لم يتزوجن ولم يعشن سعيدات للأبد.. عن القصص الحقيقة والمأساوية لأميرات ديزني

عدد القراءات
1,641
عربي بوست
تم النشر: 2018/06/22 الساعة 10:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/22 الساعة 10:46 بتوقيت غرينتش

انشغل العالم أجمع قبل مدة بسيطة بالزفاف الملكي البريطاني الذي تزوج فيه الأمير هاري من الممثلة الأميركية ميغان ماركل.

لم أكن يوماً ممن يشغلهم هكذا حدث، فالحياة الخاصة للمشاهير والطبقة الحاكمة لم تكن ولن تكون من ضمن اهتماماتي، فما يهمني في النهاية أعمال الفنانين الفنية على سبيل المثال، ومواهبهم، وما يهمني لأي كاتب هو أعماله الأدبية، وليس عدد أبنائه أو عشيقاته أو زيجاته.

ولكن ما لفت انتباهي وجعلني أكتب هو ردود فعل الفتيات من مختلف الشرائح الاجتماعية والمستويات التعليمية والأعمار، التي كانت تتركز على الغيرة والحقد والسخرية وحتى الاستحقار من شأن العروس التي -على حد قولهم- منّ عليها الأمير واختارها؛ لتكون زوجته، وبهذا تنتقل الفتاة المسكينة المعدمة الفقيرة للعيش في القصر، بعد أن كانت -على حسب الوصف- غير مهمة ولا قيمة لها في المجتمع لولا زواجها منه!

إن هذه الأفكار والمفاهيم الخاطئة حول الزواج وحول الرجال جاءت من التسمم الفكري الذي أُصبنا به منذ الصغر، بسبب أفلام وقصص ديزني الخيالية التي صوّرت للفتيات أن الحل يأتي بالزواج من أمير غني وقادر، وبالتالي تتحقق أحلام الفتاة المسكينة، وتنتقل من نقمة زوجة أبيها، والعيش كخادمة، للحياة كأميرة في القصر، وتنتهي القصص دائماً بجملة Happily ever after أي أنهما عاشا بسعادة بالغة إلى الأبد، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن هذه القصص مأخوذة ومقتبسة من قصص أخرى، وأنها قد حرّفت وتم تغييرها؛ لتصبح بهذا الشكل الذي نعرفه اليوم.

في القصص الخيالية تنتهي كل القصص بزواج الفتاة من الأمير؛ ليتغير حظها وتتبدل أحوالها، ولكن في القصص الأصلية وإن كانت بعضها تنتهي بالزواج، إلا أن الأحداث مختلفة تماماً.

فالقصص الخيالية المعروفة لدينا مأخوذة من مجموعة قصصية تم تجميعها من قبَل الأخوين الألمانيين غريم، وقد كتبت هذه القصص المجمعة من مختلف أنحاء العالم للكبار والصغار، وهناك بعض الأحداث المرعبة والسداوية فيها، إلا أنها تبين النفس البشرية بعيداً عن المثالية المبتذلة في القصص المقتبسة.

ففي قصة الأميرة النائمة لا تستيقظ الفتاة بقُبلة من الأمير، كما تم تصويره، بل تستيقظ من سباتها بعد أن تنجب ابنيها التوأم بعد أن يقوم الملك باغتصابها وهي نائمة؛ حيث إنه يصل إلى القصر الذي تنام فيه الفتاة، ويراها وهي نائمة ويحاول إيقاظها، وعندما يعجز عن ذلك، يقوم باغتصابها، ولا أرى في ذلك أي سحر أو جمال.

وفي قصة بياض الثلج لا تستيقظ الفتاة من قُبلة الأمير، كما هو معروف، بل تستيقظ خلال نقل نعشها على ظهر حصان، والذي يسبب سقوط قطعة التفاح العالقة في حلقها، وذلك بعد أن يأخذ الأمير نعشها عنوة، بعد أن يعجب بالفتاة الميتة وبذلك تصبح ملكة، وأعتقد أن هذا تصرف شاذ من شخص غير سويّ، ولا شيء مثير للاهتمام والإعجاب فيه.

أما بالنسبة لقصة حورية البحر، فالفتاة التي تعطي صوتها مقابلاً لقدمين كانت تعاني من أجل أن يقع الأمير بحبها، وعلى الرغم من أنها قامت بإنقاذه إلا أنه لم ينتبه لها، وقام بالزواج من فتاة أخرى كاملة من حيث الجمال، ولا عيوب فيها؛ لتتحول حورية البحر إلى زبد في البحر، وتنهي حياتها بعد فشلها في الزواج منه.

إن جميع القصص تجتمع على وصف الفتيات والأميرات على أنهن الأجمل من بين جميع فتيات المملكة والممالك الأخرى، مما يؤكد أن الأمراء وقعوا في حبهن لجمالهن لا أكثر، وتكاد جميعها توضح أن الفتيات يتنافسن دائماً من أجل الأمير الذي تأتي له الفتاة على طبق من ذهب دون تعب، أو حتى الخوض في المعارك من أجلها، أو المحاربة للحصول على قلبها، فجميع القصص، الفتيات هنّ من يحاولن الوصول للأمراء، ويقعن في المشاكل بسبب ذلك.

وإن كانت أغلبية القصص الأصلية تكشف عن النفس البشرية وعيوبها، وإن كان البعض سيجادل بكون القصص الخيالية أجمل بعيداً عن الواقع، إلا أنه لا بد من تربية بناتنا على الحقيقة، وأن الهدف من الحياة ليس الزواج من أمير لعلنا نرى أجيالاً من الفتيات أكثر تقديراً لأنفسهن وأكثر واقعية.

فالتربية تبدأ منذ الصغر، واكتساب المفاهيم والأفكار يأتي في سن مبكرة، ولا بد من اختيار القصص التي تركز على كون الفتاة هي منقذة نفسها، وأن لديها من الفهم والموهبة ما يكفيها كي تصل لما تصبو إليه، وأن الزواج منه ليس هدفاً وإنما مرحلة في الحياة، وأن السعادة ليست فقط به، وأن الأميرات قد يقعن في المشاكل، وقد يتعرضن للخيانة حتى بعد الزواج من الأمير في زفاف ملكي ما.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
آية بهجت
كاتبة قصص للأطفال
تحميل المزيد