شراكة مع فودافون وتبرع لصندوق تحيا مصر .. ما يجب أن يتعلمه محمد صلاح من أبوتريكة

عدد القراءات
11,482
عربي بوست
تم النشر: 2018/05/15 الساعة 11:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/15 الساعة 13:12 بتوقيت غرينتش

كان أسبوعاً من الحظوظ المتناقضة لأسطورتين من أساطير كرة القدم المصرية، فيوم الأربعاء، ضمن فريق محمد صلاح -ليفربول- مكانه في المباراة النهائية لنهائي دوري أبطال أوروبا، أكبر مسابقة كروية في أوروبا، يوم 26 مايو/ أيار ضد ريال مدريد.
ومع اقتراب الموسم من نهايته، سوف يفكر صلاح في الأرقام القياسية الأخرى التي تقف أمامه ليكسرها، أو تلك التي يضعها هدفاً لنفسه قبل نهاية الموسم،  بالإضافة إلى المطالبات الصاخبة بإدراجه في قائمة المرشحين للكرة الذهبية (الجائزة السنوية لأفضل لاعب كرة قدم)، والتي تتزايد كل يوم.

الجانب "الخطأ" من النظام

في وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع، يوم الثلاثاء، أُعلن أن محمد أبوتريكة -زميل صلاح السابق- وُضع على قائمة مختلفة تماماً وأكثر جدية من قبل محكمة جنايات القاهرة – وهي قائمة المشتبه في تورطهم في الإرهاب.
لاعب كرة القدم المتقاعد -والبالغ 39 عاماً- متهم بتمويل جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفت رسمياً منظمة إرهابية في مصر منذ عام 2013.
كان أبوتريكة على قائمة الإرهاب منذ يناير/كانون الثاني 2017، لكن حكم هذا الأسبوع سيمد تلك لمدة لخمس سنواتٍ أخرى. وبالإضافة إلى تجميد ممتلكاته، يواجه أبوتريكة خطر بالقبض عليه إذا حاول العودة إلى مصر (يقيم في قطر منذ أكثر من ثلاث سنوات).
قيل عن أبوتريكة في ذروة مجده إنه "ربما  يكون أعظم لاعب كرة قدم لم يسبق له اللعب في أوروبا أو أميركا الجنوبية" من قبل الصحفي الرياضي الإيطالي المخضرم جابرييل ماركوتي.

بينما يتم الاحتفاء بصلاح في جميع أنحاء العالم -وهذا مُنصف تماماً بالنسبة لقدراته الكروية والإنجازات الأخيرة والأعمال الخيرية التي يقوم بها- لا يقدر أبوتريكة على العودة إلى وطنه خوفاً من الاضطهاد.
لقد كانت لدى أبوتريكة إنجازات كثيرة عالية القيمة تم شطبها من الوعي الوطني من قبل نظام مصري يهدف إلى جعله عبرة لمن يقرر أن يكون على الجانب "الخاطئ" من النظام.
تبدو الرسالة واضحة بما فيه الكفاية لجميع الشخصيات العامة في مصر -بغض النظر عن حجم شبكة علاقاتهم، وبغض النظر عن سمعتهم- أي رفض للتحالف مع النظام سيؤدي إلى وصمك وسقوطك.
ولكن ربما كانت هناك رسالة أخرى مثيرة للقلق، أكثر ضمنيةً، والتي تنقلها الحكومة المصرية إلى شباب البلاد (40 % من السكان تتراوح أعمارهم بين 10 و20 سنة، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP)، وهي أن لتحقيق طموحاتهم وإطلاق إمكاناتهم وللحفاظ على وجود مستقر بعد ذلك، يجب عليهم مغادرة البلاد.

حب الناس

باستثناء المشاركة في كأس العالم مع المنتخب الوطني، حقق أبوتريكة كل ما يُمكن للاعب كرة قدم في إفريقيا أن يحققه. بصفته لاعباً مع نادي الأهلي في القاهرة، كان جزءاً هاماً من فريقٍ مكتسحٍ، فاز بين عامي 2004 و2011 بسبعة ألقاب من الدوري المصري الممتاز وكأسين محليتين وثلاثة دوريات أبطال إفريقيا.
ومع المنتخب الوطني، كان أبوتريكة مرة أخرى عنصراً هاماً للمنتخب المصري الذي فاز بكأس الأمم الإفريقية ثلاث مرات متتالية في 2006 و2008 و2010، وسجل الأهداف الحاسمة في اثنين من ثلاثة نهائيات.
بشكل فردي، حصل على جائزة أفضل لاعب محلي في إفريقيا أربع مرات، وفي عام 2008، فاز بجائزة بي بي سي لأفضل لاعب إفريقي في العام.
في ذلك الوقت، كانت إنجازاته مُقدّرة على نطاق واسع ومعترفاً بها في مصر وعلى الصعيد الدولي، وكان جزءاً كبيراً من هذا الإعجاب يكمُن في تجنبه الابتعاد عن اللعب في أوروبا؛ حيث بلا شك كان سيحوذ قدراً أكبر من الشهرة والثروة، لصالح استكمال مسيرته الكروية في مصر.
ردد زملاؤه والنقاد على حد سواء أن الشعبية والمكانة التي حققها في مصر تفوق بكثير المكافآت المالية للعب في أوروبا.
كتب الكاتب الصحفي الرياضي حسن المستكاوي، في جريدة الأهرام اليومية، المملوكة للدولة: "فاز أبوتريكة بأعلى جائزة يمكن لأي شخص تحقيقها، وهي حب الناس". كما صرح بوب برادلي، مدرب المنتخب الوطني السابق لمصر، في مقابلة مع موقع FIFA.com في مارس/آذار 2013 "في كل مكان ذهبنا إليه… كان الناس يقولون: يجب أن تختاروا أبوتريكة. شعبيته كبيرة بشكل مهول، والناس يحبونه".

"إنه محترم ليس كلاعبٍ فحسب، بل كرجل. لقد فعل كل الأشياء الصحيحة ليحافظ على مكانته في مستوى عالٍ. هو بلا شك قائد لنا، ويوفر الخبرة والذكاء بطريقة يمكن أن تحقق فارقاً كبيراً جداً في المجموعة".

لا حصانة

بناءً على ما سلف، تكون الصدمة أكبر حين يعيش هذا الرمز الرياضي الكبير في العالم العربي والأكثر شعبية في بلده في المنفى، ويتم وضعه على قائمة الإرهاب في مصر لمدة ثلاث سنوات، وما زال الوضع مستمراً. الادعاءات التي أثيرت في عام 2015، هي أن شركة السياحة أصحاب تورز التي ساعد أبوتريكة في تأسيسها ويمتلك أسهماً فيها كانت مرتبطة بالإخوان المسلمين.
اتُّهم أنس محمد عمر القاضي -الشريك في هذه الشركة- بارتكاب أعمال عدائية ضد الدولة، بينما يُزعم أن أموال الشركة استخدمت لتمويل الهجمات الإرهابية.
لكن أكد أبوتريكة أن القاضي لم يعد له علاقة بالشركة، وأن الشركة غيّرت اسمها في عام 2013. وعلى أية حال، يمكن للمرء أن يجادل بأن هذه المزاعم ليست سوى غطاء لاستهداف أبوتريكة لتصريحاته العلنية بتأييد مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2012.
عندما أعلنت هذه المزاعم لأول مرة، اعتقد الكثيرون أن شعبيته ستمنحه حصانة. "شعبيته أكبر بكثير من شعبية الرئيس… فهو ليس الشخصية الرياضية الأكثر شعبية فحسب، بل إنه الشخصية الأكثر شعبية"، كما قال حاتم ماهر، أحد كبار المحررين في الأهرام أون لاين- لميدل إيست آي في ذلك الوقت.

لسوء الحظ، لم يكن "الحب" والشعبية كافيين لحماية أبوتريكة -لا قانونياً ولا مادياً- من استهدافه من قِبَل النظام ومعاقبته و تجميد ممتلكاته.
ولكن ربما تكون النتيجة الأكثر مأساوية لهذه المحنة هي عدم قدرة أبوتريكة على حضور جنازة والده في مصر حين وفاته العام الماضي خوفاً من الاعتقال.

حر من بعيد

في هذه الاثناء، يستمر تألق صلاح في أوروبا، حر نسبياً من مخاطر وقيود السياسة المصرية. وعلى الرغم من أنه لا يزال بعيداً عن الاقتراب من تحقيق عدد الجوائز والأوسمة التي تزين السيرة الذاتية لأبوتريكة، فإنه الآن أحد أكثر الرياضيين شهرة في العالم.
يأتي ذلك مع صفقات رعاية مربحة مع شركات أمثال بيبسي وأوبر وفودافون، وعقد جديد محتمل مع ناديه بمبلغ يصل إلى 185,000 يورو (251,000 دولار) في الأسبوع.. كل ذلك حققه عن طريق اجتهاده ومثابرته.

قال برادلي، الذي أشرف على تدريب صلاح وأبوتريكة خلال فترة توليه منصب المدير الفني للمنتخب الوطني المصري: "كان اللاعب الكبير بالنسبة لنا هو محمد أبوتريكة. تطلع صلاح إليه كلاعب وكرجل. يمكنك أن تقول إنه أراد التعلم منه والقيام بالأشياء بالطريقة الصحيحة".

من المؤكد أن الشيء الأساسي الذي تعلمه صلاح من القصة التحذيرية لأبوتريكة، هو أن الحفاظ على نهج متصالح مع النظام المصري أمر بالغ الأهمية للنجاة. ولهذا -على سبيل المثال- تبرع لصندوق "تحيا مصر" الذي أنشأه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لكن ربما يوجد درس مرير آخر بالنسبة لصلاح -ولبقية شباب البلد- أن من الأفضل أن تستفيد من عملك الشاق وموهبتك بعيداً عن مصر، بينما لا تزال الفرصة موجودة؛ لأنه بغض النظر عن المبلغ الذي تقدمه لبلدك او مدى خدمتك لها سيكون وجودك دوماً غير مستقر ونادراً ما يؤتي ثماره.

هذه المادة مترجمة عن موقعmiddle east eye. للاطلاع على المادة الأصلية من هنا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
مصطفى محمد
مدوّن مصري
مدوّن مصري
تحميل المزيد