من “البنك ده حلال” إلى “الفراخ ترتقي بالعبادة”.. عن ديننا في شكله الجديد!

عدد القراءات
660
عربي بوست
تم النشر: 2018/05/22 الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/22 الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش

1- عندما تكون مسوّقاً إعلانياً لمنتج ما، ولكي ينجح هدفك المرجو، فأنت أمام أحد خيارين؛ إما أن تبحث عن فكرة جديدة مُلفتة، وإما أن تستعين بنجم معروف للتسويق لمنتجك، والأكثر نجاحاً هو مَن يمزج بينهما.

2- لكن هل للنجم الذي سيسوق منتجك مواصفات خاصة؟

لو كان منتجك طبياً، فستحتاج طبيباً معروفاً ليوصي به للجمهور، لو كان منتجك تجميلياً كمساحيق التجميل وغيرها فستحتاج ممثلة جميلة مشهورة لتدّعي استخدامها لمنتجك، وفي التسويق لأدواتك الرياضية فخيارك الأفضل بالطبع هو مشاهير الرياضيين، أما في محاولات الترويج للمنتجات الغذائية كاللحوم ومثل ذلك، فخيارك الأفضل هو الاستعانة بشيف شهير، ويا حبذا لو وضعت إعلانك في الفواصل الإعلانية لبرامج المطبخ، وفي الترويج لمؤسسات العمل الخيري وجمع التبرعات، فلا مانع من الاستعانة بأي من السابقين، لكن يظل الخيار الأفضل هو الاستعانة برجل دين يُحدِّث الجمهور عن الثواب الذي ينتظرهم في الآخرة حال التبرع لمؤسستك، خصوصاً في الدنيا.

3- بيزنس الإعلانات مُجزٍ للغاية وأمواله براقة ستستهويك أياً كان مجالك عندما يبزغ نجمك، وتحظى بشهرة جيدة نسبياً في المجال الذي تقدمه، لكن لو كنت تعمل بمجال ترفيهي أصلاً، كالتمثيل أو الغناء أو لعب كرة القدم، فلا غضاضة من ترويجك لأي منتج أياً كان، ولو كنت طبيباً أو ما شابه، كان الأمر أصعب بعض الشيء، وترددت في مخالفة ضميرك والتوصية بمنتج ما، لو كنت تعلم أن هناك منتجات أفضل منه في السوق، أما لو كنت رجل دين كان الأمر أصعب كثيراً.

4- بجانب التسامح والأخلاق الحسنة ونحو ذلك، تُروج الأديان جميعها -على الأقل السماوية منها- للضمير والتجرد والإخلاص لله في عبادتك والدعوة إليه، ما يتعارض مع استغلالك تأثيرك الديني وقدسيتك التي اكتسبتها عبر كونك عالماً دينياً في التكسب الفج من مكانتك الدينية وبيع الوهم، فضلاً عن "الفراخ" لأتباعك ومحبيك، مستغلاً حظوتك ونفوذك الديني لديهم للتأثير على ما في جيوبهم من أموال.

5- على عالم الدين أن يفكر ألف مرة قبل أن يقوم بمثل ذلك، ولو كان لا بد، فعليه أن يفكر ألف مرة أخرى في نوع وكيفية الخطوة التي سيُقدِم عليها، وطريقة التكسب التي سيختارها.

6- في البدء كان توظيف الأموال ورحلات العمرة

بدأ وكلاء الله على الأرض مشوار تكسبهم الإعلاني بالترويج لتوظيف الأموال في الثمانينات، فظهروا على الجمهور يحدثونه عن ربا وحرمانية البنوك العادية في مقابل بركة وحلال شركات توظيف الأموال التي أطلَقَ أصحابُها اللحى وحفوا الشوارب وارتدوا الجلباب الأبيض متلحفين بمظاهر سطحية انتقوها من الإسلام، متخذينه جسراً جمعوا من خلاله أموال البسطاء، ومنهم من هرب بها أو خسرها أو حاربته الدولة، وتحمل الخسارة بسطاء كادحون وضعوا تحويشة عمرهم بين أيدي من أوصى به الشيخ فلان.

وفي مطلع الألفية الثانية ومع انتشار ورواج القنوات الدينية ظهر بيزنس الشعائر؛ بادر بالحجز معنا في رحلة الحج أو العمرة، فالشيخ الفلاني الشهير سيرافقنا في نفس الرحلة، ووجود الشيخ يستلزم بالطبع أن تدفع ضعف تكاليف نفس الرحلة مع شركات أخرى لا يسافر الشيخ معها، الحماس الديني يُسكِر هو أيضاً.

7- مرت الأيام ووصلنا اليوم في 2018 لمرحلة "الفراخ"، يخرج علينا الداعية الشهير ببدلته المعتادة ولدغته المثيرة ليخبرنا بأن نوعاً معيناً من "الفراخ" هو الأفضل للصحة والأقدر على إعانتك ومساعدتك في علاقتك بربك، فعندما تتناول "صدراً" أو "وركاً" من الذي تنتجه نفس الشركة التي أعطته مبلغاً من المال للترويج لها وتذهب لصلاة التراويح، ستساعدك وصفته تلك في الارتقاء لربك في قيام الليل وصلاة التراويح.

الإعلان بمثابة رصاصة رحمة أطلقها مولانا على ما تبقى من مصداقيته لدى بعض الجماهير، مصداقية تهاوت كثيراً بالفعل في الفترة السابقة، نفس الداعية كان قد أطلق في وقت قريب برنامجاً سمّاه علمياً يرد فيه على نظريات علمية تطورية، ومثل ذلك ومن فرط رداءة أطروحاته وردوده كاد يُقنع جمهوره بالنظريات التي ينتقدها بدلاً من أن يهدمها، عموماً بيع "الفرخ" أفضل بكثير من بيع الأوهام والدجل والخرافات للجمهور، أتمنى أن يستمر الشيخ الكاجوال ذو البدلة الأنيقة في هذا المجال.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
محمد عادل طه
طالب في كلية الطب
تحميل المزيد