أيتها الفتاة.. لهذه الأسباب اذهبي إلى الأفراح والمناسبات واصطادي عريساً

عدد القراءات
1,428
عربي بوست
تم النشر: 2018/06/29 الساعة 11:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/29 الساعة 11:51 بتوقيت غرينتش
Bride and groom. Wedding design over grey background. Vector illustration.

انتشرت على "فيسبوك"، بشكل واسع، تدوينة لفتاة تقول ساخرةً على لسان والدتها: "حاولي أن تتعرفي على الرجل الذي بالصالون وتحبيه وتتزوجيه في ساعة من الزمن"، وكتب لها أحدهم تعليقاً يقول: "إنك ستتعرفين على واحد من هؤلاء، والذي سيسرق قلبك وسنوات عمرك ويترككِ فارغة القلب، لتقبلي وقتها برجل الصالون وأنت مطأطئة الرأس"، وذلك من أثر نضج التجربة، ولكنه كَتب هذا المعنى بطريقة ساخرة وقاسية، ووقفت أفكر في أمر غريب؛ فهي على حق، وهو أيضاً لولا قسوته لكان على حق ويحكي عن واقع عاشته الكثيرات.

قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحب: "لم نرَ للمتحابَّين مثل النكاح"، ومع هذا نجد أمر الحب غير مرحَّب به مجتمعياً، ولعل السبب يكمن فى أمرين: الأول أن هناك من يسمي الشهوة محبة، ويصف ركضه خلف شهواته أنه سعى وراء الحب، وعادة ما تكون الفتاة هي الخاسر الأكبر بهذه العلاقة أو أنها بالأحرى -على الأغلب- الخاسر الوحيد، فيخشى عليها أهلها من الوقوع فريسة لمن سيُقسم لها أنه يحبها ويطمئنها بأنه ليس فقط سيتزوجها؛ بل هي زوجته بالفعل، ويلهيها بحِيله وألاعيبه حتى يضيع عمرها إلى جواره، وبمجرد أن تتيسر ظروفه يذهب لصالون غيرها، وقد تكون حجته أنها أصبحت كبيرة بالسن ويخشى من ضعف قدرتها على الإنجاب، ويتركها لتعود لرجل الصالون مطأطئة الرأس؛ لذلك يفضل الأهل أن تدخل الصالون من البداية.

السبب الثاني أن الحب قد يُخرج المرء من عفافه، نعم فامرأة العزيز مثلاً لولا حبها لسيدنا يوسف لبقيت امرأة شريفة عفيفة، وكم من فتاة ما كانت لتسقط أبداً، ولكن تحت وطأة الحب يأتي التنازل، والتنازلات تفضي إلى السقوط.

ولكن، هل زواج الصالونات بديل أمثل؟ بالطبع لا، فبعيداً عن الصورة (الكلاشية) التي قدمتها الروايات والسينما له، وبعيداً عن تشنجات من يتحدثن عن حقوق المرأة ويصفن زواج الصالونات بأنه بيع وشراء، ويعتبرن رجل الصالون يغتصب زوجته، بعيداً عن كل هذا، زواج الصالونات يحتاج إلى شبكة علاقات قوية، تتيح للعائلتين معرفة حقيقية بعضهم ببعض، تسمح ببداية جيدة يمكن للعروسين أن ينطلقا منها، فما يعرف كل طرف عن الآخر وعائلته وطِباعه وأخلاقه يكون كافياً ليجعله يشعر بأنه يعرفه جيداً منذ وقت طويل، وأحياناً تتحول تلك العلاقة إلى حب. أما ما يحدث في أحيان كثيرة، أن تُحضر لكِ سيدة بالكاد تعرفينها عريساً لا تعرفين عنه شيئاً، وما إن تدخلي في الموضوع حتى تنكشف لك ويلات، وتكون الطامة الكبرى عندما لا تنكشف تلك الويلات إلا بعد وقوع الزواج، وحتى إن لم يقع الزواج وتصبح حياتك مع رجل الصالون مواقف وطرائف، تذكرك بمسلسل "عايزة أتجوز"، كان أهم ما يميز عريس الصالون بالماضي هو الجدية الشديدة، ولكن يبدو أن أشياء كثيرة تغيرت بالمجتمع، فهناك من يقصد المنازل من أبوابها ولكنه نوع آخر من التسلية، يستمتع بالتجربة مع نهاية كل أسبوع، ولا يخسر شيئاً، مدعوم بموافقة اجتماعية لما يفعل، وتفقدين شيئاً من نفسك مع كل عريس، حتى تتحول نفسك لآلاف الأنفس وتخرج منك نفساً بعد نفساً، ولكن على بعضهن الأمر لا يبدو بهذه القسوة.

نعم، فتولستوي في وصفه لبطلته "أنا كارنينا"، وهي الشخصية التي جسدتها السيدة فاتن حمامة في "نهر الحب"، يقول إنها امرأة مختلفة، وزوجها زوج صالح، ولكنها كانت تكره فيه حتى فضائله، فببساطةٍ الغالبية من الناس ينتظرون أزواجاً صالحين وزوجات صالحات، قليلات مثل "أنا كارنينا" مختلفات؛ لذلك يحتاجن لشيء مختلف، لا تنتظر زوجاً بقدر ما تنتظر هذا الشعور الذي قد تخشى أن تموت قبل أن تدركه ويدركها، ولو كان هذا الرجل تزوَّج بأي امرأة أخرى لما كانت هناك مشكلة، وما كانت الرواية.

تظل الفتاة تحلم وتنتظر أن يتقاطع عمرها مع عمره فلا تقابله، تكتشف فجأة أن أخلاقها تجعلها فتاة صالون، فهي لا تفتح حياتها للغرباء، ولا تفتح قلبها للتسلية، تدخل الصالون فتجد الأمر شاقاً، يلازمها ضيق الصدر بلا مبرر، تقرر أن تغلق بابها على قلبها وتنتظر أن يأتي به الله ولا تعرف كيف.

يبدو أن القوة المجتمعية الناعمة ابتكرت طرقاً جديدة للزواج، تتلاشى العيوب السابقة، وتحاول أن تجمع بين فضائل الزواج عن حب وزواج الصالونات، فأصبحت أماكن التجمعات كالأفراح وصلاة التراويح والعيد أماكن قد تجد بها من يقول لكِ "أحبك وأرغب في أن أتزوجك"، فـ"أحبك" وحدها قد تكون كافية لتدمير حياتك، و"أتزوجك" وحدها جافة جداً، أن تقف في فرح أحد أقاربك تتطلع حولك لعلك تتحول بلحظة إلى أمير وجد سندريلا، وماجدة الرومي تصدح "طُلّى بالأبيض"، وتعِدها بأنها ستطلُّ إلى جوارك قريباً، أن تذهب للصلاة فتلتفت إلى ابنة الجيران التي لم تكن تعرفها قبل ذلك، ولكنك تعرف أسرتها جيداً، وتدخل إلى الصالون وهي هناك تنتظرك!

ولكن، لا أعرف لماذا أصبح الموضوع محط سخرية ومعايرة، فما إن تذهب الفتاة لفرح إلا واتُّهمت بأنها ذاهبة لتصطاد عريساً، أصبح وجودها بجمعية خيرية أو حتى مكان لإكمال دراسة أمر، تشوبه الشبهات، وأنها مجرد محاولة للبحث عن عريس، ويتسابق الشباب بمجرد اقتراب شهر رمضان في السخرية من الفتاة التي تبحث عن عريس بصلاة التراويح، وعند انتهاء الشهر يقولون: من لم تُوفَّق في صلاة التراويح فلتجتهد في صلاة العيد، ويدَّعون أن سبب السخرية فقط ظاهرة العباءة مع المكياج الكامل، الخروج للصلاة لنيل عريس.

ولو فضَّلت الفتاة الابتعاد عن كل شيء وتنأى بنفسها عن التهم والشبهات، لاضطهدها المجتمع لأنها لم تتزوج، ولطاردها بالشماتة والمعايرة والتقريع، فتصبح الفتاة مع المجتمع تذكرك بقصة جحا وحماره، ولم يبقَ لها لترضي الجميع إلا أن تحمل الحمار على رأسها.

يا صديقتي، أقدمي على ما ترينه مناسباً لشخصك وظروفك، ولكن دعيني أهمس في أذنك: إن الشريك المناسب رزق من الله، وما عند الله أبداً لا يُنال بمعصيته.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
هدى سعيد
كاتبة مصرية
تحميل المزيد