قد يقول لك قائل إن الأصل الرومي لسكان الأناضول التركية هو سر انتشار الجمال فيها، ويقال إن ما توليه المرأة التركية لجمالها من عناية هو السر، وربما هي طبيعة البلاد بهوائها النقي الذي يميل للبرودة، وعادات الطعام الصحية سبب من الأسباب.
وكأنثى يظل البحث عن أسرار الجمال هاجسا لها أقول إنها كل هذا مجتمعة، وهي مجتمعة لا تعني شيئا إن لم تحط المرأة جمالها بالعناية والرعاية الصحيحة والدائمة، فالجمال الأنثوي لا لون له، ولا عرق، ولا جنسية، ولا تتفوق حضارة على حضارة بعاداتها الجمالية، فلكل بلد من بلاد العالم عاداته التي تحفظ للمرأة رونقها وحسنها، ولبلاد الأناضول كذلك عادات رائعة مزجت بين سحر الشرق والغرب معا، وتستحق أن نسلط الضوء عليها.
الكثير من العادات التركية بما فيها النظام الغذائي التقليدي أثارت انتباهي لما فيها من فائدة تجنيها الأنثى الباحثة عن الجمال دون أن تدري، أو لنقل أنها تحصل على فوائدها دون مشقة اتباع برنامج غذائي خاص يخالف تقاليد الطعام لدى الأسرة وما يصنع للعائلة، ومنها أذكر:
مشروب الشاي:
هذا المشروب اللاذع بطعمه الممتع الذي يعشقه الاتراك، ولا يتوقفون عن تناوله طوال اليوم، له أثر بالغ في الحفاظ على جمال البشرة وتأخير الشيخوخة، بفضل المواد المضادة للأكسدة التي يحتوي عليها، وهي من المواد الهامة والضرورية للحد من هرم الجلد والجسد.
العيران:
وهو شراب يصنع من اللبن الرائب ويطلق عليه الأتراك العيران، وقال عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مادحا أنه يجب أن يكون "المشروب الوطني أو القومي للأتراك".
هو من أسباب الجمال كذلك، ولو بدأت أعدد فوائد هذا المشروب الصحي للجسم لما توقفت، وسأكتفي بما يضفيه من جمال:
فهو يمنح الإنسان بداية حاجته من الكالسيوم بداية، والذي يقوي العظام بدوره ويدعمها لتجعل البنية العظمية متينة، وبالتالي تكسبه مظهرا جميلا، وقواما مشدودا، وبنية متماسكة.
يساعد على حرق الدهون، ويمنع زيادة الوزن، ويحتوي على كمية هائلة من المعادن مثل "الكبريت، الفسفور، المغنيسيوم، البوتاسيوم، الزنك، والسيلينيوم" وهو أحد المعادن الهامة التي تقي من الشيخوخة المبكرة،و هوغني بفيتامين ب الضروري للحفاظ على صحة البشرة والشعر.
السلطات:
عندما تعاين النظام العثماني في إعداد الطعام ستبهرك القائمة اللا منتهية من السلطات، وللأتراك طرق كثيرة جدا لإدخال اللبن الرائب في أطعمتهم، ومزجه مع الخضار والبقول وأصناف لا تحصى من الأطعمة، لتشكل أمامك طبقا باردا خفيفا لذيذا وصحيا جدا
ستجد في أطباق السلطات كذلك مزيجا محببا من البقوليات، مع الخضار، وزيت الزيتون، و حامض الليمون، ومن ينكر ما لهذه الوجبات من أثر على الجسد في تنقيته من السموم، ومده بالطاقة، والحفاظ كذلك على الوزن.
زيت الزيتون:
ككل شعوب البحر المتوسط، فإن دخول زيت الزيتون إلى أطعمة الشعب التركي كان وما زال سخيا، وما زالت فوائده تنهال بسخاء مماثل على أجسام وبشرة أصحابه ومحبيه.
المجففات والمكسرات:
هي من الأكلات الممتعة و الصحية جدا، والتي يجاري فيها الأتراك أهل بلاد الشام، فيخزنونها وتكون رفيقة أوقاتهم وسهراتهم، وحتى مناسباتهم السعيدة، ولو لم يكن لهذه الأطعمة من فائدة إلا بأنها طبيعية، و يمكنها أن تنسيك المقرمشات والحلويات الضارة لكفى، ناهيك عن فوائدها التي لا تحصى للجسم، الدماغ، الأعصاب، العظام.
في بلاد الأناضول كذلك تلك العادات التي توارثتها النساء عبر العصور، يحفظن بها جمالهن، ويغذينه بما جادت عليهن به بلادهن، وتجارب الجدات، وهي عادات رائقة رائعة من المفيد والجميل بآن معا أن نتعرف عليها، ومنها:
الحمام التركي:
بطقوسه الأثيرة التقليدية والجميلة، يقوم الحمام التركي وبطريقة طبيعية ومواد طبيعية أيضا، بعمل أهم خطوات التجميل التي تدفع النساء أثمانا باهظة للحصول عليها في مراكز التجميل الحديثة، ناهيك عن المواد الكيميائية الضارة التي تستعمل أثناء تلك العمليات، وأهم ما تحصل عليه النساء في الحمامات التركية هو فتح مسام الجلد عند تعرضه للبخار الكثيف، وبالتالي تنظيف الجلد العميق، وأيضا تقشيره وإزالة الجلد الميت عبر الدعك بالليف والمواد الطبيعية، ويتم كل هذا بمواد طبيعية أيضا من الصابون، و المنظفات، وأدوات بسيطة لا تؤذي البشرة بل تزيدها جمالا وصحة.
الحناء:
كما كل نساء الشرق تعشق التركيات الحناء كمقو ومغذ وملون طبيعي للشعر، وكذلك لتزيين أجسادهن بنقوشه الجميلة الرائعة التي قد تفوق الاكسسوارات سحرا ورونقا وجاذبية.
و ما زال بإمكانك أن تلمحها على أيدي الفتيات و النسوة وفي خصلاتهن، وكذلك في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية المختلفة.
ماء الورد:
من أهم ما يميز مواد التجميل في بلاد الأناضول، ومن أفضل ما تستخدمه النساء لبشرتهن كمرطب، وهو يعمل كذلك على تصفيتها وتنقيتها والحفاظ عليها.
وللأسف فإن العولمة بدأت بالتغلغل في العادات التركية الأصيلة، كما فعلت وتفعل مع شعوب الأرض كافة، فامتدت بأذرعها القاسية نحو المطبخ التركي، والطريقة التي تتجمل فيها الشابات التركيات، وأغرقتهن في عوالم مواد التجميل الصناعية التي تؤذي البشرة، وتعمل على تشوهها، كما فعلت مع كل نساء البلاد التي تملك عراقة في عاداتها الجمالية، ولكن طغيان الجديد والسهل غلب وأزاحها عن عرشها، وبالكاد تجد اليوم من تكتفي بالكحل الأسود الأصلي المصنوع من مسحوق الإثمد، أو بالحمام التركي المستمر، أو حتى ماء الورد كمرطب ومنظف.
وبالتأكيد ستدرك النساء بعد زمان، أن تلك العادات الجميلة العريقة، هي وحدها من يحفظ لهن جمالهن، ونقي بشرتهن، و قوامهن، وحتى رشاقتهن، دون كل ما يشترينه بأثمان باهظة اعتقادا منهن أنه الأفضل.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.