7 أسباب جعلت مسلسل “البحر الأسود” يتغلب على المسلسل التركي الأشهر “أرطغرل”

عدد القراءات
7,304
عربي بوست
تم النشر: 2018/06/01 الساعة 16:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/01 الساعة 16:01 بتوقيت غرينتش

صباح الخميس، الموافق 1 فبراير/شباط، استيقظت تركيا على خبر قد يبدو بسيطاً، ولكنه كان غير متوقع لأحد.. فقد تراجع مسلسل أرطغرل، الذي كان يحتل الصدارة دائماً، ليتقدم عليه مسلسل البحر الأسود في حلقته الثانية. الدهشة لم تكن بسبب تراجع أرطغرل بقدر ما كانت بسبب أن يتقدم مسلسل ليس بالضخم، وليس أبطاله من الصف الأول. فكم ظهر نجوم في أعمال كبيرة، ولكنهم لم يستطيعوا أن يُفقدوا أرطغرل المرتبة الأولى لأعوام.

 دعونا نشاهد ما حدث ليلة الأربعاء 31 يناير/كانون الثاني، ليلة عرض مسلسلي "أرطغرل" و"احك أيها البحر الأسود".

كان الجميع في تمام الثامنة ينتظر بلهفة حلقةً هامة من مسلسل أرطغرل، غير أن قناة الـ"تي آر تي" التي تعرض المسلسل كانت تحتفل بعيد ميلادها الخمسين. وفي تمام الساعة 20:08 بدأت الحلقة الثانية من مسلسل البحر الأسود على قناة إيه تي في. وفي تمام الساعة 21:09 بدأ أرطغرل، وفوراً وبعد 12 دقيقة بدأ فاصل إعلاني. وفي تمام 21:21 بدأت الحلقة الجديدة، أي أنهم منحوا البحر الأسود فرصة العرض بمفرده لمدة 73 دقيقة كاملة. بالطبع لم يكن هناك تعمد للتأثير على أرطغرل، فلم يكن أحد يتخيل أصلاً أن ينجح البحر الأسود بهذا الشكل!

 ولكن في الأسابيع اللاحقة كان يعرض المسلسلان في نفس التوقيت، فما السبب الذي يجعل مسلسل البحر الأسود يتصدر المشاهدات طوال هذه الفترة؟

 أول سبب يراه الأتراك أنفسهم لنجاح المسلسل، أنه يحكي حقيقة هذا البلد. لو تتخيلون كمَّ النساء الذين يتابعون المسلسل ويقلن "هذا المسلسل مختلف عن كل الأساطير التي شاهدناها، إنه حقيقة! لاسيما مشهد الطفل الذي يدخل البحر لأول مرة في حياته! عندها هل تعلمون كم بكينا؟ لن تتخيلوا!"

فجزء كبير من النساء يرى نفسه في هذا المسلسل الذي يحكي قصة فتاة (نَفَس)، أعطاها والدها وهي في عمر السادسة عشرة إلى رجل ثري، رغماً عنها، مقابل المال. هذا الرجل الثري كان يتلذَّذ بتعذيبها وحبسها لأيام طويلة. ونتيجة اغتصابها عدة مرات أنجبت منه طفلاً كان بمثابة الصديق الذي يهوّن عليها مرار الأيام. لم تستسلم نَفَس، وحاولت الهرب مع صغيرها عدة مرات، ولكنها باءت بالفشل، إلى أن ظهر في طريقها الشاب طاهر، من إحدى المحافظات التي تُطل على البحر الأسود، والمعروف بوقوفه إلى جانب المظلوم. وربما نتحدث لاحقاً عن صفات ساكني منطقة البحر الأسود.

ويمكن أن نُعدِّد أسباب النجاح بإيجاز على النحو التالي:

  1. تجسيد المسلسل لشخصيات واقعية قريبة من الحقيقة، فشعر المشاهد أنه جزء من هذا العمل، وليس مجرد متفرج.
  1. تحدث الأبطال بلهجة سكان البحر الأسود، المختلفة كثيراً عن لهجة إسطنبول. فيشعر المشاهد أنه انتقل بكل حواسه إلى محافظة طرابزون. وهذه نقطة لا يمكن الاستخفاف بها، فمن ضمن أسباب فشل مسلسل "محمد فاتح العالم" عدم تحدث الأبطال بمصطلحات ولغة تلك الحقبة.

بل إن البطل ظلَّ يدرس لهجة البحر الأسود، ويذهب إلى المقاهي التي يرتادها سكان البحر الأسود في إسطنبول، لسماع وممارسة اللهجة.

  1. تقمص البطلة دور الفتاة المقهورة باحترافية، وصراخها الذي يقطع نياط القلب. البطلة لكي تتخيل الدور الذي ستقوم به ذهبت إلى طبيب نفسي، الذي شرح لها نفسية المرأة التي تتعرض للعنف والمشكلات التي تواجهها. ولم يكتف بهذا فحسب، بل جمعها مع بعض الحالات التي تعرَّضت للعنف، لتسمع منهن الويلات، مما انعكس على دورها في المسلسل. فمن يراها يجزم أن "نَفَس" ليست مجرد ممثلة! يا إلهي.. إنها امرأة مقهورة بالفعل.

لم تتأثر بها النساء فحسب، بل إن صِدقها في الأداء أذاب حتى قلوب الرجال، فقد انهالت رسائل التهديد على الممثل محمد علي نور أوغلو، الذي يجسد شخصية "وداد"، الرجل العنيف، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مما اضطر الممثل أن ينشر توضيحاً على حسابه الشخصي، يؤكد فيه أنه "لا يضرب "نَفَس"، ولا يؤذيها حتى أثناء التمثيل. ولكن لروعة أداء "نَفَس" تبدو المشاهد كأنها حقيقية".

  1. عدم خلو المسلسل من الفكاهة. فقد أضفت "آسيا"، التي تجسد دور زوجة أخي "طاهر" جواً من المرح، من خلال المناوشات التي تقوم بها مع حماتها، وتحالفها مع إخوة زوجها ليقفوا في صف "نَفَس". استطاعت "آسيا" من الحلقة الأولى كسب حب الجمهور، وأصبحت من العادة أن يجمع محبوها أهم المشاهد لها في كل حلقة، ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي.

  1. وجود بُعد ديني مختلف عن كل الأعمال الفنية السابقة. فوجود شخصية مثل الشيخ عثمان ضرب نموذجاً رائعاً لإمام المسجد المهتم بمشكلات المجتمع، مثل العنف ضد المرأة، والذي يقف في وجه الظالم، دون أن يخاف لومة لائم. دائماً ما يركز في خطبة الجمعة على القيم التي يجب أن يتحلَّى بها المجتمع، ويوصيهم بالبعد عن الفتنة والفساد والعادات السيئة، التي تتسبب في فرقة الناس.

 شخصية الشيخ عثمان لم توجد بهذا الشكل من قبل في الأعمال الفنية التركية. فهو يهتم بالشعائر الإسلامية، ويوصي بقيام الليل، ويذكر المظلوم بأنه ليس بينه وبين الله حجاب، ولا يوجد باب مغلق لا يفتحه الدعاء. هذه المشاهد البسيطة لمست قلوب الأتراك.

فمنذ أعوام وصورة إمام المسجد في التلفزيون التركي تتلخص في صورة الشخص النصاب ذي اللحية السوداء والملابس السوداء. أما الشيخ "عثمان" فهو إمام غير متحيِّز لجماعته (تنتشر الجماعات الدينية في تركيا بشكل ملحوظ)، بل قريب من عامة الشعب، مما جعل الأتراك يتعلَّقون بهذا النموذج الذي افتقدوه كثيراً.

  1. استخدام أغان ذات ألحان تحمل بصمة أغاني "البحر الأسود". فأغانيهم تحمل الكثير من البهجة، وأحياناً الكثير من الشجن.

  1. وجود مشاهد تعذيب فعلية في المسلسل، فكم شخصاً شاهد مشهد "وداد" وهو يكسر أصابع "نَفَس" ولم يُمسك أصابعه متألماً؟

هذه المشاهد التي جعلت النائبة "طور يلديز بيچر"، وهي نائبة عن حزب الشعب الجمهوري -العلماني التوجه- ترفع شكوى لهيئة مراقبة الإذاعة والتلفزيون التركية لإيقاف هذا المسلسل، الذي يشجع على العنف ضد المرأة.

 وبرَّر المنتج "عثمان سيناف" هذه المشاهد قائلاً: "العنف شيء صلف، ومن يطالب بالتخفيف من العنف كالذي يُبرر للعنف. كيف نخفف العنف وحوادث موت النساء نتيجة العنف في كل مكان؟ بالعكس نحن نشاهد بأم أعيننا النساء وهنَّ يتعرضن للعنف!

  •        معلومة 1: في تركيا تموت واحدة من كل ثلاث نساء، بسبب أنها تريد ترك زوجها. مع ارتفاع مخيف في حالات الاعتداء الجسدي والجنسي واللفظي.
  •         معلومة 2: في يناير/كانون الثاني 2018، مسلسل البحر الأسود يحتل المرتبة السادسة في قائمة المسلسلات الأكثر حديثاً عالمياً، بحسب World information tracking. وبذلك يعد المسلسل التركي الوحيد الذي ينضم لتلك القائمة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
أسماء الشريف
مترجمة لغة تركية
تحميل المزيد