في فيلم "Room" الذي يروي قصة فتاة تم اختطافها واحتجازها في حجرة لمدة سبع سنوات، وأنجبت خلالها طفلاً من الخاطف.
فيلم room
القصة تروي لنا مدى معاناتها وتحمّلها للحياة القاسية هي وطفلها لمدة سبع سنوات في حجرة لا يريان فيها بشراً، ولا شمساً ولا هواء، ولا أي كائن حي.
قد يتساءل البعض: كيف تحمّلَت كل هذا؟ بالطبع كان طفلها هو مصدر الأمل، هو الدافع لانتصار غريزة البقاء، حتى إنه كان طوق النجاة الذي استعانت به للهرب من براثن هذه الحجرة والعودة إلى عائلتها.
ورغم تحملها كل هذا وتمسكها بالحياة كل هذه المدة، فإن مجرد سؤال من الصحفية: "لماذا لم تتخلَّي عن الطفل للخاطف ليودعه في مستشفى أو أي مكان ليحيا حياة طبيعية؟".
كان هذا السؤال قاتلاً بالنسبة لها، فهي لم ترَ بعد هذا السؤال غير أنها قصّرت في حق طفلها، وأنها لا تصلح أن تكون أماً، وهذا الذي أفضى بها إلى قرار الانتحار.
أتحدث في هذا الموضوع حتى يدري الناس عاقبة كلامهم الجارح، الذي يوجهه الناس إلى بعض الأمهات أو لأي شخص عموماً.
هذا الكلام المجحف القاسي كالحجارة أو أشد قسوة، الذي لا يراعي فيه جهد الأم، ولا حالتها النفسية، ولا البدنية، فقط يلقون عليها الكلام دون الاهتمام بمدى تأثيره عليها.
سؤال واحد قد يراه البعض عادياً إلا أنه كان كفيلاً بأن يدمر كيان هذه الأم المقاتلة وهدم صورتها الذاتية أمام نفسها كأم.
الاتهام المستمر من بعض الناس للأمهات بالتقصير والسخرية من أسلوبهم التربوي هذا كفيل بأن يهدم أسراً كاملة، ويدمر حياة أجيال ما زالت تحاول الخروج للنور.
لن ننكر أن كثيراً من الأمهات في حالة مُزرية في طريقة تربيتهن لأطفالهن ومعاملتهم على أنهم مجرد أشياء مملوكة لهن وليسوا بشراً، هذا بسبب جهل الأم بمسؤوليتها وبطبيعة الطفل واحتياجاته، ولكن حتى هذه النوعية يتوجب علينا أن ننصحها بالحسنى دون نقد هدام لاذع.
لكني أتحدث عن تلك الأم التي تحاول بكل ما أوتيت من قوة وجهد توفير بيئة صحية لأولادها مليئة بالحب والاهتمام، هذه الأم التي تسبح عكس التيار حتى تربّي أولادها تربية سليمة.
هؤلاء الأمهات حالتهن النفسية تقف على الحافة؛ لأنهن باختصار وحدهن تماماً يحاربن في مستنقع ضد آلاف من الأشياء المفسدة دون سلاح أو سند حقيقي.
يا ليت كل شخص يُلجم لسانه قليلاً معهن، وعلى الأقل إن لم تقدموا الدعم الذي هو بالمناسبة حق لها وحق عليكم، على الأقل اصمتوا حتى لو كان كلامكم مجرد مزاح هي في غنى عنه.
ولكل أُم تجتهد وتتعلم لتربّي تربية سليمة وتقدم الاهتمام والحب لأولادها بطريقة صحية بعيداً عن معتقدات المجتمع المعاق، لا تجعلي أحداً يكسرك بكلامه، أوقفي كل شخص عند حده حتى لو كان هذا الشخص هو والد أولادك، حافظي على صحتك النفسية والجسدية؛ لأن الذين ينتقدونك لن يعطوكِ الصحة إذا فقدتيها، وتذكري أنك حصن الأمان لأطفالك الذي يجب ألا يتم هدمه أبداً.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.