لماذا أحب شباب العرب محمد صلاح أكثر من أي شخص ناجح آخر؟

عدد القراءات
512
عربي بوست
تم النشر: 2018/05/28 الساعة 16:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/29 الساعة 07:48 بتوقيت غرينتش

مو صلاح، مو صلاح، يجري على الجناح، صلاح الملك المصري

هكذا يشجع عشاق نادي ليفربول الإنكليزي محمد صلاح. النجم المهاجم، والفائز بالحذاء الذهبي في الدوري الإنكليزي الممتاز سنة 2018. بالنسبة للشباب المصري، فإن صلاح هو أكثر من مجرد لاعب كرة قدم. في بلد ترتفع فيه نسبة البطالة والاضطرابات السياسية، يعتبر صلاح أيقونة ونموذجاً يحتذى به، فهو يجسد مثال الشاب الذي استطاع تحقيق أحلامه.

أتى صلاح  من قرية صغيرة تسمى نجريج، تقع في منطقة الغربية، حيث يعيش ما يصل إلى 10% من الناس في الفقر. بدأت رحلة صلاح في نادي المقاولون في طنطا. من هناك، انضم إلى نفس النادي في القاهرة. قادماً من إحدى القرى الريفية في مصر، في سن الرابعة عشرة، كان على صلاح أن يأخذ خمس حافلات مختلفة على الأقل كل يوم للتدرب في القاهرة.

سنة 2012، اكتشفه نادي بازل السويسري، وشد نجاحه في الدوري السويسري الممتاز انتباه جوزيه مورينيو، الذي كان مدرباً لنادي تشيلسي لكرة القدم في ذلك الوقت. لكن الوقت الذي قضاه صلاح في ستامفورد بريدج لم يكن ناجحاً جداً. فقد أمضى الكثير من الوقت على مقاعد البدلاء. لعب صلاح في إيطاليا، مع فيورنتينا (على سبيل الإعارة) وروما كذلك، قبل عودته المظفرة إلى الدوري الإنكليزي الممتاز، مع نادي ليفربول. في أكتوبر/تشرين الأول 2017، سجل صلاح ركلة جزاء مؤهلاً بذلك مصر إلى نهائيات كأس العالم لأول مرة منذ 28 عاماً.

خلال السنوات العشر الماضية، عندما كنت أتتبع التطلعات التي يسعى الشباب في مصر إلى تحقيقها، لاحظت كيف أن الشباب المصري مازالت لديه نفس التطلعات التي لم ينجح في تحقيقها- العثور على وظيفة، وتكوين أسرة، والحصول على تعليم جيد- بمرور الوقت شهدت أيضاً كيف ألهمت رحلة صلاح إلى النجاح، وعمله الشاق وتصميمه، شباب مصر المحبط للتغلب على العقبات التي يواجهونها وتحقيق أهدافهم.

صلاح الخير

على الرغم من شهرته، حافظ صلاح على علاقة وثيقة مع عائلته وجيرانه وأصدقائه في نجريج. ويغذي هذه العلاقة عبر دعم مشاريع تنموية مختلفة في قريته، من مراكز شباب إلى مدارس ومستشفيات. وأنشأ مؤخراً محطة مياه وصرف صحي.

على الصعيد الوطني، تبرع صلاح بمبلغ 210،000 جنيه إسترليني لصالح صندوق تحيا مصر- وهو صندوق أنشئ لدعم الجهود التنموية التي تلت ثورة يناير 2011. بالنسبة للشباب المصري، فإن سمات العرفان والتواضع التي يتميز بها صلاح هي أكثر شيء يعجبهم فيه. في عصر هجرة الأدمغة، بينما يعيش ما يقرب 10 ملايين مصري في الخارج، ينقل صلاح درساً للشباب المصري المهاجر، بأنهم يستطيعون خدمة بلدهم، حتى من الخارج.

لا يوحّد صلاح الشباب المصري المنقسم فقط، بل الشباب العربي والإسلامي أيضاً. لسنوات، تم تصوير شباب الشرق الأوسط في صور نمطية إما كإرهابيين أو لاجئين. وعلى الرغم من أنهم حشدوا على مستوى لم يسبق له مثيل خلال انتفاضات الربيع العربي، فإن هؤلاء الشباب الذين يشعرون بالإحباط في هذه الأيام من المرجح أن يصبحوا غير منتمين سياسياً أو براغماتيين أو متطرفين.

قال أحد الشباب في برنامج تلفزيوني مصري حديث: "أعاد مو صلاح مصر للخريطة". عرض حذائه في المتحف البريطاني وإطلاق لقب "الملك المصري" عليه دليلٌ على أن صلاح أصبح أيقونة عند كل المصريين. يُعد تحسين صورة مصر دولياً أمراً بالغ الأهمية، نظراً للصعوبات التي تواجه صناعة السياحة وصورتها السلبية العالمية، بعد الإطاحة برئيس الإخوان المسلمين محمد مرسي سنة 2013.

والأكثر من ذلك كمسلم معتدل يقدم صلاح مساراً جديداً للشباب المحبطين ليتبعوه. عبر السجود بعد كل هدف، وصيام رمضان، وقراءة القرآن بشكل منتظم، وإطلاق اسم مكة على ابنته تيمناً بأقدس مدينة إسلامية. إن الصورة التي ينقلها المسلم المعتدل والمتسامح لا تتحدى فقط الصور النمطية السائدة عن الشباب العربي، ولكنها تشجعهم على قبول خلافات بعضهم البعض والتوحد وراء هوية مسلمة واحدة، هذا أيضاً ظهر في هتافات يغنيها مشجعو ليفربول، مثل "سأكون مسلماً أيضاً" و"محمد صلاح ، هدية من الله".

علاقة متبادلة

العلاقة بين صلاح وأنصاره هي علاقة متبادلة. إنه يلهمهم، وهم بدورهم يدعمونه. يتواصل صلاح بانتظام مع معجبيه الشباب عبر فيسبوك وتويتر وإنستغرام، بينما يحتشدون للدفاع عنه عندما يحتاج إليهم. على سبيل المثال، في خلاف حديث مع الاتحاد المصري لكرة القدم حول حقوق الإعلان، اشتكى صلاح على تويتر من الطريقة التي عومل بها، وطلب المزيد من الاحترام.

في أقل من 12 ساعة، تصدر هاشتاج #SupportSalah الترند في مصر، وتدخل رئيس اتحاد كرة القدم وشكر صلاح جماهيره الشبابية على دعمهم. وقال قائد الفريق المصري السابق أحمد حسن حول الخلاف: "صلاح ليس أقوى من المخدرات فقط، إنه أقوى من أي شخص آخر!"، في إشارة إلى دعم صلاح لحملة بارزة ضد المخدرات. وبعد إعلانه الأخير، الذي انتشر بسرعة، شهد خط إعادة التأهيل الساخن زيادة المكالمات بنسبة 400%.

يظهر الحب الذي يكنه الشباب لصلاح في الحياة اليومية في مصر: انطلاقاً من التمور والكعك المسمى باسمه، إلى فوانيس رمضان والكتابات وصوره الشخصية ناهيك عن المقاهي التي تكون مزدحمة في كل مرة يلعب فيها، والجيش الرقمي الذي يصوت لصالحه في كل مرة ينافس فيها للحصول على جائزة على الإنترنت. وبفضل دعمهم حصل صلاح على أصوات حتى في الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة بالرغم من أنه لم يترشح.

علاقة صلاح مع الشباب المصري هي علاقة فريدة. إنه يمثل آمالهم وتطلعاتهم، وهو نموذج يسعون إلى تقليده. وكما علّق أحد المؤيدين على فيسبوك: "ابحث عن صلاح بداخلك، سوف تجده في جميع المجالات".

في مقابلة تلفزيونية حديثة ، كانت رسالة صلاح إلى الشباب المصري بسيطة:
مهما كان حلمك آمن به واتبعه.

هذه الرسالة تسكن عقول وقلوب ملايين من الشباب المصري يرونه كأخ وصديق وكنموذج يحتذى به. عندما التقيت مؤخراً مع محمد صلاح، قلت له: "مو، أنت مصدر إلهامي". ومن الواضح أنني لست الوحيد الذي يشعر بهذا.

– هذه التدوينة مترجمة عن موقع The Conversation. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
سلافا إبراهيم
محاضرة في العلاقات الدولية
تحميل المزيد