تشهد منطقة شمال إفريقيا، خصوصاً دول المغرب العربي، تحديات عديدة، في العديد من المجالات، منها الاقتصادية والتجارية والسياسية والإقليمية فيما يخص الهجرة غير الشرعية، وغيرها من المشاكل التي تواجهها هذه الدول، وأغلبها متشابهة، أبرزها مشاكل اقتصادية ومالية، ومشاكل اجتماعية تكمن في مشاكل البطالة والسكن وغيرها.
تأسست منظمة الاتحاد المغاربي أو الاتحاد المغرب العربي بتاريخ 17 فبراير/شباط 1989، تضم خمسة أعضاء، هم: ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا، تأسست هذه المنظمة الإقليمية المشتركة في مدينة مراكش بالمغرب، والرباط تعد عاصمة له. وتبلغ المساحة الإجمالية لدول هذا الاتحاد 6٫041٫261 مليون كيلومتر مربع، وتعد مساحتها أكبر من مساحة الاتحاد الأوروبي التي تقدر بأكثر من 3 ملايين ونصف المليون كيلومتر مربع.
تونس تعد الدولة الوحيدة من بين الدول الأعضاء التي قامت بدسترة الاتحاد في دستورها كما يلي:
"الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي، تعمل على تحقيق وحدته وتتخذ كافة التدابير لتجسيمها" -الفصل 5 – دستور تونس 2014.
اقتصادياً (سنتحدث بصفة عامة)
بداية إذا تحدثنا عن الاقتصاد الجزائري، سنتكلم عن المحروقات؛ لأن هذا القطاع حساس بالنسبة للاقتصاد الجزائري، باعتبار أن الدولة الجزائرية تعتمد عليه بالدرجة الأولى؛ وقد أدى إلى تذبذب وتيرة التنمية الاقتصادية في البلاد ولكن راحت الدولة الجزائرية لاتخاذ تدبير تحسن بها اقتصادها الهش، وقد أبرمت الجزائر مؤخراً العديد من الشراكات في مجال تصنيع وتركيب السيارات، وقامت بشراكات متعددة في مجالات متعددة مع تركيا؛ حيث بلغ عدد المؤسسات الاستثمارية التركية بالجزائر أزيد من 800 مؤسسة، إضافة إلى هذا تعد الجزائر من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للغاز عالمياً، وتعد كذلك من الدول المنتجة للتمور والحمضيات وزيت الزيتون، وللجزائر أكبر حقول الحديد في العالم، الذي لم يستثمر فيه بعد في منطقة جبيلات في الجنوب، وكذلك استثمرت الجزائر مؤخراً في قطاع النقل؛ حيث تم توسيع خط المترو الذي يعتبر أول مشروع من نوعه في المغرب العربي وغيرها من الوسائل الأخرى.
وإذا تحدثنا عن الاقتصاد المغربي سنتكلم عن السياحة، فشهد هذا المجال تطوراً كبيراً بعدما نجح المغرب في استقطاب 10 ملايين سائح سنة 2010، وعلى الأغلب تعتمد عليه المغرب بالدرجة الأولى، وقد أدى إلى تحسين التنمية الاقتصادية في البلاد نوعاً ما، وتعرف المغرب كذلك بملكها ثاني أقوى بورصة في إفريقيا بعد بورصة جوهانسبورغ، وتعتمد كذلك على تصدير النسيج، وإنتاج الأسماك وتشهد صناعتها الميكانيكية تطوراً كبيراً، فقد بدأ المغرب في تركيب طائرات البوينغ الأميركية، وأبرم عدة اتفاقيات فيما يخص تركيب وتصنيع السيارات، وتعتمد كذلك على القطاع الفلاحي في اقتصادها.
وتعتمد تونس كذلك على مجال السياحة في اقتصادها، ويعد اقتصادها مشابهاً لبنية الاقتصاد المغربي بعض الشيء، خاصة بما أنها من الدول التي تعتمد على السياحة الأجنبية بالدرجة الأولى، وتعتمد كذلك على تصدير زيت الزيتون؛ حيث تعد ثالث بلد مصدر لزيت الزيتون بعد إسبانيا وإيطاليا في العالم، إضافة إلى الصناعات النسيجية والملابس.
أما موريتانيا فقد أصبح اقتصادها يتقدم بخطى جيدة فقط مؤخراً حيث أصبحت بلداً مصدرا للنفط والحديد، وقد أصبحت من المنتجة للأسماك وكذلك من الدول التي تعتمد على الاستثمار في مجال الصيد البحري والثروة السمكية، وتعتبر كذلك ليبيا من بين أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم حيث احتلت المرتبة 18 عالمياً لسنة 2009، والذي تعتمد عليه في اقتصادها إلى جانب الصناعات الكيماوية.
في المجمل يمكن أن يحقق هذا الاتحاد نجاحاً وحلاً كذلك للتحديات الاقتصادية التي تواجهها هذه البلدان، وهذا بمشاركة كل الدول خبراتها مع الأخرى في مجالات عديدة، وكذلك يمكن أن تكون منطقة المغرب العربي محوراً هاماً للمبادلات التجارية بالنسبة للمنطقة، وإن اقتصادات هذه الدول تعد مكملة لبعضها البعض، وتحقق اكتفاء ذاتياً لكل الدول في معظم حاجياتها، وعلى الأغلب حينما يتم تحقيق هذا الاتحاد سيحقق نجاحاً وتطوراً هائلاً لدوله، في العديد من المجالات اقتصادية كانت أم علمية وثقافية… إلخ.
ولكن ما هي المعيقات التي تعطل تحقيق هذا الاتحاد؟ أم أن قضية الصحراء الغربية والعلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر هي أحد المعيقات إضافة إلى الأحداث السياسية والأوضاع الأمنية غير المستقرة كذلك؟
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.