يقترب موعد الأذان، فيتقدم أحد الحضور من ميكروفون المسجد، لحظات ويرتفع الأذان بالعربية التي تعلم يقيناً أن صاحبها لم يولد بها، تتلمس في حروفه الجهد لمحاولة اللحاق بالمخارج السليمة للغة لا يعرف عنها إلا القشور، دقائق ثم يصطف الجميع متراصين من كافة الأعراق، الأسود بجانب الأبيض والأصفر، واللاتيني بجانب الآسيوي والأميركي.. يكتمل المشهد المتكرر خمس مرات كل يوم؛ لتدرك أن هذه هي.. مساجد أميركا.
المسجد هنا هو كل شيء، لا يوجد غيره يشعرك بأنك مسلم، إحساسك بالقوة والعزة يبدأ منذ لحظة دخولك للمسجد ويستمر طيلة تواجدك داخله، قد يقل هذا الشعور عندما تغيب عن المسجد طويلاً، لكن لو تعلقت بالمساجد وحرصت على حضور كافة أنشطتها، ثق أنك ستشعر دائماً أنك مميز داخل مجتمع فريد، يقول الشيخ معاذ عبد الرؤوف، إمام المركز الإسلامي بمدينة هاكنساك بولاية نيوجيرسي الأميركية، وهو المهاجر المصري الذي أتى للولايات المتحدة منذ ما يقارب الخمس سنوات، ثم يضيف: "الأمر هنا في الولايات المتحدة لا يتعلق بمسجد للصلاة فقط، لكنه يرسم أسلوب حياة للفرد المسلم في مجتمع غير مسلم، فالتحديات هنا كبيرة للحفاظ على الهوية التي قد تذوب سريعاً إذا غفلت عن دور المسجد في حياتك وفي حياة أولادك؛ لذا فضمان استمرار تواجد المساجد على ساحة المجتمع الأميركي هو ضمان لاستمرارية تواجد المسلمين أنفسهم في ذات المجتمع".
يؤكد هذا المعنى سلوك المسلمين في التحلق حول المسجد باعتباره الكيان شبه الوحيد الذي تدور حوله وبه حياتهم الدينية في بلاد العم سام.
فمن جهة مساحات الحركة، فللمسجد في أميركا هوامش حركة وامتداد تلقائي في حياة المسلمين يختلف تمام الاختلاف عن دور المسجد في البلدان العربية "التي تقاطر منها أغلب المهاجرين"، فدوره أشبه ما يكون بدور المسجد في صدر الإسلام؛ فهو مكان المناسبات الأسرية ومقر اللقاءات الاجتماعية ونادي النشاطات الترفيهية ومجلس النقاشات السياسية، وهو ما يجعل المهاجر العربي يصاب بصدمة عميقة تجعله يكتشف سريعاً الدور الغائب للمساجد التي تم تحجيمها في الوطن العربي لأسباب عديدة قد لا يستوعبها عقله ولا يستسيغها قلبه، كما يخبرنا بذلك رفعت عبيد، المهاجر التونسي الذي حط رحاله في مدينة نيويورك منذ ما يزيد عن ستة عشر عاماً كاملة.
يصمت رفعت قليلاً ثم يسترسل بمنتهى الحماس "دعني أخبرك بحكايتي منذ البداية؛ قبل سفري لأميركا وعندما أخبرت أسرتي بنيتي في السفر، قال لي أحد أقربائي ممن عاش لفترة خارج تونس جملة لم ولن أنساها أبداً، قال: (سوف تكتشف الإسلام الحقيقي في أميركا)، وقتها اندهشت للغاية من معنى الجملة الغريب على أذني، لكنني ومنذ وطأت قدماي أراضي الولايات المتحدة أدركت كم كانت هذه الجملة صحيحة، فبالفعل شعرت هنا أنني أعيش الإسلام الحقيقي بل وشعرت في لحظات كثيرة أن الله أقرب لي في أميركا عنه في تونس".
يفكر للحظات وكأنه يسترجع ذاكرته ثم يضيف: "في تونس مثلاً كانت صلاة الفجر ممنوعة في المساجد، كما يتم إغلاق المساجد بعد الصلاة مباشرة، بل إنه هناك بعض المساجد كانت تقوم بجمع صلاتي الظهر والعصر حرصاً منها على عدم فتح أبوابها لفترات طويلة، بينما في أميركا رأيت بيت الله مفتوحاً على مدار الساعة لاستقبال الكافة.
في تونس أيضاً كانت سياسة الدولة تعادي المسجد وتحجم دوره دائماً، لكنها تقوم بتوظيفه سياسياً عندما تحتاجه خدمةً ودعماً للنظام الحاكم الذي كان يعادي الإسلام وقتها للمفارقة.
عندما قدمت لأميركا كشاب لم أكن متديناً كثيراً، لكني لجأت للمسجد لشحن التعطش الروحاني الذي خرجت به من تونس، وهو ما يعالجه المسجد هنا حيث يمارس دوره برحابة تبدأ من مساحة دينية واسعة وتمتد لتشمل مظلة إجتماعية وتعليمية كبيرة".
يلتقط أنفاسه ثم يواصل: "ولأنها أميركا أرض المهاجرين من شتى بقاع الأرض، فقد صُدمت في البداية بوجود اختلافات واضحة بين المسلمين أثناء سلوكهم في المسجد نتيجة توافدهم من ثقافات ومذاهب دينية مختلفة، وهو ما جعلني أتقبل بعمق فكرة الآخر المختلف عني مما شكل إضافة مهمة لمداركي وآفاقي".
قبول الآخر يبدو عنواناً شيقاً لفكرة عميقة عندما يكون محركها الرئيس هو كينونة المسجد في بلد غير مسلم، بينما أعمدة تلك الفكرة وقوامها هم ملايين المسلمين الذين يعيشون في مجتمع يعتبرهم دوماً "الآخر" المطلوب منه الاندماج دائماً وسط هاجس متبادل من الطرفين يتراوح ما بين الذوبان بالكلية أو رفض الاندماج تماماً، وهو ما يظهر بشكل جلي في حديثنا مع السيدة "غنى زريقات" التي هاجرت إلى الولايات المتحدة من وطنها الأم المملكة الأردنية منذ حوالي تسع سنوات.
تقول غنى بمنتهى الحزم "إلا اللغة العربية والقرآن.. يمكنك أن تتساهل في أي شيء مع أولادك هنا إلا عدم تعليمهم لغتهم الأم وعدم تحفيظهم القرآن الكريم، الأمر ليس سهلاً طبعاً لكنه أيضاً ليس مستحيلاً، ولن يمكنك أن تحافظ على أولادك هنا بدون ربطهم دوما بالمسجد".
تلتفت غنى لابنتها الصغيرة لتتحدث معها حديثاً جانبياً يستغرق لحظات ثم تعود لتستكمل حوارها "عندي ثلاثة أطفال، صبيان أعمارهما سبعة أعوام ونصف وستة أعوام ونصف وطفلتي هذه وعمرها أربعة أعوام، بالله عليك أخبرني كيف سأحافظ عليهم إذا لم أدفعهم دفعاً للانخراط في أنشطة المسجد، نعم طبعاً التربية بالبيت هي الأساس، لكن المسجد عامل أساسي هام للحفاظ على هويتهم. أطفالي ملتحقون بمدرسة عامة وليست مدرسة إسلامية مما يعني أن فرصتهم أكبر في التأثر بالثقافة الأميركية؛ لذا أحرص دوماً على إلحاقهم في العطلات الأسبوعية بمدرسة المسجد التي يتعلمون فيها العربية ويحفظون القرآن ويشاركون في الفعاليات المختلفة. مشاركة الأطفال في فعاليات المسجد ذات الصبغة الإسلامية هي أمر لا نقاش فيه بالنسبة لي ولزوجي ولا تراجع عن دفعهم دفعاً لفعل ذلك حتى يتجاوزوا فترة المراهقة؛ لذا لا أنفك أؤكد لهم باستمرار على أنهم مميزون ومختلفون عندما يستفسرون منّي عن عدم مشاركتهم في بعض الأنشطة التي لا يقرها الدين الإسلامي والتي يشارك فيها أقرانهم من الأطفال غير المسلمين، المهمة طبعاً صعبة لكن تكامل دور البيت مع المسجد قادر على تنشئة طفل مسلم في هذا المجتمع القاسي".
المهمة الصعبة في المجتمع القاسي.. تحدّ كبير في وطن قائم بالأساس على تذويب الثقافات ودمج المهاجرين لقولبة نموذج يؤكد قدرة هذا البلد على استيعاب كافة الخلفيات والثقافات المختلفة بمعادلة صعبة قد تقبل تفرد المكونات وتباينها الشاسع في سبيل صناعة المنتج النهائي المتجانس غالباً بشكل يثير الإعجاب.
يلتقط طرف الخيط د. محمد البر، إمام مسجد مصعب بن عمير الشهير بحي الباي ريدج في نيويورك؛ ليكمل قائلاً "نعم التحدي صعب، والحفاظ على الهوية هنا يتطلب مجهوداً مضاعفاً، لكن لا ننسَ أيضاً أن المسجد هنا متفرد وليس مجرد مكانٍ تقام فيه شعائر الدين فحسْب، كما هو الحال في بلداننا العربية، لكنه تخطَّى ذلك إلى أن صار مؤسسةً كبرى، لخدمةِ الإسلام والمجتمع المسلم بل وغير المسلم أيضاً، وكأنه منظمة خيريةٌ، تقوم على رعاية أبناءِ المجتمع ومساعدتهم، وعلى تقديم الدعم والعوْن المادي والمعنوي لأبناء المجتمع الأميركي كافة، مسلمين كانوا أم لا، في مسجدنا مثلاً نقوم بدورٍ رائدٍ، في المجالات التعليمية التثقيفية والرعاية الاجتماعية، والشؤون الأُسريةِ، وعقودِ الزواج، وحلِّ المشكلاتِ والخلافاتِ الزوجية، وكذلك المشاكل العائلية وفضِّ المنازعاتِ والخصوماتِ، بين الأفرادِ وبعضهم البعض، وبين المؤسسات وبعضها، بالطرُقِ الشرعية والعُرفية".
يستطرد د. محمد الذي أتم عامه الثالث عشر في بلاد المهجر قادماً من مصر بقوله: "أيضاً يموج المسجد بالأنشطة الشبابية المختلفة، ويُعد مكاناً جاذباً للشباب، وللنشاط الشبابي المتعلق بهم، من أنشطة تعليمية وترفيهية، واجتماعية، ورياضية، وغيرها. كما تمتاز أغلب المساجد هنا بأن لها دوراً كبيراً في المجال الحقوقي والسياسي، تمتد لتشمل العلاقات العامة بالمسؤولين الحكوميين والسياسيين، وكذلك الأنشطةِ المتعلِّقةِ بالتوعية الحقوقيةِ، وممارسة الحريات العامةِ، والدفاع عن أي انتهاكات أو تمييز، يتعرَّض لها أبناء المجتمع".
يصمت لحظة ثم يضيف بثقة: "المسجد هنا حياة كاملة وليس مقراً أسمنتياً من أربعة جدران صامتة، وهو ما يتطلب منا نحن المسلمين دعماً مادياً ومعنوياً متواصلاً لهذه الحياة".
تبدو المقارنة مثيرة للتأمل فعلاً؛ فما بين الحياة الصاخبة التي توفرها المساجد الأميركية لروادها من المسلمين، وما بين السكون المخنوق التي تعيشه المساجد والمؤسسات الإسلامية في بلادنا العربية، يتساءل المرء متى وكيف تم اختزال دور المسجد في الذاكرة الجمعية لشعوبنا العربية حتى أصبح اقتران المسجد بغير الصلاة أمراً مستغرباً ومستهجناً بل ومثيراً للشك من قبل الشعوب "التي أُنسيت دور المسجد" قبل الأنظمة، وأضحت مساحات التواجد الكبيرة للمساجد في حياة مسلمي أميركا مثار اندهاش واضح من المهاجرين الجدد؟!
توجهنا بتلك المقارنة للبروفسير روبرت ريجز، أستاذ مقارنة الأديان والتاريخ في جامعة بريدج بورت بولاية كاناتيكت الأميركية، الذي فضل استهلال حديثه بالتأريخ لكيفية دخول الإسلام لأميركا؛ حيث قال: "جاء الإسلام إلى هنا بواسطة العبودية، حيث يقدر البعض أن ما يصل إلى 30٪ من العبيد الذين جلبوا إلى أميركا خلال تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي من غرب إفريقيا كانوا مسلمين. ومع ذلك؛ بواسطة العمل التبشيري والتحويل القسري، أصبح هؤلاء العبيد مسيحيين تماماً، فبحلول وقت حرب الاستقلال الأميركية كان جميع العبيد مسيحيين. ثم كانت الموجة الثانية من المهاجرين في أواخر القرن التاسع مع إرهاصات انهيار الإمبراطورية العثمانية، ثم الموجة الثالثة في أوائل القرن العشرين وهي موجة داخلية للتحول للإسلام بدأت مع تأسيس حركة إسلامية أميركية إفريقية تدعى "أمة الإسلام" على يد والاس د. فارد محمد، ثم الموجة الرابعة وهي التي بدأت من منتصف وأواخر القرن العشرين وإستمرت حتى الآن عن طريق تدفق المهاجرين المسلمين من بلدان مختلفة من جميع أنحاء العالم، ومن خلال ارتفاع معدلات المواليد والتحول إلى الإسلام فقد نشأ وجود قوي للإسلام في جميع أنحاء الولايات المتحدة".
يصمت البروفسير قليلاً ثم يستكمل شارحاً: "في الولايات المتحدة، تسمى معظم المؤسسات الإسلامية "المراكز الإسلامية" بدلا من المساجد، وهو تعبير دقيق للغاية؛ حيث تقوم بدمج الخدمات الاجتماعية والتعليم والخدمات الدينية في مكان واحد وهذا أمر مثير للاهتمام لجذوره التي تعود إلى فترات سابقة في التاريخ الإسلامي عندما كانت المساجد في المجتمعات الإسلامية تخدم كل هذه الأغراض في آن واحد؛ وهكذا تجد في الولايات المتحدة اليوم مراكز مجتمعية إسلامية تتيح دروساً لتعليم اللغة الإنكليزية مجاناً للمبتدئين، وتقدم طعاماً للمحتاجين، وتعلم اللغة العربية والقرآن الكريم لأطفال المسلمين الذين ينشأون في أميركا وليس لديهم الفرصة لتعلم تعاليم الدين الإسلامي في المدارس العامة، كما تقوم تلك المراكز أيضاً بنشر تعاليم الإسلام للشعب الأميركي على نطاق أوسع من خلال الفعاليات المفتوحة للجمهور.
كل هذه الأنشطة جعلت المساجد/مراكز المجتمع الإسلامي هي محور الحياة الإسلامية في الولايات المتحدة وهو الأمر الذي يتناقض مع دور المساجد في العالم العربي، والتي تم تهميشها في تنمية وغرس الهوية الإسلامية في الدول العربية لتقتصر على أداء العبادات فقط، والسبب في رأيي يعود إلى حرية الدين في أميركا؛ حيث لا تلعب الحكومة الأميركية دوراً يذكر في إدارة أي مؤسسة دينية داخل البلاد، حيث ينص الدستور على حرية ممارسة الدين دون تدخل الدولة، والذي يتضمن حظر الدعم المباشر من الحكومة لأي دين.
يبتسم ابتسامة العارف ببواطن الأمور ثم يضيف: "في المقابل، تُعرّف معظم دول الوطن العربي نفسها بأنها إسلامية من خلال إدراج بند في دساتيرها يتطلب من رئيس الدولة أن يكون مسلماً، أو من خلال تقديمها مساندة مالية للمساجد والمؤسسات الإسلامية؛ بينما هذا الدعم الضمني أو الصريح لدين واحد (الإسلام) في العالم العربي يعطي الحكومات سلطة أكبر للتدخل في إدارة المساجد، بما في ذلك تعيين ودفع رواتب رجال الدين وما يستتبعه من فرض رقابة على ما يدور في تلك المساجد وتقليص دورها الاستراتيجي في حياة المسلمين في العالم العربي ليصبح هامشياً للغاية".
تؤكد على تلك النقطة السيدة فاطمة عبد العزيز، مديرة البرامج بمنظمة "ماس" الإسلامية في مدينة بروكلين بولاية نيويورك، فاطمة من أصول فلسطينية قضت في الولايات المتحدة الأميركية سبعة وثلاثين عاماً كاملة قامت خلالها بتربية ثلاثة أبناء، أعمارهم واحد وعشرون، وتسعة عشر، وسبعة عشر ربيعاً على التوالي، تقول فاطمة: "بالفعل نحن أتينا من مجتمعات كان دور المسجد فيها هامشياً وغير مؤثر؛ لذا يجب علينا الاستفادة من مناخ الانفتاح في تلك البلاد لصالح أولادنا ورغم أن تجربتي تبدو مختلفة، فأنا لست مجرد أم لثلاث شباب في سن المراهقة فقط، لكني مسؤولة عن برامج منظمة كبيرة تحاول جاهدة إقامة عالم متكامل للنشء والشباب المسلم في مجتمع غير مسلم، إلا أنني أحاول جاهدة إفادة الشباب المسلم عبر ربطه بالعالم المتكامل للمسجد".
لا يبدو أن مهمة منظمة "ماس" سهلة أبداً، فماس التي هي اختصار لجملة "المجتمع المسلم الأميركي" بالإنكليزية تحاول جاهدة اللحاق بالتغيرات العميقة التي تطرأ على هذا المجتمع الفتيّ، ورغم كونها أكبر منظمة إسلامية في أميركا الشمالية بعدد أعضاء يتجاوز المائة ألف عضو منتظم، وثلاثمائة ألف عضو منتسب، فإنها تعاني من ضعف التمويل الناتج عن المشكلة الرئيسية التي تواجه المساجد والمنظمات الإسلامية الأميركية وهي كونها قائمة بالأساس على تبرعات المسلمين.
وهو ما تشير إليه السيدة فاطمة بقولها: "المساجد هنا تقدم حياة كاملة لزوارها، فمثلا منظمة ماس في بروكلين تقدم ما يزيد عن سبع عشرة فعالية أسبوعياً تتنوع ما بين الدين "تحفيظ وقراءة قرآن" والثقافة "ندوات وورش تعليمية" والرياضة "حصص تدريبية في العديد من الرياضات"، وبالطبع يلزم لاستمرار تقديم تلك الخدمات للجالية بأسعار رمزية ومدعومة تدفق الدعم المالي للمؤسسة، وهو ما يحدث بالفعل من العديد من رواد مسجد المنظمة الذين يدركون صعوبة الحفاظ على مستقبل أبنائهم بدون الحفاظ على مستقبل تلك المساجد".
تصمت للحظة تأمل لا تطول، ثم تستكمل قائلة: "لكن أيضاً يجب أن نتذكر أن مستقبل الأبناء هنا غالباً ما يكون بيد الأم، فهي التي تضحي بوقتها وراحتها وتبذل جهداً مضاعفاً لغرس هوية الطفل من الصغر، مستعينة في ذلك بشتى الوسائل المساعدة ولو كلفها ذلك الكثير من الوقت والمال الخاص بالعائلة؛ ختاماً دعني أخبرك أنني أعرف العديد من الأسر هنا التي قد تجد صعوبة بالغة في توفير رسوم إلحاق أبنائها ببرامج المساجد الإسلامية، لكنها مع ذلك لا تفكر ولو للحظة واحدة في إخراج أبنائها من تلك البرامج؛ لأنها تدرك بشكل واضح أنه بدون انخراط هؤلاء النشء في تلك المساجد، فلا مستقبل لهم في أميركا.. لا مستقبل لهم أبدا!".
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.