سلطة تقمع شعبها المحتل!.. عن عزام الأحمد وصراعه مع الشباب

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/08 الساعة 07:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/06 الساعة 17:02 بتوقيت غرينتش

في مقطع فيديو مصور قبل أيام للسيد عزام الأحمد، يقول حسب رأيه الشخصي: "إن عدونا أميركا وليس إسرائيل"، لو رجعنا إلى فيديو آخر وعلى قناة "المنار" اللبنانية 2007، رد السيد "الأحمد" على سؤال وُجِّه له بأن "حركة فتح تتلقى أموالاً أميركية مشروطة"، فأجاب وقتها: "لو جاءتنا مساعدات مشروطة من رب العباد فلن نقبلها". لن أدخل في حيثيات الرد وما آلت إليه؛ بل سنتفق معه قليلاً بأن أميركا العدو الأول له ولنا لحين. أما أن إسرائيل ليست عدونا! فهذه جديدة علينا وعلى فهمنا وعقلنا والذي يريد السيد عزام أن يغير مفاهيمنا كما قال. ولم لا؟! فهو المناضل الثوري ووزير كل الحكومات منذ تأسيس السلطة، والذي يعتبر أن المفاوضات مع إسرائيل هي أحد أشكال النضال وهي أهم من النضال العسكري! هل نضحك أم نبكي نحن الفلسطينيين؟! يقول في بقية الفيديو: "بتحدى إذا شباب الحراك طلعوا بمسيرة ضد الاحتلال!"، حسب كلامه. كيف يخرجون بمسيرة ضد الاحتلال الإسرائيلي وأنت الثوري وتقول إن إسرائيل ليست عدواً؛ بل أميركا؟! "احترنا يا قرعة منين نمشطك"!

نظرياً، لن يخرجوا بمسيرة ضد احتلالٍ، المفروض أنه منتهٍ من عاصمة رام الله الحرة.

في حركة ينهض من كرسيّه ويمثّل لنا كيف يقف الطلاب في حرم جامعة بيرزيت. هذه الحركة تحتاج إلى خبراء علم الجسد، وليس إلى قارئي الطالع والفنجان، وأتمنى ألا يسرقها خبراء التنمية البشرية ولا مُعلمات الصف الأول الابتدائي عندما ينطوون أمام طلابهم لتعليمهم معنى كلمة "قفز" بالإنكليزية كوسيلة إيضاح وتعلُّم سريع. 

بغض النظر عن عزام الأحمد وتحدِّيه الشرس بأن شباب حراك مقاطعة العقوبات على غزة، هو حديث حراك مسيَّر ضد السلطة، وكان على هؤلاء الخروج في مسيرات ضد الاحتلال بدل السلطة. أريد التوقف هنا…

ومرة أخرى قبل البدء، أوكد أنه لا يوجد هناك ما يرد على تلك العبارات، أستغرب كيف تخرج من رجل في صف السلطة الأول؟! وهذا الرجل تحديداً هو من يحمل ملف المصالحة على كتفيه منذ بدء الشقاق الفلسطيني الحالي، يعني بالعامية هو "المصلح، واللي حاطط فراش العطوة".

ما صرح به في مداخلته عن الحراك وعن طلاب بيرزيت مُؤذٍ، مُؤذٍ له بشخصيته الاعتبارية، ومُؤذٍ له كرجل مسؤول، ويدعو إلى الانفلات الأمني والاضطراب بين صفوف الشباب.

ما الذي يريده من طلاب الجامعات؟ حمل السكاكين والمطاوي والأسلحة للدفاع عن أنفسهم إذا ما اخترق المستعربون والجيش الإسرائيلي الحرم الجامعي ويتصدّون لهم؟ وهو القائل في إحدى مداخلاته التلفزيونية الكثيرة: "المرحلة ليست مرحلة كفاح مسلح ضد إسرائيل؛ لأنه ليس لدينا القدرة على ذلك".

لا أظن أن الطلاب أبناء هذا الشعب ليسوا قادرين على فعل هذا، ولكن أليس من الأجدر طرح هذا الاتهام على الأمن الفلسطيني وثيق التنسيق مع جيش الإحتلال؟ ألا يجب أن يسأل السيد عزام نفسه عن الإجابة عن هذا السؤال؟ لماذا لا يتصدى الفلسطينيون للاحتلال عند مداهماته لمناطق السلطة الفلسطينية التي يمثل هو أحد رموز حكمها؟

لماذا يتم تخصيص أكثر من ثلث ميزانية السلطة للأمن، لكي يمشي المواطن متحسباً من هجمة استعمارية من قِبل الاحتلال؟

السيد عزام الأحمد يريد من الحراك أن يكون ضد الاحتلال، كيف يكون والمظاهرات ممنوعة ومحدودة ومقموعة قبل أن تبدأ؟! كيف يقاوم شعب احتلالاً تقوم سلطته بتسليم مقاوميه طواعية وعلناً في وضح النهار؟! كيف يتصدى الفلسطيني في الضفة للاحتلال عندما يجرم القانونُ والقضاء الفلسطيني، المقاومَ ويعتبره مذنباً؟!

هؤلاء الشباب لا يعرفون عن إسرائيل إلا ما أتاحته لهم منها أوسلو واختراقات يومية للإنسانية الفلسطينية. هؤلاء وُلدوا في كنف سلطة توفر لهم وطناً حراً مستقلاً.

هؤلاء ينتفضون استياء من سلطة يعتبرونها حربة انتصاراتهم وعنوان قضيتهم.

هؤلاء نتاج ما يقرب من 3 عقود من المفاوضات غير المجدية، وعقد من المحاورات الانقسامية العبثية واختراق وانتهاك للإنسانية على مرأى السلطة.

هؤلاء شهدوا اغتيال باسل الأعرج وسجنه من قِبل رفاقه. هؤلاء شهدوا اغتيال أحمد جرار،

هؤلاء شهدوا اغتيال طلاب جامعة بيرزيت منذ ساجي درويش، واعتقالهم على مرأى السلطة وأمنها.

سيف دغلس ومحمد القيق وعمر الفاروق عبيدية وعبد الله التميمي… والقائمة تطول، ويستغرب السيد عزام الأحمد من عدم رضا الشباب من الشعب عما يجري من مساهمة في العقوبات على غزة، في وقتٍ أبسطُ ما نقدمه هو الوقوف مع غزة، فغزة جزء من الجسد الفلسطيني.

يقول عزام الأحمد إن الشارع مُسلَّط ومعبَّأ ضد السلطة، ويستغرب من ذلك، يستهزئ من طلاب جامعة بيرزيت "الحمساويين" طبعاً وغيرهم، باستعراض حقيقي ويلومهم على النظر في اعتقال المستعربين للطلاب.

ويقول إنه بهذا يتكلم كلام الشارع، ينظر من خلال نافذة مكتبه على ما يجري ببيت أيل، ويربط التسليح بعدم تصدي الطلاب للجيش الإسرائيلي.

لا أعرف أين بدأ تاريخ عزام الأحمد النضالي، وكم من سنوات قضاها في سجون الاحتلال، وكم قدَّم ليصبح ما هو عليه في الصف الأول، وما هي المتطلبات المفترضة كي يكون فاعلاً بالعمل الوطني.

وأعترف بأني لا أستغرب استغرابه ومفاجآته وغضبه من الشارع المستاء ضد السلطة. ما لا يريد عزام الأحمد فهمه، أن ما يظنه تحريضاً أو تعبئة ضد السلطة ليس إلا صرخة من أجل رفع الظلم عن غزة.

الشعب لم يخرج ضد السلطة بعدُ.. ولن أستغرب إن كان عزام الأحمد سيستغرب حدوث هذا؛ فحسب ما يقوله، وبلغة جسده الواثقة بالاستحكام والتحكم في الشارع المعبأ ضد سلطته ظلماً، فإن هذه السلطة هي نعمة الله للفلسطيني.

الشعب لم يخرج ضد السلطة بعدُ؛ لأن هذا الشعب لا يريد تغيير بوصلته عن الاحتلال بعد،

والله إن الكلام يسكت أمام مثل هذه المهاترات، فكم من الصعب الخنوع لحقيقة قيادة يمثلها هؤلاء!

تستغرب أن العشريني لا يخرج بمسيرة ضد الاحتلال؟! (طبعاً أنا متأكدة من أنه يشاهد بيت أيل في الأوقات التي تسمح فيها أوقاته المزدحمة من الأسفار للمصالحة وأمور الدولة العتيدة بالوجود، فيبدو أن ما نشاهده من مواجهات على بيت أيل ليست إلا إعادة تصوير تبثها الميادين ورواد الفيسبوك!).

المجد والمستقبل لشبابنا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
نادية حرحش
كاتبة وباحثة
تحميل المزيد