ربما كان الحزن كبيراً وعامـاً لخروج منتخب مصر من الدور الأول لنهائيات كأس العالم في روسيا 2018 بدون إحراز أي فوز، ودون تقديم أداء مقنع، لكن يتعين علينا جميعـاً مناقشة ما جرى بموضوعية؛ لأن عدم تدارس الأخطاء هو تمهيد لتكرارها.
ربما كانت خطوة البداية هي رحيل مجلس إدارة اتحاد الكرة الحالي، وأن يكون هناك اعتماد على العلم في اختيار اللاعبين والتخطيط لإدارة المباريات، وتعيين مدربين يجيدون التعامل مع خطط كرة القدم وتقديم الدعم لهم.
إن "صفر المونديال" يتطلب منا أن نفهم أسباب هذا الأداء المتواضع، ومناقشة طريقة اختيارات اللاعبين واختيار المدربين، ودور اتحاد الكرة، وفتح ملفات القصص المثيرة للجدل التي صاحبت منتخب كرة القدم، بداية من علامات الاستفهام التي تثار حول اختيار الشيشان مقراً لإقامة منتخب الفراعنة، وقصة وفد الفنانين الذي يتهمه البعض بالتشويش على لاعبي المنتخب قبل المباراة أمام منتخب روسيا.
نريد معرفة كل شيء بشفافية، واتخاذ إجراءات حاسمة لمحاسبة كل المقصرين، فضلاً عن غربلة المنتخب، واختيار القادرين على العطاء الجاد والجيد باسم مصر. المسألة ليست فقط المدير الفني الأرجنتيني هيكتور كوبر، وإنما تتجاوزه لتصل إلى مستوى اللاعبين ومدى قدرتهم على العطاء، وهل تم بالفعل استبعاد لاعبين أكثر كفاءة من تمثيل المنتخب؟!
في نفس يوم الخروج الحزين لمنتخب مصر من مونديال روسيا 2018، والخسارة الثالثة أمام المنتخب السعودي، أقيمت مباراتان تقدمان درسـاً بالغ الأهمية في اللعب بفدائية والقتالية المطلوبة أمام منتخبين قويين ومرشحين للبطولة.
ففي مباراة إسبانيا والمغرب في كالينينغراد، نجح منتخب المغرب في التقدم مرتين على المنتخب الإسباني القوي، الذي أدرك التعادل في الوقت بدل الضائع، بينما انتزع "أسود الأطلس" نقطة مستحقة رغم فشلهم في تحقيق أول فوز منذ مونديال 1986.
وقدم المنتخب المغربي للمباراة الثالثة على التوالي عرضاً رائعـاً ووقف نداً أمام النجوم الإسبان وكان قريباً من تحقيق فوزه الأول في 2018 والثالث في تاريخه عندما تقدم 2-1 قبل أن تهتز شباكه في الوقت بدل الضائع.
وقال مدربه الفرنسي هيرفيه رونار: "يجب أن نفخر بما فعلناه، وبالفريق وبالجمهور المغربي أيضاً"، وأضاف: "أظهرنا أنه باستطاعتنا مواجهة منتخبين من أفضل المنتخبات في العالم"، في إشارة إلى إسبانيا والبرتغال.
في هذه المباراة المثيرة، سجل إيسكو (19) وياغو أسباس (90+1) لإسبانيا، وخالد بوطيب (14) ويوسف النصيري (81) للمغرب.
وفي المباراة الثانية التي أقيمت في الوقت ذاته في سارانسك، حفل لقاء البرتغال وإيران بالإثارة والخشونة حتى الثواني الأخيرة. وسجل ريكاردو كواريشما (45) للبرتغال، وكريم أنصاري فرد (3+90) من ركلة جزاء لإيران في مباراة أضاع خلالها النجم كريستيانو رونالدو ركلة جزاء.
بدت البرتغال في طريقها لحسم المباراة ومعها الصدارة بعد تقدمها منذ نهاية الشوط الأولى وحتى الوقت بدل الضائع من اللقاء، لكن مشاكسة الإيرانيين مكنتهم من انتزاع التعادل بعد حصولهم على ركلة جزاء احتسبت بعد الاحتكام إلى تقنية الفيديو "في آي آر".
اللافت للانتباه أن إيران كانت قريبة في الثواني الأخيرة من خطف هدف الفوز الذي كان سيضع المنتخب الذي يشرف عليه مدرب البرتغال السابق كارلوس كيروش، في ثمن النهائي للمرة الأولى في مشاركته الخامسة في النهائيات، لكن مهدي طارمي سدد الكرة في الشباك الجانبية.
الدرس الأهم من كل هذا هو أنه يجب أن تلعب بقوة ومهارة وألا تخشى أي منتخب، وأن تقاتل وتقدم أداءً فنيـاً مقنعـاً، لأن الجمهور الذي ساندك ودعمك يستحق منك هذا الأداء في بطولة عالمية مثل المونديال.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.