لماذا يُعتبر شراء الإنستغرام الصفقة الأذكى والأكثر ربحاً في تاريخ الفيسبوك؟

عدد القراءات
1,143
عربي بوست
تم النشر: 2018/07/08 الساعة 07:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/08 الساعة 09:53 بتوقيت غرينتش

منذ زمن تتوافر أدوات لتعديل الصور وألوانها، خصوصاً برنامج فوتوشوب، الذي كان أقرب أصدقاء المصورين، وتبعه برنامج اللايت رووم، الذي اشتُهر بتعديل الألوان وإضافة المؤثرات على الصور الفوتوغرافية عالية الدقة، حتى مع تطوُّر الأمر على الهاتف المحمول، توافَر عدد لا بأس به من الأدوات والتطبيقات التي تقوم بالوظيفة نفسها، إلى أن وصل الأمر إلى أن تُدمج هذه الأدوات بنظام التشغيل كما هو الحال مع iOS، الذي أصبحت الفلاتر جزءاً منه عند تعديل أي صورة واقتصاصها، سواء بتطبيق الكاميرا أو في إعدادات النظام عند تعديل صورة ما.

كثيرةٌ هي تطبيقات إضافة المؤثرات، لكنّ أغلبها يقتصر على إضافة عدد من المؤثرات وحفظ الصورة، إلا أننا علينا أن نعترف بأن أصل هذه الفقاعة يعود فضلها لـ"إنستغرام" منذ نشأته وانطلاقه عام 2010 عندما كان لا يزال فقط على جهاز آيفون.

"إنستغرام" إن بسَّطنا المسألة.. لم يأتِ بجديد كُلي على صعيد الشبكات الاجتماعية في بداياته، سوى فكرة تكرر "تويتر" لكن فقط للصور، حتى لاحقاً قام باستنساخ ميزاتٍ موجودة بالفعل في تطبيقات أخرى، كالقصص التي هي أساس تطبيق Snapchat، الأمر الذي أثر على شبكات اجتماعية أخرى بدأت تحذو حذوه بشكل الخلاصة وتدفُّق المحتوى، ونسخ لبعض الميزات.

فكرة "إنستغرام" البسيطة والسهلة التي جعلت الناس تبتعد كلياً عن التعديل بواسطة الكمبيوتر، هي بمؤثراته التي يضيفها إلى الصور التي صاحبت التطبيق منذ انطلاقه، يليها التعديل السلس والسريع للصورة وإضافة التأثير عليها، إنها ليست مسألة معقدة، فأي مصور لديه عين فنية تود التقاط صورة سريعة، بدلاً من أخذ الصورة إلى جهازه الكمبيوتر وفتح برنامج فوتوشوب وانتظاره وإضافة التعديلات.. "إنستغرام" مكَّنه من اختصار كل هذه العملية بصورة وفلتر يجعل منها احترافية، وشبكة اجتماعية أدرك "إنستغرام" أنها الأساس في الحفاظ عليه كتطبيق، وتناميه لاحقاً كشبكة من أعلى الشبكات حضوراً في العالم عموماً وعالم التسويق خصوصاً.

بعد تنامي عدد المستخدمين أكثر وأكثر، لم يعد "إنستغرام" مجرد شبكة لمشاركة الصور الشخصية أو الصور التي نلتقطها بسرعة، فقد تحوَّل قسم كبير من المصورين وابتعدوا عن موقع "فليكر"، وفضَّلوا استخدام "إنستغرام"، الذي ميَّز صورهم أكثر بتربيعه للصور (1:1) إلى وقتٍ طويل، والتي جعلت للصورة مفهوماً جمالياً آخر، كسره التطبيق لاحقاً بإضافة مقاسين، الطولي والعرضي، ليلبي طلبات الجمهور.

قد نتفق على أن "إنستغرام" جعل الكثير والكثير من الشركات تشعر بالغيرة من نجاحه، نحن هنا نتحدث عن منتج دفع الكثير من الناس للاعتماد عليه فقط للتصوير ونشر الصورة والتسويق لمصوّريها من دون دفع سنت واحد، لنعدَّ معاً كم شركة دفعتها الغيرة لإضافة المؤثرات على تطبيقاتها؟ "تويتر" حدَّث تطبيقه لجعل المستخدمين يعتمدون عليه بدلاً من "إنستغرام" وأدخل مؤثرات، شركة Yahoo أيضاً وخدمتها "Flickr" تحسست على نفسها وتأكدت أن لتطبيقات الهاتف المحمول أهمية بالغة؛ وهذا الأمر هو الذي دفعها للاعتناء بتطبيقها بعد أن كان مهملاً ويفتقر إلى أبسط التحديثات (عن تجربة شخصية، كان تطبيق فليكر مهملاً، لدرجة لا يمكن وصفها)، "فليكر" سارعت فوراً بتطوير تطبيقها وإضافة المؤثرات المتنوعة (والقريبة من مؤثرات "إنستغرام") إلى التطبيق، لدرجة أنها بدأت بتحديث التطبيق شهرياً وتعزيز مبدأ المتابعة (Follow) لحسابات المستخدمين؛ وكل ذلك لمضاربة "إنستغرام" بعد صعوده.

وعلى الرغم من أن "فيسبوك" اشترى "إنستغرام" ويستحوذ عليه، فإنه لم يمنعه من إضافة ميزة "تعديل الصور قبل رفعها وإضافة المؤثرات عليها".

تطبيقات أخرى لا تُحصى ولا تُعد قامت على فكرة مضاربة "إنستغرام"، لكنها لم تأتِ بشيء جديد خارج فكرة التطبيق، المبدأ نفسه والفكرة نفسها، لكن بمؤثرات مميزة نوعاً ما.

إذاً، هل نتفق على أن "إنستغرام" غيَّر مفهوم التصوير ومشاركة الصور في حياتنا أم لا؟ شخصياً، أعتقد أنه غيّره وبشكل كبير، مشاريع التصوير التي كانت متناثرة هنا وهناك أصبحت منتظمة بشكل أكبر على "إنستغرام"، ليطلق أي مصور محترف أو ملهم مشروعه الخاص بالتصوير (كتصوير الأحذية)، أو تصوير البورتريه أو تصوير الأبيض والأسود، وغيرها الكثير من المشاريع أصبحنا نشاهدها تخرج من شبكته الاجتماعية، حتى إن خزانة الأعمال وملف المصور/ المصمم/ المجتمع الإبداعي، بات "إنستغرام" يشكل هويته، ليكفي أن تتعرف على إبداع شخص ما بمجرد الدخول لملفه.

 الرهان الرابح الذي حققته شركة فيسبوك كان عام 2012 عندما قررت شراء "إنستغرام" بعد 3 سنوات على إنشائه، والذي يضم في فريقه نحو 13 موظفاً؛ إذ إنها تُوصف بالصفقة الأذكى على الإطلاق في تاريخ "فيسبوك" منذ تأسيسه سنة 2004، حيث تقدَّر قيمة "إنستغرام" السوقية اليوم بـ100 مليار دولار أميركي، أي إنها تضاعفت نحو 100 مرة منذ تاريخ صفقة في 2012.

حسب تقرير مشترك لـ"بلومبيرغ إنتيليجنس" مع كوارتز، يجب أن يصل "إنستغرام" إلى 2 مليار مستخدم خلال السنوات الخمس القادمة، في حين أعلنت الشركة مؤخراً وصولها لمليار مستخدم نشط شهرياً بالتزامن مع الكشف عن ميزة تلفزيون إنستغرام أو IGTV التي تتيح للمستخدمين رفع مقاطع بالشكل العمودي، تصل مدتها إلى ما بين 10 دقائق و60 دقيقة.

كُتب جزء من هذا المقال سنة 2014، علماً أن التطبيق شهد تحديثات كثيرة من الصعب إيرادها في تدوينة واحدة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
بشر عبدالهادي
مهتم بالإعلام والتقنية والتسويق
مدوّن، ومصوّر، مهتم بالإعلام والتقنية والتسويق، أدرس الإعلام والاتصال الجماهيري، تخصص صحافة إلكترونية، وأعمل في مجال التسويق الإلكتروني.
تحميل المزيد