‏ملايين الأموال تُنفق عليه.. هل يقاطع المغاربة مهرجان موازين الفني القادم؟‏

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/14 الساعة 07:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/14 الساعة 12:55 بتوقيت غرينتش

إن المقاطعة أصبحت سُنة بالنسبة للشعب المغربي في محاربة الفساد والاحتكار والرداءة والتفاهة التي أصبحت تطل علينا ليل نهار في القنوات التلفزية، والتي تعد على رؤوس الأصابع، ففي خضم المقاطعة الشعبية التي تطال المواد الاستهلاكية والتي كبّدت خسائر بالملايير للشركات المستهدفة، دشنت مجموعة من الصفحات الفيسبوكية المؤثرة حملة موازية ضد أكبر مهرجانات إفريقيا، وهو مهرجان موازين الذي يقام في العاصمة المغربية الرباط والذي يبدأ عروضه الفنية يوم الجمعة 22 من هذا الشهر.

مهرجان موازين الذي تنظمه جمعية مغرب الثقافات منذ 17 سنة، والذي يستقطب أبرز المشاهير في الميدان الفني في العالم كل سنة بمبالغ خيالية جداً لتنشيط فقرة غنائية لساعة أو ساعتين على الأكثر، وهو الأمر الذي استفز المغاربة منذ انطلاقه، وتعالت أصوات كثيرة منددة ومعارضة له بسبب حجم الأموال التي تدفعها الكثير من المؤسسات العمومية لتمويله، من بينها المكتب الشريف للفوسفات وشركة اتصالات المغرب، وتسخير وسائل إعلامية عمومية لنقل المهرجان للعائلة المغربية، فضلاً عن المؤسسات الخاصة التي يمتلكها كبار رجال الأعمال المغاربة التي تنهك جيوب الموظفين فيما يخص ارتفاع الفوائد على القروض والتأمينات، وكذا رسوم سحب الأموال، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر البنك المغربي للتجارة الخارجية والملكية الوطنية للتأمين التي يمتلكها الملياردير عثمان بنجلون، والتي بالمناسبة حققت رقم معاملات خيالياً تجاوز 6.2 مليار درهم سنة 2017 بزيادة تفوق 6 في المائة مقارنة مع سنة 2016.

 إن المغرب الآن يحتاج أصواتاً أكثر جرأة في طرح المشاكل والهموم التي يعاني منها المواطن المفقر، وإعلاء صوت الحق عالياً، خصوصاً فيما يخص اختلاس وتبذير الأموال العمومية التي وجب من المسؤول توجيهها لخدمة البلاد في مجالات حساسة كالتعليم والصحة والبنية التحتية.

إن الحراك الذي يقوم به الشعب المغربي الآن ما هو إلا نتاج لتراكمات تنبيهية وتنديدات سابقة أصبحت الآن فعلاً لا ولن يقاوم؛ لأنه وكما يقال بلغ السيل الزبى وأصبح يأخذ حقوقه بيده بطرق حضارية سلمية وراقية شهد له بذلك القاصي والداني والعدو والصديق، في ظل تكالب الساسة وأصحاب القرار ومواصلتهم الصيد في الماء العكر والاصطفاف إلى جانب اللوبيات التي تريد صنع مغرب على مقاسهم بأكل الشعب ما يريدون، يلبس كما يشاؤون، يشاهد ما يصنعون، ينفذ ما يقولون، وهو أمر لن يحدث بحول الله، فإذا كان الشعب المغربي قد قاوم الاستخراب الأوروبي العسكري والفكري وقبله حارب الفكر الصفوي، قادر أن يحارب هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم سادة القوم ووجهاءهم.

إن مقاطعة مهرجان موازين أظهرت نجاحها في بدايتها، حيث تجاوب العديد من الفنانين للمطالب وقرروا عدم المشاركة، موضحين أن الأموال التي تصرف على المهرجان يستحقها أولاً فقراء المغرب في المدن والقرى والمرضى الذين لا يجدون حتى مستوصفات للعلاج، فما بالك بالمستشفيات، ويحتاجها العاطلون لإحداث مناصب شغل بها، وتحتاجها البنية التحتية المهترئة، وتحتاجها القطاعات الاجتماعية لتحسين عيش الأسر.

كي لا ننسى أو نتناسى أن السبب في إغلاق مكتب الجزيرة في المغرب هو تقرير ناري فضح الواقع المعاش آنذاك في قرى المملكة، في ظل غياب الإعلام البديل آنذاك، أما الآن فالعدو والصديق والكبير والصغير يشاهد بأُم عينيه الفساد وفي واضحة النهار.

إن مهرجان موازين حتماً سيتلقى ضربة موجعة في دورته الحالية لأسباب عدة، من بينها تزامنه مع نهائيات كأس العالم، وخصوصاً العروض التي يراهن عليها المنظمون لاستقطاب الجماهير تتقاطع مع أبرز مباريات منتخبات عريقة والتي يشهد لها بالفرجة والمتعة، ومن الأسباب كذلك الوعي الذي وصل إليه المواطن المغربي فيما يخص مقاطعة التفاهة والرداءة بشتى أنواعها.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
حميد أوعقي
باحث في علم البيانات والعلاقات الدولية
تحميل المزيد