“أنتِ الأنثى الأولى والأخيرة”.. الرجال الكاذبون لماذا نصدقهم؟

عدد القراءات
999
عربي بوست
تم النشر: 2018/06/27 الساعة 13:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/27 الساعة 13:15 بتوقيت غرينتش
Disloyal man walking with his girlfriend and looking amazed at another seductive girl

 – أنا مختلف، لا أتغير، سأحبك إلى ما لا نهاية!

– أمامي كوكتيل من الأنوثة، نساء كثيرات جميع الألوان والجنسيات، كل الأحجام النحيفة والممتلئة، الطويلة والقصيرة، البيضاء والسمراء، الشقراء والحمراء، لكني اخترتك أنتِ.

– أنا لا أبحث عن الجنس، لا يا سيدتي لو أردت الجنس سأذهب لأي عاهرة، وهن كثيرات!

– أنا لا أريد غيركِ، أنتِ الأنثى الأولى والأخيرة، أنيقة ومثيرة، أجمل من رأت عيني، أحلى من سكارليت جوهانسون وأشهى من مارلين مونرو!

هكذا يكذب الذكور ويتفننون في اللف والدوران، ونحن معشر النساء نعي الكذب جيداً متى يحدث فيما نصدقه في تناقض، ونتصور أننا أسماك ذكية تلتقط الطعم وتترك السنارة!

وتمثل "الأونطة" والكذبات اللطيفة لنا، نحن السيدات، لعبة خطرة، لكنها مسلية؛ حيث نسمح باقتناصنا بمزاجنا وموافقتنا، ويحلو لنا تبادل الكذب، ونصدّر للذكور الوهم، ونقنعهم بأننا وقعنا في الفخ.

تغرينا الأشياء غير الحقيقية، ونلهث خلف السراب، ونتشبث بالمكائد التي لا نجيد سواها.

نحن الآن نعرف كل هذا، وندرك جيداً كل كذبة، بل ننتظر الخداع لنصدقه ببلاهة، نحن بحاجة لأن نصدق شيئاً يساعدنا على الرقص  للحياة، حتى لو لم يكن حقيقياً.

نريد أن نصدق ونختبر جمالنا؛ لأننا ساعة الخداع نتصدر اهتمامات ذكر ما من عشاق هيفاء وهبي، فنتصور مثلاً أننا تفوقنا عليها، وأن واحداً من عشاقها تخلى عنها وخانها معنا.

ولأن طبيعتنا النسائية المكائدية تطغى، نظل نعشق المراوغة، والمبارزة، والألعاب طويلة المدى.

يحدث هذا بنفس منطق الدمية الجنسية التي صنعوها للرجال المنطوين، والتي يتخيلون في لحظة ما أنها امرأة حتى يستيقظوا دون إثبات مؤكد لذكورتهم، ودون أن تخبرهم تلك الدمية بفحولتهم، حتى لو اعتصروا ثدييها المزيفين وانتزعوهما من جسدها، لن تخبرهم الدمية الصامتة سرها، لن تصرخ، ولن تتحدث، ولن تنطق ببنت شفة، ولو عاقبوها ونتفوا شعرها وكسروا أطرافها، لن تورط نفسها في الكذب ولا المواجهة، ولن تعترف، وسيبقى الرجل بعد الحب المصنوع بائساً حزيناً، غير حقيقي مع اللاشيء.

نحن أيضاً نعشق كذبة الحب، وخدعة أننا الفاتنات النادرات حتى الثمالة، وأننا رشيقات مثل جيجي حديد، وبعيدات المنال مثل الملكة رانيا، نحن واثقات بزيفنا بغض النظر عن كوننا محدودات الجمال أحياناً، أو زائدات في الوزن، فقيرات في ثقافتنا، ليست لنا هوية محددة، نستمد رغبتنا في البقاء من قراءة الطالع والفناجين ومقالات الطاقة الإيجابية وقوانين الجذب التي يضحكون بها علينا، فيقولون لنا: إن بشرتنا الناعمة هي انعكاس نظرتنا وتقييمنا لذاتنا!

يكذب الذكور عليكِ  يا عزيزتي؛ لأنهم يشبعون بذلك غريزة أساسية في الصيد والاقتناص، يكذبون ليستحوذوا عليكِ مع مقتنياتهم الأثرية، لتكوني واحدة من نسائهم، أو رقماً في أجندة تليفونات.

لا يركض الذكور خلفكِ؛ لأنك غير متكررة وفريدة فقط (تأملي جيداً أزواجاً لديهم زوجات جميلات، ولكنهم يعشقون مطاردة سيئات السمعة وقبيحات الملامح والنسب).

الأمر لا يتعدى الفطرة والغريزة الوراثية منذ نشوء الإنسان، تلك الطبيعة البرية البدائية التي قد تطفو على سطح السلوك الذكوري دون وعي،  فهم يعشقون لعبة المطاردة، يشتاقون لرحلة الصيد في الغابة، نوعاً من التحدي حتى يصلوا إليكِ، يكسرون أنفك ويستمتعون بنشوة النصر.

يستخدمون كافة الحيل بالكلام المعسول تارة، وبالغواية مرات أخرى، حتى تستسلمي طواعية، وأنت لا ترفضين، بل تستعذبين الوقوع، تريدين الدخول إلى الفخ وتؤمنين بمزاجك الحالي، وترك الأمور للحظ.

تقتنعين بأنك الآن محور الاهتمام، لكنك تتناسين أن الذكر لا يريد الضحية مذبوحة ومعلّبة، لا يحب الذكر العاهرات الجاهزات.

الذكر ينتظر، يتربص، يراقب، يطارد، يصوّب السهام، يصيب الضحية، ثم يستعد لذبحها وسلخها وطهيها.

وأنتِ تمثلين التحدي الآن، إرضاء الغرور لا أكثر، ليس لأنك المرأة الأخيرة على سطح الأرض، ولكن لأن الذكور غير مستعدين دائماً لدفع المال للعاهرات، فهم يشمئزون من احتمال إصابتهم بالأمراض المعدية، وأنت فرصة آمنة لا تسبب فضيحة، والعمليات الجنسية السريعة لا تشبعهم،  يريدون اختبار صلابة أعضائهم وأنت للأسف تصدقين على هذا، بينما لا تحترم العاهرة الذكر المفلس حتى لو كان فحلاً.

مع خالص احترامي للرجال المحترمين.. الذكورة ليست امتيازاً للبشر، الذكورة بهيمية وغرائزية، الذكورة جنس في كل المخلوقات.. أما الرجولة فصفة النبلاء.

اليوم الجديد

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
غادة قدري
كاتبة مصرية
تحميل المزيد