لا.. هذا ليس دليلكم لتدمير شخصية أي فتاة على وجه الأرض، بل هو خلاصة تجارب لفتيات إن جاز القول تدمّرن، لكنهن استطعن أن يقمن مما هن فيه، ليواجهن الألم، والأسى، وكسر الخاطر والجرح، والتدمير النفسي والمعنوي، في مجتمع يبرع أغلب قاطنيه في تدمير نسائه.
(1)
دمر ثقتها بنفسها.. أخبرها دائماً أنها غير مؤهلة إطلاقاً لتكون امرأة جميلة، ربما لأن لديها بعض الكيلوات الزائدة أو لأنها تفتقرهم، أخبرها دائماً أنها لا ترقى لتنافس فتيات هوليوود، مصحوبةً بنظرة حسرة وجملة "شايفة النسوان"، وإن لم تستطِع أن تدمرها فيما يتعلق بثقتها بنفسها جسدياً، فدمرها في ثقتها بنفسها فيما يتعلق باضطلاعها بالمسؤوليات؛ لأنها لم تضع ما يكفي من الملح في الطعام، أو لأنه كان لديها اجتماع هام في العمل فلم تستطِع أن تطبخ اليوم، أو لأن البيت ليس نظيفاً، وإن لم تستطِع فواجهها بأمومتها، وبعدم قدرتها على أن تكون الأم الأمثل.
(2)
اقهرها مادياً ومعنوياً، حقّر من عملها ومن قدرتها على تحقيق الإنجاز؛ لأنه في النهاية مكانة المرأة تتلخص في بيتها وزوجها وعنايتها بأطفالها فقط، في الوقت ذاته استحوذ على كل مواردها المالية حتى وإن كانت صادرة من مصدر مالي خاص بها؛ لتكون المتحكم الوحيد في قراراتها؛ لأن عدم الاستقلال المادي يؤدي بالتبعية لعدم الاستقلال المعنوي.
(3)
اقهرها جنسياً، بالتحرش والاعتداء اللفظي والجسدي، والختان، أو بالأحرى حرمانها من أن تكون فعالة في العملية الجنسية لها مشاعر وحقوق وواجبات، لتكون مفعولاً بها، امنعها من أن تعبر عن مشاعرها الجنسية والعاطفية بأي شكل، انعتها بالعهر والزندقة إذا ما حاولت مناقشة هذا في العلن، كن أنت تذكرتها لعالم العيب حتى لا تستطيع أن تُعدِل عليك بأي شكل، مارس عليها الاغتصاب الزوجي واعتبره حلالاً، واندهش إذا ما عاتبك أحدهم على هذا، شهّر بها جنسياً، لفّق لها العلاقات والمحادثات الإلكترونية لتحطّ من قدرها وشرفها.
(4)
اتهمها دائماً بالتفاهة والغباء وعدم قدرتها على أن تكون مخترعة أو عالمة؛ لأن الرجال دائماً أكثر إبداعاً من النساء، خصوصاً في المجالات التي رسمها المجتمع كـ"تابوه" للنساء، كالأزياء والموضة والطبخ.
(5)
نمّطها، بحيث تكون الشقراء دائماً مثيرة وغريبة، وضع معايير قاسية جداً للجمال لا تستطيع النساء السير خلفها أو حتى ملاحقتها في أحلامهن، شدد على أهمية النحافة والجسد المنحوت، أخرج لهن مئات الوصفات للتنحيف والحصول على جسد رشيق، وإن لم يصلن له، اتهمهن بإهمالهن في مظهرهن وعدم امتثالهن لمعايير الجمال القاسية جداً.
(6)
تحكم بكل شيء يتعلق بها، بملابسها ومظهرها، وإن خالفتك انعتها بالعاهرة، اتخذ من شرفها مقياساً لرجولتك، وضعه بين فخذيها لا بين أخلاقها وضميرها، كن فرضاً عليها، حداً فاصلاً بينها وبين العالم.
(7)
امنعها من المعرفة، اجعلها دائماً غير ذات خبرات؛ لتكون عجيناً سهل التشكيل بين يديك، اختَر تلك التي إذا خرجت لتشتري الخضار تضيع في الطريق، ولا تستطيع أن تخطو باب البيت بدون أخذ الإذن منك، امنعها من الانطلاق في آفاق جديدة، من الرغبة في الخروج إلى العالم الواقعي، وتجربة الأشياء واكتشاف ذاتها واختيار شغفها؛ لتكون دائماً أنت شغفها الأول، وغالباً الوحيد.
(8)
اكسر قلبها… اجعلها تشعر دائماً بأنك أهم شيء في حياتها، تسلل إلى تفاصيلها، ثم ابتزها عاطفياً إذا ما رفضت أن تستجيب لشيء ما في علاقتكما، امنحها علاقة مشوهة مملوءة بالنكد والرغبة في إثبات الذات على كائن تخاله أضعف، يمكنك خيانتها بالطبع، أو عدم منحها الطلاق بسهولة، اقصد تعليقها لمدة لا بأس بها، ويمكن جداً أن تستغل القانون الذي لا يقف في صالحها مطلقاً في أغلب البلاد العربية، تزوّج عليها، اطلبها في بيت الطاعة، أجبرها على التنازل عن حقوقها بالخلع، أو أجبرها على الاختيار بين أمومتها وأنوثتها إذا ما أتيحت لها فرصة أخرى للزواج بعدك، من الممكن طبعاً أن تضربها جداً؛ لأن المجتمع سيبارك كونك مسؤولاً عنها، كن لها بمثابة المرشد الروحي؛ لأنه من الطبيعي ألا تفقه هي أي شيء طبعاً.
(9)
زوّجها قاصراً، واتهمها بالكذب إن أبلغت عن التحرش أو الاغتصاب، ثم ارجمها بتهمة الزنا إذا اكتشفت أنها لم تبلغ طبعاً.
(10)
اكسر لها ضلعاً… لكن دعني أؤكد لك.. لن يخرج لها مكانه 24!
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.