نحن النساء هاويات الكتابة وتقاسم الأسرار مع الحبر والورق دائماً ما يطاردنا موضوع "المرأة وموقعها بالمجتمع"، ذلك لأنه نقاش عميق وليس عقيماً، وذلك أيضا لأنه نقاش يُؤخذ من زوايا مختلفة حسب تفكير كل فرد.
سألني أحدهم مؤخراً: هل تفضلين الحصول على شهادة دكتوراه وشغل أعلى المناصب، أم تربية أولادك أحسن تربية وتكوين شباب للمستقبل؟
لم أجبه؛ لأن الاثنين بالنسبة لي مهمان، ولأنني من وجهة نظري لا لا يقتصر دور المرأة في التربية والإنجاب؛ لأن التربية مهمة مشتركة بين الأب والأم ولا تعني الأم وحدها!
لم أجبه؛ لأنني دائماً ما أندهش لوجود أناس يفكرون بهذه الطريقة ويرفضون الخروج منها.
لم أقل له إن الأمومة رغبة فطرية زرعها الله بروح كل أنثى كيفما كان منصبها وأياً كان مستواها، كما أن الطموح شيء لا يستغني عنه إلا من يخاف ويستسلم للأقدار التي لنا جزء كبير في توجيهها لصالحنا أو لصالح دواليب الحياة التي تسرق منا أنفسنا!
لم أقل له كيف لامرأة أن تربي أولادها وهي لا مستوى دراسي أو ثقافي يميزها؟! ماذا ستلقنهم وماذا سيتعلمونه منها؟!
أتساءل كيف تُؤخذ الأم قُدوة من طرف أبنائها وهي أمامهم عبارة عن إنسانة تكرس حياتها لكل من حولها إلا نفسها!
لما لا يرى العالم أن المرأة إن كانت مثالاً ناجحاً ستكون مفخرة لأولادها وزوجها؟ لما يرون فقط أنها إن غابت عنهم أو انشغلت بالعمل والمسار الدراسي والمهني سيكونون مشردين ناقصين، وأنها لن تؤدي دورها كأم كاملاً؟
أحس وكأن الجنس اللطيف في نظر المجتمع آلة وقود؛ ليتمكن الزوج والأولاد من الاستمرار، وأنها يجب أن تعطي لا أن تأخذ، وأنها نبع من الحنان والعطاء غير منتهٍ..
لكنني مع ذلك لا أستوعب ولا أحاول تقبل كون المرأة كائناً خلق ليعيش لآدم لا لنفسه، هي أنانية من نصف المجتمع للنصف الثاني.
أتمنى أن أرى أماً تحاكي أولادها عن قصة كفاحها، وصولاً للنجاحات التي حققت، أتمنى أن أصادف أماً تحكي لأولادها عن المجد العلمي والثقافي والريادة، أتمنى أن تكون مثالاً لأطفالها الذكور حتى يبحثون وهم شباب عن نساء تشبه أمهاتهم الناجحات الرائدات اللواتي حاربن بمجتمع ذكوري حتى يصلن لمبتغاهن! هكذا تكون التربية الفعلية التي ستقضي عن تعصب الذكور للجنس الآخر واختصاره في "اتركوها لتعتني بأطفالها"، وكأنهم أطفالها وحدها، وكأنه لا يقربهم، وكأن مهمته مقتصرة على جلب الخبز والجبن لهم.
انجحي.. قودي.. كوني ذات عزيمة.. لا تتركي كل ذلك من أجل إعطاء من حولك طاقة لا تتمتعين بها.. ونجاحاً لم تعيشيه يوماً.. لا تتركي أحلامك بمجرد أنك تزوجتِ، أو أن سن الزواج قد شارف على مغادرتك، وستكونين حينها مضطرة للاختيار بين الزواج والنجاح.
الموضوع الذي لن أنتهي من الكتابة عنه يوماً.. ولهذا رفقاً بعقولنا.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.