نشرت مجلة طب الأطفال Pediatrics العلمية مؤخرًا دراسة لـ Angeline S. Lillard دكتورة علم النفس في جامعة فريجينا وناشرون آخرون، وقد فحصت الدراسة أداء مجموعة أطفال في جيل الأربع سنوات بعد مشاهدة سبونجبوب وأداء مجموعة أطفال أخرى بعد قضاء ذات الوقت في الرسم أو مشاهدة برنامج تثقيفي في اختبارات التركيز وحل المشكلات والذاكرة قصيرة المدى.
أوضحت النتيجة أن قدرة وفاعلية أداء الأطفال الذين شاهدوا سبونجبوب كانت فقط النصف بالمقارنة مع قدرة وفاعلية أداء الأطفال الذين أمضوا وقتهم في الرسم أو مشاهدة برنامج تثقيفي. تقول الدكتورة في تعليق لها على نتائج الدراسة أن هذه النتيجة ليست خاصة ببرنامج سبونج بوب فقط، بل تشمل جميع برامج الكرتون ذات العرض السريع fast-paced، والتي تظهر فيها الكثير من المشاهد التي لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، مثل الأشياء السحرية التي تحدث فجأة وتحول الأحداث إلى مكان جديد أو حتى إلى الفضاء، ويحدث كل ذلك في تتابع سريع جدًا.
هذا القدر من المشاهد والمفاجآت لا يتمكن الطفل من استيعاب تسلسلها، ويمكنها أن تعطل آلية التفكير السليم عند الطفل؛ لأنه سيصعب عليه التقاط المغازي التعليمية من بين كل هذه الفوضى. وذلك لأن الدماغ سيعمل جاهدًا لاستيعاب كل ذلك فيتعب ويترك استخلاص العبر. هذه الفوضى الحركية والأحداث الفجائية تضعف قدرة الطفل على التعلم بدلًا من تقويتها.
لذلك ينصح دائمًا بفحص محتوى ونوعية ما يشاهده الأطفال وإيلائها الأهمية أكثر من المدة الزمنية التي يشاهد فيها الأطفال التلفاز، يعني المبدأ ليس بإغلاق التلفاز وإنما مثلًا بتغيير المحطة!
مع ذلك فإن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال AAP وكذلك المجتمع الكندي لطب الأطفال CSP لا تنصح بمشاهدة التلفاز قطعيًا للأطفال تحت سن الثانية، وتنصح بدلًا من ذلك بالقراءة واللعب في الخارج والغناء والتحدث مع الصغير. وبالنسبة للأطفال فوق جيل السنتين ينصح بتحديد وقت المشاهدة لأقل من ساعتين يوميًا لكل وسائل التكونولوجيا الترفيهية. وإلا لن يكون الطفل قادرًا على الانتباه لأشياء غير مسلية جدًا، وبذلك سنودي بالدماغ إلى دائرة اضطرابات قصور الانتباه مع فرط الحركة ADHD. وذلك لأن حجم دماغ الطفل حتى جيل السنتين يتضاعف ثلاث مرات، ويستمر في النمو السريع حتى جيل الـ21 عام ثم يتوقف عند جيل الـ30 عام. والتطور الأولي للدماغ يعتمد على المحفزات المحيطة بالطفل فإن التعرض للأجهزة الإلكترونية وخاصة برامج الكرتون سريعة العرض ستؤدي بالضرورة إلى التأخر المعرفي وزيادة الاندفاع وانعدام القدرة على ضبط النفس وضعف التعلم ونوبات الغضب.
أضف إلى ذلك أن الجلوس المفرط لمشاهدة التلفاز واللعب بالآيباد يحد من التطور ويؤخر النمو بسبب قلة حركة الطفل وقلة تعرضه للعالم الحقيقي وللطبيعة وللناس من حوله، وذلك كله يجعله أكثر عرضة للاكتئاب والقلق والتوحد ومشاكل السلوك واضطراب الانفاصال، وكذلك مشاكل السمنة والإدمان.
فيديو الدراسة
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.