لست من مدمني الأفلام الأجنبية، ولكني أحرص على متابعتها من وقت لآخر، وقبل البدء في مشاهدة أي فيلم، أبحث كثيراً، وأقرأ التعليقات عليه مسبقاً؛ كي لا أهدر وقتاً دون فائدة،.
وتعتبر الأفلام الحائزة على الأوسكار لها الأولوية في اختياراتي، هذا بالإضافة إلى نوعية أفلام الأكشن، الغموض والإثارة، بجانب أفلام الكارتون والأنيميشين التي لها مكانة خاصة في قلبي.
وهنا تنتابني الغيرة من الأطفال الأجانب؛ حيث فن صناعة محتوى فيلم خاص للأطفال يخاطبهم بِلُغتهم ويجذب انتباه الكبير قبل الصغير، وهذا الذي نفتقده كثيراً بعالمنا العربي.
والأفلام كثيرة، مثلاً أذكر منها (الفار الطباخ، السمكة نيمو، أب، الطفل الزعيم، كوكو…) Coco, The Boss Baby, Up, Finding Nemo, Ratatouille، وغيرها من الأفلام التي يحرص على مشاهدتها الكبير أيضاً قبل الصغير؛ حيث الإبداع في توصيل الرسالة بكل حِرفية، وبطريقة مُتقَنة، ومُقنِعة للمشاهد لدرجة تجعله لا يشعر بالملل من قضاء نحو ساعتين في مشاهدة فيلم بالتأكيد سيخرج منه بمعلومة، ولا يشعر بالإحراج من لقطات قد يخدش من خلالها حياء طفله، بل على العكس قد يوسّع مدارك الآباء والأمهات أنفسهم في كيفية توصيل المعلومة لأطفالهم حتى يفهموها دون مغالطات قد يضطرون إليها عند الإجابة على أسئلة أطفالهم (المحرجة) التي لا تنتهي.
بالتأكيد فإن هناك بعض الأفلام المخصصة للأطفال أيضاً تحتوي على مشاهد وألفاظ غير لائقة، وللأسف يشاهدها أطفالنا العرب بسبب عدم وعي آبائهم بخطورة ما يشاهده الطفل في هذا العمر الصغير، متغافلين عن الآثار المترتبة على متابعة الطفل لمثل هذه الأفلام، فهم للأسف يجدون راحتهم في جلوس الطفل أمام قنوات الكارتون، سواء من خلال التليفزيون أو التابلت دون إزعاج، لكن حديثي هنا عن تلك الأفلام التي تهدف إلى توصيل رسالة معينة فقط، دون الاعتماد على إثارة الجدل وحديث النقاد، وغيرها من الأشياء السهلة والسريعة التي تجعل الفيلم حديث السوشيال ميديا، ويحقق أعلى الإيرادات بمجرد عرضها.
في الأعمال المصرية.. يوجد مثلاً مسلسلات مثل: (بكار، عالم سمسم، بوجي وطمطم، سلسلة قصص الأنبياء، وسلسلة قصص (الحيوان، الإنسان، النساء، الآيات، وعجائب القصص) في القرآن الكريم، التي شارك في تقديمها الفنان يحيى الفخراني، هي من أفضل ما قدمت الصناعة المصرية للأطفال من حيث المحتوى والمعالجة الدرامية، مع الأخذ في الاعتبار طريقة توصيل الرسالة، التي للأسف لم ترقَ للأعمال الأجنبية التي تعتمد على توصيل الرسالة والهدف من الفيلم بطريقة غير مباشرة مع حبكة درامية قوية، هذا بالإضافة إلى الإنتاج الذي يظهر مع كل فيلم أنيميشن؛ حيث ملايين الدولارات التي تُصرَف على العمل، في إشارة منهم إلى احترام عقلية المشاهد والاهتمام بتشكيل ووعي الطفل عن طريق المؤثرات الصوتية والحركية وكل شيء يجعل العمل الفني أكثر تقنيةً، فأكثر تأثيراً في المشاهد، فمثل هذه المسلسلات التي تنتج خصيصاً في كل موسم رمضاني، أعتقد أن لها صدى عند الأطفال وتأثيراً أيضاً، لكن تأثيرها لا يُقارن بتلك التي تنتج بملايين الدولارات وتعرض في صالات السينما.
أما بخصوص أفلام الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد من إنتاج عربي، تعرض في السينمات ويصرف عليها الملايين، وتنافس الأنيميشن الغربي، فربما فيلم بلال الذي تم إنتاجه عام 2015 عن طريق إحدى أكبر شركات إنتاج أفلام "الأنيميشن" الخليجية ومقرها دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي فاقت تكلفته 30 مليون دولار، هو فقط الوحيد الذي يعتبر منافساً قوياً لمئات أفلام الأنيميشن الغربية التي تقدم للطفل الغربي وتزرع فيه الكثير من المعاني النبيلة والحِكم العظيمة، وترسخ في داخله مفهوم الوطن وحب العائلة ومعنى الإخوة والوفاء، وغيرها من المعاني التي ربما قد تفشل بعض الأمهات في توصليها لأطفالهن وهم بهذا العمر.
وفي اعتقادي الشخصي، أن مشكلة عالمنا العربي، بكل أسف، ليست في الإنتاج أو التأليف، فلدينا الكوادر التي تستطيع التأليف والإخراج والمعالجة الدرامية، ولدينا أيضا الأموال التي بالفعل تُصرف على أفلام ليس لها قيمة أو معنى، ومعظمها تخدم مصالح بعينها، وتعتمد على نجوم الشباك، ولكن المشكلة في الاستسهال وفي موضة (نحت الأفلام الأجنبية) وتقديمها للمشاهد بنكهة عربية.
هذا بالإضافة إلى عدم احترام المسؤولين وصانعي القرار في جميع المجالات، لعقلية عامة الشعب والطبقات المتوسطة وما تحتها، ضاربين بآدميتهم التي أكرمهم الله بها وميّزهم بالعقل والتفكير عن باقي خلقه، عرضَ الحائط.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.