يستوقفني دائماً موضوع اللغة في تعليم ابنتي ريتال، لا أهتم أن تتعلم القراءة أو الكتابة مبكراً طالما هي لا تهتم بذلك، فعندما تكون مستعدة سوف أبدأ معها.
لا يجري أحد خلفنا، ولا يهمني أن تكمل عامها الرابع وهي لا تعرف كيف تقرأ أو تكتب، طالما هناك أمور أخرى هي شغوفة بها، فما زال أمامنا دائماً متسع من الوقت (smile emoticon)، ولكن يهمني كثيراً ويشغل بالي سؤال كثير من الأمهات: كيف أبدأ تعليم طفلي القراءة والكتابة؟ وهل أعلمه العربية أولاً أم الإنكليزية؟
إجابتي لك حبيبتي تتوقف على نيتك من ذلك.. لماذا تعلمين طفلك العربية؟ ولماذا تعلمينة الإنكليزية؟ هل تعلمينه الإنكليزية؛ لأن العالم حولنا يعترف بها كلغة أولى؟ أم أنك تعلمينه الإنكليزية؛ لأنك تعتقدين أن العربية لغة متندية وتريدينه أن يصبح أكثر تمدنا؟ أم أنك تنوينَ أن تعلميه لغات مختلفة للتعرف على ثقافات العالم وتوسيع مدارك الطفل؟ فأنا شخصياً أحب أن أعلّم ابنتي كل لغات العالم smile emoticon أم لكي يحصل على فرصة عمل أفضل؟ أم.. أم.. أم.. أم؟ الأعم الأغلب للأسف ممن أشاهد وأرى يومياً يتعامل مع العربية على أنها لغة متدنية! ونحن مسلمون وعرب؟ نعم مسلمون وعرب ويتعاملون مع العربية أنها لغة متدنية! وأتعجب كثيراً عندما أذهب إلى أي مركز أو حضانة أو مدرسة الطابع الغالب عليها من المسلمين والعرب وتجد جميع الأوراق والتعاملات فيها بالإنكليزية!
ليس هناك نسختان مثلاً: العربية لمن يريد، والإنكليزية لمن يريد، لا جميع تعاملاتنا بالإنكليزية، فنحن مكان راقٍ! unsure emoticon ما علامة رقيك هنا؟ وكيف تهينني وتهين لغتي هكذا؟ مَن تستهدف؟ ومع مَن تتعامل؟ أنت تستهدفنا نحن فنحن نتحدث العربية، ولذلك أنتظر منك أن تحترمني، واحترام لغتي جزء لا يتجزأ من احترامي، فهي جزء أصيل منّي لن أتخلى عنه، أرجوكم لا يحدثني أحد عن الحكومات، وأنهم السبب في التدني، الحكومات ما هي إلا أشخاص يعكسون ما يستحقه الغالبية العظمى من الشعب، ونحن من نتحمل وزر اختياراتنا wink emoticon يعلم المحيطون بي ومن يتعاملون معي تمكني -الحمد لله- من الإنكليزية، وكنت أتمنى أن أتمكن أيضاً من الفرنسية، وفعلاً أخذت بها بعض الكورسات والدورات منذ عدة سنوات، ولكن لم أتمكن منها، وأجاري أصدقائي الذين يتحدثون الإنكليزية دائماً، ولا مشكلة عندي في ذلك إطلاقاً، ولي من الأجانب الكثير من الأصدقاء في مختلف البلدان، وأتعامل معهم كتابةً ونطقاً، ذكرت ذلك فقط؛ لأنني أعلم أن هناك من سيتهمني أنني لديّ عقدة مع الإنكليزية grin emoticon.
أتعجب كثيراً من أم تعلم طفلها القرآن بلغة القرآن العربية التي يحسدك عليها كافة المسلمين في العالم، وبعد أن تغلقي المصحف تبدأين التحدث بالإنكليزية في أمور حياتك اليومية؟ وكأن العربية فقط اقتصرت على قراءة القرآن؟ ماذا تعلمين طفلك؟ ماذا تغرسين بداخله؟ دعك من التباهي والمناظر الخداعة، ففي وجهة نظري، مع احترامي لجميع من أعرف، ومن لم أعرف أن من يتحدث الإنكليزية، وهو مسلم عربي أثناء حديثة إلى مسلم عربي مثله، لديه خلل في تفكيره، لديه نقص يكمله، لديه عدم وضوح للرؤية وللهدف، لا يعلم من هو، وإلى أي جهة ينتمي.
هناك من المسلمين والعرب من يتقنون الإنكليزية بلهجاتها، ولا يحسنون نطق الحروف اللثوية في العربية، ويا ليتها فقط تقف عند ذلك، فتجده ينطق القاف كافاً، والصاد سيناً.
أنا لم أتعود على الحكم على الناس وشخصياتهم، ولا يهمني هنا أن انتقد أحداً فكل له اختياراته وله أسبابه، ولا أتحدث عن شخص بعينه أو مكان بعينه، فهناك من يتعامل يومياً في عمله بالإنكليزية، فأصبحت عادة لديه، ولكن أيضاً هناك مَن يشعر أن لغته رخيصة ويا له من شعور حين يتملكك، فستشعر أنك أيضاً رخيص؛ لأن لغتك جزء منك لا يتجزأ، ولن يتجزأ، مهما حاولت اقتلاعه، وهناك الكثيرون ممن اقتلعوه من حياتهم فلم تكتمل حياتهم أبداً لا داخلياً ولا خارجياً، ولن تكتمل.
أتدبر قول ربي تبارك وتعالى: (بلسان عربي مبين) هل تفهمين معناها؟ هل تشعرك بالفخر؛ لأنك مسلمة وعربية؟
لا يهمني هنا حال المسلمين الآن، ولن أتحدث عنه، فأنا لا أتحدث عما هو كائن، بل أتحدث عمّن نحن؟ وما يجب أن يكون، أتحدث عن الأصل في إسلامنا وعربيتنا، نحن هُنّا على أنفسنا، وهانت لغتنا علينا، فرأينا أنفسنا في أعين الناس كأننا فراغ frown emoticon ولو كنا أعزاء على أنفسنا ولغتنا علينا عزيزة، لاحترمونا رغم أنوفهم.
فخر لي أن تكون لغتي العربية، سأعلم ابنتي ما أستطيع من اللغات الحية – بأمر الله – ولكن ستبقى العربية تاجاً فوق رأسي، وسيبقى حبي لها جزءاً من كياني، أنقص بنقصه وأكتمل باكتماله، وسأغرسه في طفلتي، فماذا سوف تغرسين في طفلك؟
فكّري في العواقب قبل أن تبذري البذرة smile emoticon واعلمي أن الأعمال بالنيات، فسوف تحاسبين على نيتك، فتفكري وتدبري دائماً في كل أمورك قبل أن تبذري أي بذرة في عقل وقلب طفلك.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.