مشاركة كارثية وأداء أكثر من مخيِّب وخسارة في دقائق المباراة الأخيرة، تلك جميعها عناوين رافقت أداء المنتخبات العربية في الجولتين الأولى والثانية من دوري المجموعات لكأس العالم بنسختها الـ21 والمقامة بالأراضي الروسية حالياً.
خسارة المنتخبات العربية الثلاثة (مصر والسعودية والمغرب) وتأكُّد خروجها من الدور الأول منذ الجولة الثانية، أصابا الشارع العربي بنوع من الصدمة والإحباط، وأصبحت السخرية هي سيدة الموقف؛ لمداراة ما وقر في القلب من ألم وحسرة لهذا المستوى المخيِّب للآمال.
وأصبح جميع العرب الآن يضعون آمالهم بالمنتخب التونسي "نسور قرطاج" في تحقيق ما عجزت عنه باقي المنتخبات الثلاثة، التي بدأت بحزمِ أمتعتها لمغادرة الأراضي الروسية بنهاية الجولة الثالثة، ليلتفت العرب مجدداً إلى تشجيع منتخباتها الأوروبية واللاتينية التي أهملتها مؤقتاً لتشجيع منتخباتها العربية.
ومع التفات أنظار العرب نحو منتخب "نسور قرطاج" لفعل شيء ما أمام المرشح الذي يُنتظر منه أن يكون الحصان الأسود لهذه البطولة منتخب "بلجيكا"، يجب على لاعبي المنتخب التونسي وجهازه الفني أن يعوا جيداً أن تحقيق المعجزات لا يأتي بالدعاء؛ بل إن العمل الجاد هو المفتاح، بالإضافة إلى بعض النقاط التي يجب أن يلتفت إليها لاعبي المنتخب التونسي والجهاز الفني:
الهجوم ثم الهجوم
بحكم أنها كانت ستلعب مباراتها الأخيرة ضمن المنتخبات العربية في الجولة الأولى، كان من المفروض على مدرب المنتخب التونسي، نبيل معلول، أن يعرف جيداً أن المنتخبات العربية قد "لُدغت" في الدقائق الأخيرة نتيجة دفاعها المستميت وعدم أخذها بالمبادرة.
لذلك، سرُّ هذه المباراة، الذي يجب أن يطبقه اللاعبون ومِن خلفهم المدرب بـ"توجيهاته" من على الخط، هو أن "خير وسيلة للدفاع هي الهجوم"، فأن تهاجم فأنت بشكل طبيعي يكون لديك الأسبقية لتسجيل الأهداف التي تأتي بالانتصارات.
السيطرة على خط الوسط
منتخب بلجيكا لديه أخطر لاعبي وسط على مستوى العالم "إيدين هازاد وكيفين دي بروين"، هذان اللاعبان بالذات بإمكانهما تغيير مجرى سير المباريات بتمريرة واحدة فقط؛ لذلك فإن تشديد المراقبة وعدم ترك المساحات أمامها والحد من خطورتهما هو ما يجب أن ينتبه إليه المدرب، ونقله لاعبي وسط منتخب تونس؛ لعدم ضرب خط الدفاع بتمريرات قاتلة تؤدي إلى أهداف.
عدم الركض فيما لا يفيد
كلُّ من تابع أداء المنتخبات العربية الثلاثة التي خرجت من المنافسة خاصة في الجولة الثانية، لاحظ أن من أهم أسباب الخسارة في الجولة الأولى "ركض" اللاعبين فيما لا يفيد، ومحاولة افتكاك الكرات من لاعبي الخصم في مناطق لا تشكل خطورة على مرماهم.
لذلك، فإن توزيع المجهود البدني بشكل مدروس وعلى مراحل هو ما يجعل اللاعبين في قمة فورمتهم، ومن ثم سيكونون في قمة تركيزهم لإكمال المباراة من دون أخطاء أو هفوات تؤدى بهم نحو الطائرة المتجهة للوطن.
البحث عن النقاط الثلاث ولا شيء غيره
لا يمكننا التغاضي عن أن تضييع بعض دقائق المباراة أمر شائع في ملاعب كرة القدم، ولكن عندما يزيد الأمر عن حدهِّ ينقلب إلى ضده، وفي شوط المباراة الثاني أمام إنكلترا ومع حالة التعادل في الأهداف لجأ لاعبو تونس إلى إضاعة الوقت بشكل واضح وفاضح في آن واحد.
وهذا الأمر لا ينفع في كل مباراة، خاصة إذا كنت تبحث عن نقاط المباراة الثلاث؛ لذلك يجب ألا يكون هذا الأمر "تضييع الوقت" هو الشغل الشاغل للاعبي تونس، وعليهم الالتفات إلى تقديم كارتهم وتسجيل الأهداف بحثاً عن الانتصار وضمان النقاط الثلاث.
التركيز منذ البداية للنهاية
لا بد للتركيز الذهني أن يرافق لاعبي "نسور قرطاج" طوال شوطي المباراة وليس في بداية المباراة فقط، فمعظم الأهداف التي ولجت في مرمى المنتخبات العربية بالجولة الأولى كانت بسبب التركيز الذهني الذي كان غائباً عن اللاعبين، خاصة في الدقائق الأخيرة من المباريات.
فتشتيت الكرة بأمان يختلف عن الاحتفاظ بها أو المراوغة، مع احتمالية قطعها لتشكيل خطورة لمرماك، وأيضاً عدم ارتكاب الهفوات الساذجة، خاصة في المناطق الخطرة التي يمكن أن تشكل خطورة، كل هذا يمكن تلافيه بالتركيز الذهني الذي يؤدي باللاعب إلى اتخاذ قرارات صحيحة.
فعلتها آيسلندا والمكسيك وسويسرا.. فهل تعجز تونس؟!
آيسلندا والمكسيك وسويسرا فعلت ما عجزت عنه الكثير من المنتخبات في تاريخ كأس العالم، ثلاثة تعادلات لهذه المنتخبات بطعم الفوز أمام أكبر وأشرس وأقوى المنتخبات المرشحة لنيل هذا اللقب؛ لذلك لا مجال للرهبة والخوف، فكما فعلتها هذه المنتخبات فعلى لاعبي المنتخب التونسي أن يضعوا في إذهانهم أن لا مستحيل بكرة القدم.
لا مجال للتراجع
أن تكون وحيداً وسط هذه المنتخبات القوية فهذا في حد ذاته يمكن أن يكون وقوداً ودافعاً لتحقيق "إنجاز" عجز عنه أشقاؤك العرب، وستكون هذه المواجهة هي نقطة الانطلاق بتذكير العالم جميعاً بأن هنالك منتخباً عربياً ما زال يقاتل في هذا المونديال، والعزيمة والإصرار والطموح العالي هو ما يجب أن يتحلى به لاعبو "نسور قرطاج": للانتصار وحصد النقاط الثلاث.
تحقيق إنجازِ تخطِّي دور المجموعات
في جميع مشاركاتها المونديالية نجد أن "نسور قرطاج" لا تتخطى دور المجموعات وتخرج من الدور الأول، وهذه فرصتهم لتحقيق ما عجز عنه أسلافهم، والذي إن حصل فسيتم تخليده في ذاكرة الكرة التونسية للأبد كإنجاز يستحق تذكُّره وذكره عند كل مشاركة مونديالية قادمة.
الأمة العربية كلها ستكون خلفهم
بعد تأكُّد خروج المنتخبات العربية الثلاثة، فإن آمال وأحلام أكثر من 300 مليون عربي هي القاسم المشترك الذي يجمع الجميع في مشاركة الاحتفال مع الشعب التونسي في تبديد بعض الحُزن الذي خيَّم على الشعوب العربية منذ الجولة الأولى بعد الخسارات المتتالية التي لحقت بالمنتخبات الثلاثة المغادِرة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.