أعداء للذكور بدون فهم ولا نسمع صوتهن إلا في القاهرة!.. ملاحظات على الحركة النسوية المصرية

تم النشر: 2018/06/21 الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/21 الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش

ينطلق هذا المقال من كوني إحدى المهتمات بالشأن النسوي المصري والمتابعات له، بل وواحدة من أفراده لمدة تزيد عن العام. ويمكن اعتبار هذا المقال محاولة لتأصيل الأخطاء التي جعلت منا مجتمعاً نسوياً فاضلاً.

يقوم الخطاب النسوي المصري الحالي على فكرة واحدة، هي مقاومة الذكورية، التي تعرف باعتقاد أفضلية الذكر على الأنثى؛ وذلك لتحقيق الهدف الأعلى، وهو معاملة الأنثى والذكر على قدم المساواة في الحقوق والواجبات.

ما هي الذكورية إذن؟

من الخطأ تعريف الذكورية بأنها معاملة الذكر كمحور الأكوان، الذي يقوم على عاتقيه المجتمع والأسرة، بما في ذلك الأنثى؛ لأن هذا الخطاب سوف يؤدي بالتبعية إلى الدعوة إلى إقصاء الرجال تماماً عن المشهد، فيما يضعنا في موقف حرج؛ لأن النسوية الحقة هي تقسيم الحيز الذي يشغله الرجل والأنثى في المجتمع دون أدنى انحياز لنوع الجهاز التناسلي في كل منهما، ودون تنميط للأدوار المجتمعية المعروفة تاريخياً بأن لأحدهما دون الآخر.

في تعريف آخر للذكورية، يمكن أن نطلق عليها: اتجاه مجتمعي يقضي بأولوية الرجل على الأنثى في السلطة والمنزل وحتى إدارة شؤونها الشخصية، وإذا تم تصنيف الذكورية كاتجاه مجتمعي، فإن ذلك يترتب عليه كون الذكر ليس المسؤول الوحيد عن جميع ما تتعرض له إناث المجتمع، بل كونهما معاً ضحية وعي جمعي وعادات خاطئة.

من هذا المنطلق: يمكن إعادة صياغة الخطاب النسوي المصري في اتجاهين، أولهما: المخاطب به، وهو المجتمع بعمومه وليس فقط الذكر كمسؤول أوحد، بل والأنثى أيضاً؛ لأن الأنثى بجهلها عما يقع عليها تشارك في المهزلة التي يرتكبها المجتمع ضدها وضد عناصر المجتمع المؤنث الأخرى.

وثانيهما: هو صيغة الخطاب، ولنا في ذلك حديث مطوَّل، يمكن بدؤُه من اعتبار الرجل الشريك وليس العدو ومخاطبته بذلك، فجعله كالشيطان في الأديان الإبراهيمية ينفره من الانضمام للفضية، بل والعزوف عنها، فإذا كنت أنا رجلاً في حياة أخرى فلماذا أشارك في حرب كانت في البدء عليّ وعلى عموم جنسي؟ رغم أن المقصود من الخطاب النسوي في هدفه الأبعد ورؤيته المستقيمة هو: الاشتراك في خلق مجتمع أفضل لكلا الجنسين؛ الرجل والمرأة، وليس فقط صبّ اللعنات وتعميم التهم.

فقد ترجم هذا الخطاب لدى الرجل بحملات هي أقل من أن توصف بازدراء المرأة، وذلك لوضاعة منتجها وضعف مضمونها مثل حملة "ما تعبّرهاش" التي بدأت على "فيسبوك" لتجنب الإناث عموماً اللاتي -وفي تعريف الحملة- خالفن العفاف والآداب العامة.

من الملاحظ أيضاً في الخطاب النسوي المصري هو مركزيته، فلا نجد واحداً من الأبواق المدافعة عن المرأة في أسيوط أو أسوان أو قنا، مما يدل على عدم وعي تلك المنظمات بطبيعة المجتمع الذي تخاطبه، واختلاف عاداته وتقاليده اختلافاً جذرياً ما بين "بحري" و"قبلي".

ولا يكتفون بتلك الخطايا في حق المرأة والمجتمع، بل ويزيد على ذلك ضعف القضايا المطروحة، فلا تجد أحدهم يتحدث مثلاً عن حق الطاعة أو زواج الصغيرات أو حتى الاعتداء البدني بالضرب أو الاعتداء النفسي.

مثل هذا الخطاب كوّن مفهوماً خاطئاً لحقوق المرأة، وعزله في بوتقة خاصة بالمثقفين وأولي الرأي، حتى صار المجتمع لا يُعنى بها كثيراً، إذا ما قورنت مثلاً بحقوق الإنسان التي عرفتنا الثورة أنها جزء منا نولد به ويسلب منا.

يمكن اعتبار ذلك جزءاً من الانفصال الذي تعانيه النسويات والمجتمع المدني عن الواقع، فلن توجد أي انتهاكات للمرأة إن تمت معاملتها وتصديرها للمجتمع كإنسان منتهَك.

عزيزتي النسوية المصرية.. إن هذا المقال ليس من أهدافه إطلاقاً تبرئة الذكر من دوره فيما نتعرض له كفتيات في المجتمع، بل هو أداة لتعقُّب الأخطاء وتصحيحها، والنظر بمفهوم أوسع في أسباب فشلنا ومحاولة تخطّي أخطاء عصفت بنا إلى حيث اللاعودة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
ياسمين عبدالرحيم
طالبة مصرية
تحميل المزيد