الإبداع الأول هو انتشار منتج جديد بمضمون جديد يحمل طابعاً وأسلوباً يخدم فئة من البشر بصورة جديدة، ينبع من عمل متواصل في مجال معين يصل بصاحبه إلى مرحلة من الابتكار أو الإبداع حتى يصل إلى مرحلة من الانتشار لمجموعة من البشر.
ومن الممكن تعريف الإبداع الأول بأنه تراكم من الأفكار يفجّره شخص معين، ويصل بهذا التراكم إلى ابتكار، وإبداع وغيرهما من المسميات.
وأريد ذكر مثال عن الإبداع الأول، وهو الذي قادها كولونيل ساندرز مؤسس سلسلة من أكبر السلاسل على صعيد المطاعم، مطعم كي إف سي (KFC) سلسلة مطاعم "كنتاكي" الشهيرة كما ذكرت المواقع الإلكترونية، بدأ بخلطة وكانت هذه الخلطة بالنسبة للعالم إبداعاً أو ابتكاراً جديداً -بمعنى شيء جديد ربما غير مألوف- وكان هناك إقبال على هذا الإبداع أو الابتكار، ومن مقومات المساعدة حتى يصل إلى النجاح لمؤسس هذا المطعم هو اعتماده على نفسه منذ الصغر في مهنة الطهي حتى أتقن عدة وصفات للطهي، أشهرها الدجاج المقلي، ما أحث لديه تراكماً في مهنة الطهي حتى افتتح سلسلة مطاعم بعد عدة عقود متتالية من الخبرة، وكان خطوة جديدة تغييرية في العالم، وهذه الخطوة تتمثل في إنتاج شيء لم يكن كبيراً وتأثيره ليس من الأساسيات، ولكن كان إقبال كبير عليه من الناس، ربما لم يكن ابتكاراً في عالم التصنيع أو التكنولوجيا الحديثة المنتشرة، لكن لاقى إقبالاً كبيراً بالنظر إلى الخلطة الخاصة به التي أُعدت بالنسبة للزبائن منتجاً جديداً.
على الصعيد التكنولوجي هناك ثورات أخرى كبيرة غيّرت العالم إلى طريق جديد في التفكير مثل ثورة التواصل الاجتماعي التي كان من أهمها الفيسبوك الذي أسسه مارك زوكربيرج، وذلك منبعث من خبرته التي دامت فترة في مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً كما تناقلت المواقع الإلكترونية عن حياة مارك زوكربيرج في عدة جوانب منها:
البيئة: التي كان لها دور كبير وهي بيئة جامعة هارفارد.
– اهتماماته الشخصية: حيث تطورت اهتمامات مارك بالكمبيوتر منذ طفولته المبكرة، فهو مبرمج حاسوب، حيث قام بتطوير العديد من الألعاب والبرامج، كان أولها برنامج للتواصل سماه Zucknet في سن الثانية عشرة، والذي قام والده باستخدامه في العيادة بحيث تستطيع الممرضة التواصل مع أبوه الطبيب دون الحاجة لأن تقوم بزيارة غرفته لإعلامه بوجود مريض في غرفة الانتظار، وبنى أيضاً عدة برامج وألعاب، ومن هنا ربما ساعدت خبرة مارك الكبيرة في التواصل والبرمجة في ربط أفكار من حوله وإنتاج وإنشاء منتج جديد وهو موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك التي تأثر به الكثيرون في إنشاء مواقع مشابهة للتواصل وغيرها من المواقع، وهي أيضاً تعد تراكمات في مجالات تفجّر بواسطة شخص واحد من هذا المجال.
هناك أمثلة كثيرة جداً للإبداع الأول، لكن اكتفينا بالأمثلة الأكثر وضوحاً وشيوعاً، ولاحظنا من الأمثلة السابقة أن الإبداع الأول يفتح مجالات في العالم يكون المجال الجديد ممثلاً في مسار جديد للتفكير.
إذاً استنتجنا من مؤسس سلسلة مطاعم كي إف سي (KFC)، ومؤسس موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن الإبداع الأول تراكمي جداً في اتجاه وموضوع معين.
كيف تكون صاحب إبداع أول؟
كما ذكرنا سابقاً من تعريف الإبداع الأول أنه يكون ناتجاً عن تراكم من الأفكار يفجّره شخص معين -صاحب الأفكار المتراكمة- من نفس مجال تراكم الأفكار ويصل بهذا التراكم إلى ابتكار أو إبداع، وهنا العمل المتواصل لا يعني العمل على الشيء ساعات طويلة بل العمل لفترة زمنية تتفاوت من شخص إلى آخر، وأيضاً تتفاوت حسب أهمية المنتج وانتشاره قد تكون سنة أو أكثر أو أقل أو ربما عدة سنوات أو أكثر، حيث يحدث تراكم من الخبرة في تطوير الشيء.
هل ساعدت التكنولوجيا على نشر الإبداع الأول؟
نعم، ولكن ليس التكنولوجيا هي الأساس في الإبداع الأول؛ لأنه ليس كل إبداع يكون الأول من نوعه تكنولوجي، لكن التكنولوجيا تمثل دوراً كبيراً في نشر ابتكار، اختراع، وإبداع أو غيرها من المسميات من حيث مساعدة التقدم التكنولوجي المساعد في الإنتاج بصورة سريعة وموفر للإمكانيات، وأيضاً انتشار وسائل الاتصالات المساعدة على التواصل واكتساب المعلومات.
ونريد التحدث عن الانتشارات التكنولوجيا العديدة، وغيرها من الانتشارات التي تعتبر من المؤثرات، التي أدت في التأثير في عدة طرق منها:
إنتاج الشركات الكبيرة التي بدأت بفكرة إبداعية أو ابتكارية، فتح شركات صغيرة ولكن بنمطية مستوحى من فكرة الشركات الكبرى على الأغلب بإضافات جديدة، فتح شركات صغيرة تعتمد على الانتشارات التكنولوجيا، فتح المجال أمام الشركات في العالم لتبدأ مرة أخرى من جديد بالتفكير وغيرها من التأثيرات.
ويكمن التعامل مع الإبداع الأول بآلية للتعامل في اتجاهين:
الاتجاه الأول: في التعامل مع الإبداع الأول في الاستفادة وترشيد الأفكار الخاصة بنا، عندما يكون اهتمامنا في نفس المجال التقني للإبداع الأول، ويوجد لدينا الدراية الكاملة، فمن هنا يبدأ التوجيه في إنتاج منتج على نفس السياق التقني للإبداع الأول ولكن بإضافة جديدة، بفائدة جديدة ويحلّ مشكلة جديدة، بحيث يتميز منتجك بميزة جديدة.
الاتجاه الثاني: وهو التعامل مع بعض منتجات التي تعد من المنتجات التي توصف بالإبداع الأول بالإفراط في الاستخدام لهذه المنتجات، لكن يجب العلم أن الإفراط لا يجلب معه دائماً النتيجة الإيجابية، بل على العكس في الأغلب تكون النتيجة سلبية للإفراط؛ لأن مثل تلك الأنظمة الممثلة في الإبداع الأول تقدم خدمة واحدة فقط على الأغلب، لكن بالإفراط في التعامل نلاحظ أن الزبون المفرط بالتعامل مع الإبداع الأول ربما يعطي وقتاً وجهداً كبيرين أكبر من الفائدة التي يقدمها منتج الإبداع الأول.
وفي النهاية أود بالتذكير بشيء هام جداً قد ذكرته في الأعلى، وهو أن الإبداع الأول تراكم من الأفكار يفجّره شخص معين من نفس مجال تراكم الأفكار، فأي شخص يوجد لديه تراكم من الأفكار في مجال معين من الممكن أن يكون صاحب إبداع أول، وذلك بترشيده اهتمامه في مجاله بدرجة تصل إلى التميز حتى يستطيع تفجير الإبداع الأول، ويكون صاحب التفجير، أيضاً يقدر ويقيّم الإبداع بالقيمة التي يعطيها للمستفيد، فكلما كان المجهود أكبر في إنتاج الإبداع كانت القيمة أكبر للمستفيد، لكن لا يكون مجهود على حساب صحتك ونفسك، أي أعطِ لنفسك الحق، فالعمل ساعات طويلة وسنوات طويلة بالقدر المستطاع، تبعاً لقول الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: "إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه".
وأيضاً ضع الجهد الذي يناسب نفسك وقدراتك لإنتاج الإبداع الأول حتى لو كان الإبداع الأول صغيراً لكن يقدم فائدة، حاول أن تتقن عملك حتى لو كان منتجك صغيراً في نظرك وفي نظر من حولك ولكنه مُتقن.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.