما لفت انتباهي مقولتها: "لقد أحبني البيض والسود والمثليون واليهود؛ عدا الرجل الذي أحببته" -وكانت تقصد هنا الأمير تشارلز- بل وبإمكانك عزيزي القارئ الرجوع إلى صورها والتمعّن بها وسوف تلاحظ حتماً كيف أن الأميرة ديانا تخفض رأسها في أغلب تلك الصور، إلى أن ورد اعتراف لها في الكتاب بشعورها الدائم بالحرج وأنها مهما فعلت لا تستطيع أن ترضي زوجها والعائلة المالكة، وكان ذلك الشعور ينعكس على صورها دوماً.
أما أنا فأوجّه كلامي إليك عزيزتي، لا تكوني كالأميرة ديانا تقومين بواجباتك كاملة ولا تجدين المحبة، تبذلين أقصى ما بوسعك ولا تجدين التقدير، ومهما فعلتِ يتم لومك بالتقصير، ابدئي بتغيير حياتك الآن واشعري بالرضا؛ لأنك تستحقين كل تقدير واحترام ومحبة، تمعّني في حياتك جيداً، هل تجدين التقدير الذي تستحقينه؟ إذا كانت إجابتك لا، فانهضي، انهضي الآن وقومي بتغييرها، إنها حياتك، حياتك أنتِ.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.