7 حقائق لا تقال في الجدل حول النقاب

عدد القراءات
1,169
عربي بوست
تم النشر: 2018/06/30 الساعة 07:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/30 الساعة 14:24 بتوقيت غرينتش
Prague, Czech Republic - September 26, 2014: Young Muslim couple walks down the street of Old Town. Woman wears traditional clothes, thereby leaving only the eyes visible. However, she holding a cell phone in right hand.

قرأتَ العنوان؟ أعجبك، أو أثار فضولك؟ لا يهم، المهم أنك هنا، سواء كنت إخوانياً، متديناً؛ محافظاً، أو حداثياً؛ تقرأ هذه السطور، وتنتظر أن أخبرك بما لم يُقل بعدُ في جدل النقاب.

لن أطيل عليك، ولن أرضى أن تعود خائباً؛ لذلك أقول لك باختصار شديد إنه:

من يقل لك إن المرأة حرة في ارتداء ما تريد ارتداءه.. فهو كاذب.

ومن يقل لك إنه في المغرب يمكن للمرأة أن ترتدي ما تريد.. فهو كاذب.

ومن يقل لك إن النقاب أو البرقع هو علامة على التخلف، وإن ارتداء التنورة القصيرة هو علامة على التحضر.. فهو كاذب.

ومن يقل لك إن النقاب أو البرقع أو الحجاب هو حرية فردية.. فهو كاذب.

ومن يقل لك إن التنورة ولباس البحر حرية فردية للمرأة.. فهو أيضاً كاذب.

إن كنت لا تزال ترغب في معرفة المزيد فدعني أخبرك بالحقائق السبع التي لم تُقل بعدُ في جدل النقاب الدائر هذه الأيام بالمغرب:

الحقيقة الأولى، يا عزيزي القارئ، أن المرأة في المغرب وفي هذه المنطقة التي لا تزال تصر على أن تبقى خارج مسار العالم، أنه لا أحد -سواء كان امرأة أو رجلاً- حر في ارتداء ما يريد، وأقل دليل على ذلك هو المَثل الشهير والذي يكاد يوجد في كل بلدان المنطقة: "كُل على ذوقك، والبس على ذوق الناس".

الحقيقة الثانية، أننا نريد مجتمعاً ديمقراطياً، ونجهل أنه في أي مجتمع ديمقراطي الناس لا يحكمون على أي كان مما يرتديه؛ بل مما يفعله. في أول أيامي بكندا كمهاجرة حديثة، كنت مجبَرة على اجتياز دورة للاندماج في المجتمع الكيبيكي، عرضت لنا المدربة صورة لمجموعة من الناس وسألتنا أن نُصنِّفهم حسب المهن التي يمارسونها، جعلنا من صاحب البدلة موظف بنك، ومن صاحب حذاء رياضي وتي شيرت مدرباً، ومن صاحبة تنورة قصيرة وكعب عالٍ مضيفة طيران، كانت كل أجوبتنا خاطئة، فصاحب البدلة كان سائق تاكسي، وصاحب الحذاء الرياضي كان أستاذ فيزياء، وصاحبة التنورة القصيرة كانت مُدرّسة، وأنهت المدربة الحصة بالقول إنه في المجتمع الكندي لا نحكم على الناس مما يرتدونه.

الحقيقة الثالثة، عزيزي القارئ، أننا في مجتمعاتنا نحكم على الناس من خلال ما يرتدونه، إن ارتدت المرأة تنورة قصيرة فهي متحررة، وإن ارتدت بنطالاً فخروجها للعمل أفقدها أنوثتها، وإن ارتدت حجاباً يغطي نصف شعرها وتضع مكياجاً على وجهها فهي غير مقتنعة بعدُ بالحجاب. وإن ارتدت حجاباً يغطي الرأس بالكامل بوجه خالٍ من المكياج، فهي محترمة، وإن ارتدت النقاب وكانت عزباء فهي مؤمنة تنتظر زوجاً صالحاً، وإن كانت متزوجة فإيمانها زاد بعد زوجها وأرادت أن تصون نفسها لزوجها فقط.

الحقيقة الرابعة، يا عزيزي القارئ، أن هؤلاء الذين يدافعون عن حرية المرأة في ارتداء النقاب أو البرقع يجهلون أنه قبل بضعة عقود كانت نساؤنا لا يخرجن أصلاً من بيوتهن، وإن خرجن يخرجن مرتديات جلابيب بلثام، أو رداء أبيض بلثام أسود، وأن التغيرات السياسية والاجتماعية التي طرأت على المنطقة ظهرت على شكل المرأة وطريقة لباسها، وأن هذا النقاب وذاك البرقع ليسا باللباس الديني، ولا علاقة للدين بالأمر، وأنه بكل بساطة هو رمز لتطوُّر سوسيوسياسي تعرفه بلداننا في هذه المرحلة بالذات؛ لذلك -عزيزي القارئ- لا تدعهم يضحكون عليك ويخبرونك بأن المرأة التي اختارت ارتداء النقاب اختارته بإرادتها؛ بل فعلت -يا عزيزي- بإرادة السياسيين ورجال الدين وكل أصحاب السُّلَط في هذا البلد.

الحقيقة الخامسة، يا عزيزي القارئ، أن الذين يجادلون في النقاب ومنعه، وحرية المرأة في ارتدائه من عدمها، ينسون أو لنقُل يتناسون جزئية هامة جداً في هذا الجدال؛ وهي أن أغلب النساء اللاتي يرتدين هذا اللباس يقطنَّ في أحياء شعبية، وأن هذه الأحياء ليست هي الأحياء نفسها التي تربَّى فيها أغلبنا، حيث ابن الجيران يدافع عن بنت الجيران، وحيث بنت الجيران تخشى أن يراها ابن الجيران مع غريب، هذه الأحياء الشعبية "الحديثة" مليئة برجال يفهمون أن الدين هو "مراقبة سلوك المرأة"، ورجمها إن هي "لم تصُن عفتها"، وأن دليل عفتها هو ذاك اللباس الأسود أو الأزرق، الفضفاض، الواسع، الذي يُخفي كل ما ظهر.

لذلك، عزيزي القارئ، لا تدعهم يضحكون عليك ويخبرونك بأن المرأة التي اختارت ارتداء النقاب أو البرقع حرة؛ لأن الحقيقة أنها مجبرة على ارتدائه؛ لأن هذه الأحياء الشعبية لا يُسمح بالعيش فيها إلا لمن كانت ترتدي مثل هذا اللباس، ولأن هذه الأحياء الشعبية، يا عزيزي القارئ، تفتقر إلى أدنى مستويات الأمن والأمان، ولأن هذه الأحياء يعيث فيها الجهل وانعدام الأمن، وسطوة التدين، فأين هي الأجواء التي يمكن فيها لهذه المرأة أن تتنفس حرية حتى تختار لباسها بِحُرية؟

الحقيقة السادسة، يا عزيزي القارئ، أنك إن اعتقدت أن من ترتدي تنورة قصيرة، أو بنطالاً، ولا تضع لا نقاباً ولا حجاباً هي تفعل ذلك لأنها متحررة- فأنت مخطئ، ستجد الكثيرات منهن يحملن نفس أفكار النساء المنقبات، وستجد الكثيرات منهن يحلمن بـ"الهداية وارتداء الحجاب".. بعد الزواج طبعاً، ومنهن من ستعمل على ارتداء الحجاب قبل الزواج من أجل الزواج. من ترتدي تنورة قصيرة في هذا البلد، يا عزيزي القارئ، أو ترتدي بنطالاً ليست بالضرورة أكثر تحرراً من المرأة المنقبة أو المحجبة.

الحقيقة السابعة، يا عزيزي القارئ، أنك وأنت تقرأ هذا المقال وتطَّلع على صورتي عليه وهي بشعر قصير وحُمرة شفاه، تصفني في خانة النساء المتحررات الحرائر؛ فقط لأنك تعلمت في مجتمعنا هذا أن تحكم على الناس، نساء ورجالاً، من خلال ما يرتدين؛ لذلك دعني أخبرك شيئاً، أنا لست حرة بعد، فما زلت أشتري الفساتين القصيرة، والتنانير القصيرة وأنتظر حتى أسافر إلى خارج البلد وأرتديها؛ لأني هنا في بلدي إن ارتديت تنورة أو فستاناً قصيراً فلن أَسلم من وَلْوَلة والدتي، ولا امتعاض أخي، ولا تلصُّص أبناء الحي، ولا نظرات الناس في الترام، ولا تعليقات المارة مشاةً وركاباً وسائقين وأنا أمشي بالشارع، هنا في بلدي يكرهون التنورة، يكرهون الفستان، يكرهون الحجاب، ويكرهون النقاب، ويكرهون لباس البحر، هنا في بلدي يكرهون كل ما ترتديه المرأة، وما لا ترتديه المرأة، يكرهون…! فقط ليجدوا سبباً ليتحدثوا عنه، وفي حديثهم يتلذذون بممارسة سلطتهم على المرأة باسم الدين، الحداثة، الحريات، وأي اسم آخر، المهم أن الحديث عما ترتديه المرأة سلطة لذيذة، ألم تنتبه -يا عزيزي القارئ- أنني كنت أخاطبك أنت وحدك في جدالٍ، المفروض أنه يخص المرأة، ومع ذلك لم أسمع صوتها، وسمعتُ صوتك أكثر مما سمعت صوتها؟

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
شامة درشول
مستشارة في تطوير الإعلام
تحميل المزيد