إذا كنت أحد متابعي السينما العالمية، فمن المؤكد أنك تعلم جيداً أن من قواعد الـDating عدم التحدث عن الزواج. تذكّر معي حلقات مسلسل Friends، كم مرة هرب من يواعد مونيكا أو رايتشل بمجرد حديثهما عن الزواج، حتى وإن كان الأمر صدفة.
هل تذكر كيف كان تشاندلر يُصاب بالهلع عندما يتم ذكر مسألة الزواج أمامه؟ هل ترغب في مثال آخر؟
هل تذكر كم مرة حاولت جراي في مسلسل Grey's Anatomy أن تُثبت لديريك أنها لا تسعى للزواج؟ وأنها تعي أن علاقتهما تحتاج لمزيد من الوقت، وكانت تطمئنه دوماً؛ حتى لا يصاب بالذعر.
وهنا يأتي السؤال محل النقاش في مقالتي: "لماذا يخاف الرجل من الزواج؟". أسباب الإصابة بحالة الهلع من فكرة الزواج متعددة وتختلف من شخص لآخر. سأحاول سريعاً إيجازها في السطور التالية:
الخوف من تحمُّل المسؤولية
إن كان لم يخض التجربة من قبلُ، فهو إلى حدٍّ كبيرٍ محاصَر بتجارب مَن حوله من المتزوجين. ينظر جيداً ويُمعن التركيز في الضغوط التي يواجهها أصدقاؤه؛ من طفل يحتاج إلى عناية مستمرة، وزوجة لا تنسى أبداً المناسبات الاجتماعية التي يجب أن يتولى تدبير المال اللازم للظهور فيها بمنظر الزوج الغني.
الرجل بطبعه لا يحب أبداً أن يظهر كالعاجز عن تدبير أموره وتحمُّل مسؤولياته، حتى وإن كان لا يتحملها من الأساس! هو يحب دوماً أن يظهر في هيئة الرجل المسيطِر على زمام الأمور، المتحكِّم في كل شيء، كالقائد الماهر الذي يقود عربته بيد واحدة؛ ومن ثم ففكرة أن الزواج قد يكون سبباً في إحراجه مادياً وإظهاره بالرجل المقصّر هي فكرة لا يستهويها على الإطلاق.
الخوف من التقيد
تعد عند أغلب الرجال فترة العزوبية من أجمل الفترات التي يعيشها الرجل (إن كنت تتفق أو تختلف معي، فهذا ما أزعمه أنا!). فترة ما بعد التخرّج في الجامعة وبدء حياتك العملية واستقلالك المادي هي بمثابة فترة تحقيق الأحلام. السفر وقضاء الأوقات الممتعة الآن أصبحا ممكنين جداً، ولكن فكرة أن هناك شخصاً ما مخولاً لسؤاله "إلى أين؟"، "مع مَن؟ وكيف؟ ومتى؟ ولماذا؟"، هي أمر يدفع الرجل إلى التفكير 1000 مرة: "هل يستحق الأمر فعلاً التفريط في حريتي؟".
الخوف من التغيير
"عيب بقى إنت راجل متجوز!"، كم مرة سمعتم هذه الجملة؟ تلك الجملة يخشى الرجل بسببها الزواج. يخاف الرجل أن يتم إرغامه على التغيير الجذري بمجرد الزواج؛ إما بدافع العادات والتقاليد وشعارات "العُرف يقول"، وإما بدافع التذكير بما وعد به قبل الزواج تحت شعار "إنت كنت واعدني قبل الجواز تتغير!". علينا جميعاً أن نعي أن التغيير الجذري أمر محال، فالتغيير هو عملية من تسلسل الأحداث والمواقف يأتي على أثرها قرار التغيير، إما عن اقتناع فعلي وإما نتيجة أن شريك حياتك يستحق ذلك.
الخوف من "تحوُّل" شريكة حياته
يخاف الرجل أن يفقد سحر حبيبته بعد الزواج؛ اهتمامها بنفسها ونظرتها الباسمة وخصلات شعرها التي تجيد تصفيفها بعناية. الرجل غير مؤهَّل بعدُ لاستيعاب فكرة الوجه الآخر للحبيبة، وخاصةً أن مجتمعاتنا الشرقية لا تبيح إقامة الحبيبين معاً قبل الزواج؛ ومن ثم ربما هو لا يعرف الوجه الآخر لحبيبته على الإطلاق. ومن هنا، تساوره الشكوك والمخاوف والظنون عن الشكل الذي من الممكن أن تتحول إليه بعد الزواج وطبيعة هيئتها في المنزل.
الخوف من عواقب دينية
حاورني صديقٌ ذات مرة حول أنه يهاب من الإنجاب؛ خوفاً من أن يتم الانتقام منه في ابنته، نتيجة أنه قد تلاعب بقلوب كثيرات ويخشى أن يكون العقاب في أن يتم المِثل في ابنته.
هذه بعض الأسباب المتعلقة بخوف الرجل من الزواج، وأتمنى أن تساهموا معي بتعليقاتكم هنا، بذكر أسباب أخرى ذات علاقة بفوبيا الزواج عند الرجل، وأعِدكم في مقالات قادمة أن أكتب عن تقنيات وتكتيكات لطمأنة شريكك في العلاقة تجاه مسألة الزواج.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.